الدكتورة جيهان يس تكتب: المرأة في رمضان

كتب: الوطن

الدكتورة جيهان يس تكتب: المرأة في رمضان

الدكتورة جيهان يس تكتب: المرأة في رمضان

النفحات هى المنح والمكافآت عن الأعمال الجليلة، وعندما تكون من رب العزة فلا يستطيع بشر أن يتصور قدرها من الأجر والثواب، والتى تنعكس على نعم الله المعيشية علينا فى الدنيا، وهى المال والبنون والصحة والعمل، وفى نعيم الآخرة، وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وشهر رمضان تتسع نفحاته، وله صفات خاصة وأجواء متميزة عند الفطور والسحور، مما يجعل المرأة تقضى وقتاً لا بأس به فى مطبخها لإعداد الطعام وإفطار الصائمين، هل هذا الوقت تؤجر وتثاب عليه من الله عز وجل أم يكون هباء منثوراً؟

للإجابة عن هذا السؤال لا بدَّ أن نتعرض لبعض النقاط المهمة التى يجب الوقوف عليها، لأن شهر رمضان شهر العبادة والصيام والقيام واغتراف الحسنات، فاجعليه أختى المسلمة شهراً شاهداً عليكِ، فشمّرى عن ساعد العزم واعقدى على التوبة، وأرِى الله من نفسك خيراً فى هذا الشهر الكريم. واجعلى نيتك خالصةً لوجه الله الكريم وأنتِ تقومين بإعداد الإفطار، قال رسول الله: «إِنَّ اللَّهَ لَيُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الوَاحِدِ ثَلَاثَةً الجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِى صَنْعَتِهِ الخَيْرَ وَالرَّامِيَ بِهِ وَالمُمِدَّ بِهِ». فاحتسبى عند الله تعالى أجر تفطير الصائم، وإن كان لأفراد عائلتك، فإن العمل بالنية، لقوله: «إنما الأعمال بالنيات»، فالعادات الطيبة بحسن النية عبادات. وخدمة المرأة فى بيتها تعدل الجهاد فى سبيل الله، أتت أسماء بن يزيد إلى رسول الله، فقالت: «بأبى وأمى أنت يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد فى سبيل الله، وإن الرجل إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أفما نشارككم فى هذا الأجر والخير؟».

فالتفت النبى إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها فى أمر دينها من هذه؟»، فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدى إلى مثل هذا». فالتفت النبى إليها فقال: «افهمى أيتها المرأة، وأعلِمى من خلفك من النساء أن حسن تبعّل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله»، فانصرفت «أسماء» وهى تهلل.

شهر الزهد والافتقار إلى الله وعدم الإسراف، فاحذرى الإسراف فى الطعام والشراب، والتخمة تصيب الإنسان بالتراخى والكسل وتفقد لذة الذكر وحلاوة المناجاة. كذلك عليك بالاقتصاد والتدبير، فأنت راعية فى بيتك، ومسئولة عن رعيتك، فإن كان فى هذا الشهر تكثر العزومات للأهل والأحباب، فهذا لا يعنى الاقتراض والتكلف للحاضرين. حاولى أن يكون اجتماعكم مقصوده الأسمى طاعة الله، وإن كان على قليل من الطعام، ولتزينوا الاجتماع بصلاة التراويح وقراءة القرآن.

أكثرى من الذكر والدعاء والاستغفار وقراءة القرآن، فإن الذكر خير معين، وجالب للخيرات فى البيت. قال سيدنا أبو هريرة رضى الله عنه: (البيت إذا تُلى فيه كتاب الله اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة، وخرجت منه الشياطين، والبيت الذى لم يتلَ فيه كتاب الله ضاق بأهله، وقلَّ خيره وتنكبت عنه الملائكة وحضره الشياطين). لا تجعلى يوم صومك كيوم فطرك، احذرى القيل والقال والغيبة والنميمة، اجعلى لسانك مع أعمالك ذاكراً وقلباً محتسباً خاشعاً.

اللهم اجعلنا فى هذا الشهر الكريم من المقبولين، الذين غفر لهم ما تقدم من ذنوبهم، وكُتب لهم أعلى مراتب الجنان.

*واعظة بوزارة الأوقاف


مواضيع متعلقة