«نور الدين» الدكتور علي جمعة
أثناء صلاة الجمعة يوم (٥ أغسطس ٢٠١٦) حاول ثلاثة مُلثمين مُسلحين -من المنتمين لحركة «حسم» الإرهابية- اغتيال الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق ورئيس لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب، وهو فى طريقه إلى المسجد، تم القبض عليهم واعترفوا اعترافات تفصيلية أثناء التحقيق معهم فى نيابة أمن الدولة العليا بتخطيطهم للعملية، وقالوا نصاً: شَكّلنا مجموعتين نوعيتين غرضهما استهداف رجال الدين والقضاة ورجال الشرطة، ونستهدف كل مَن يؤيد الدولة، وجاءت لنا تعليمات من قيادات تُقيم فى الخارج تُشَكِل غُرفة عمليات دائمة لمُتابعة ما نقوم به وإعطائنا التعليمات، وهاتان المجموعتان هما (حركة حسم) -تم إدراجها على قوائم الإرهاب فى مصر، وتم إدراجها على قوائم الإرهاب فى أمريكا فى يناير ٢٠١٨- و(حركة لواء الثورة)، وقالوا لنا: عليكم إصدار بيانات إعلامية عن كل مجموعة بالعمليات التى يتم ارتكابها، حتى يشعر المواطن فى «مصر» بأن الدولة هَشّة وضعيفة وغير آمنة.
وعلى الدوام تستهدف الجماعة الإرهابية الدكتور على جمعة، لأنه ثابت على مواقفه المُناهضة لِفكرهم ونهجهم وتطرّفهم، وقوى فى حُجَته، وعلى الدوام يحاولون اغتياله فكرياً باجتزاء كلمات من أقواله أو تفريغ فَتاواه من محتواها عن قصد وبِتَعمُّد شديدين.
الدكتور على جمعة يحاول جاهداً مُجابهة أفكار هؤلاء المُتطرفين بالفِكر، وهو ما كُنا نتمناه ونأمله منذ سنوات، وتم تنفيذ هذه الفكرة فى برنامجه الجديد الذى يحمل اسم «نور الدين»، ويذاع يومياً على (قناة ON) -وهى إحدى قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية- طوال شهر رمضان، برنامج يفتح باب النقاشات الهادفة النافعة ويُشجّع على التفكير الصحيح فى الاتجاه الصحيح للصغار والكبار، وهى خطوة مُهمة جداً وإيجابية نحو قيام العلماء ورجال الدين والدعاة بدورهم التنويرى نحو مواجهة القضايا الشائكة دون خوف أو حرج، وهو برنامج اقتحم منطقة مسكوتاً عنها فى الوعى الدينى وصنع وعياً مُعتدلاً سهلاً مقبولاً لدى الصغار قبل الكبار، وعياً دينياً يشمل فَتح حوار يعتمد على مواجهة الأطفال والكبار للدكتور على جمعة يسألونه فيُجيب ويطلبون شرحاً لآية معينة فيشرح لهم ويفيدهم ويعطيهم الفتوى الصحيحة، بعيداً عن أولئك المتاجرين بالدين، والذين يستخدمون الدين لخدمة أغراضهم ومآربهم، وهُم الذين قال عنهم الله -عز وجل- فى كتابه الكريم فى سورة التوبة - الآية (٩) - (اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا).
وخلال برنامج «نور الدين» سألت طفلة الدكتور على جمعة سؤالاً: ليه المسلمين بس هما اللى هيدخلوا الجنة؟ ليرُد عليها الدكتور على جمعة ويقول: ومين قال إن المسلمين بس هُما اللى هيدخلوا الجنة؟ استند الدكتور إلى (الآية ٦٢) من سورة البقرة والتى قال فيها الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، لم يَسلَم «الدكتور على جمعة» من ألسنة المُتطرفين الهاربين بالخارج، والذين حاولوا اغتياله مرة ثانية، لكن هذه المرة كانت اغتيالاً معنوياً، وهاجموه وانتقدوه وشَهَروا به.
والرد عليهم باختصار: لسنا عُنصريين، وإن الله لا يُضيع أجر من أحسن عملاً، والجنة جنة الله، لا يوجد أحد لديه مفاتيح الجنة ولا مفاتيح النار، لا نُدخل أحداً الجنة ولا نُدخل أحداً النار، والرسول، صلى الله عليه وسلم، أعطى ميزاناً دقيقاً جداً لذلك حينما قال: لن يدخُل أحد الجنة بعمله إلا أن يتغمده الله برحمته.. والسؤال هو: مَن قال إن الرحمة مقصورة على المسلمين.. الله أثنى على الحواريين وأهل الكتاب، وأثنى على علماء أهل الكتاب، ولا نحكُم على أحد بأنه من أهل الجنة أو أهل النار، لأن الله أثنى على أهل الكتاب الصالحين الذين يدخلون جنة ربهم، فالجنة ليست حِكراً لشريعة على حساب شريعة أخرى، أو حِكراً لأتباع شريعة على حساب أتباع شريعة أخرى.
وللدكتور على جمعة أقول: يا «نور الدين» سِر فى طريقك التنويرى، زِدنا من عِلمك، اقضِ على التطرف، اجعل أطفالنا يتعلمون سماحة الدين واعتداله، انزع من عقول الكبار أى عنصرية أو عصبية أو فهم خاطئ للدين.. ربنا معاك وجزاك الله خيراً.