"دار كسوة الكعبة".. قيمة تاريخية تحولت إلى مخزن تابع لـ"الأوقاف"

كتب: زياد السويفى

"دار كسوة الكعبة".. قيمة تاريخية تحولت إلى مخزن تابع لـ"الأوقاف"

"دار كسوة الكعبة".. قيمة تاريخية تحولت إلى مخزن تابع لـ"الأوقاف"

اهتم الحكام الفاطميين، مع نشأة الدولة الفاطمية، بإرسال كسوة الكعبة كل عام من مصر، وفي عهد الدولة المملوكية، أصبحت الكسوة ترسل من مصر، حيث كان المماليك يرون أن هذا شرف لا يجب أن ينازعهم فيه. وتأسست دار لصناعة كسوة الكعبة بحي "الخرنفش" في القاهرة عام 1233هـ، بمنطقة باب الشعرية، وما زالت هذه الدار قائمة حتى الآن، بينما استمر العمل في الدار حتى عام 1962م، حيث توقفت مصر عن إرسال كسوة الكعبة، بعد أن تولت المملكة العربية السعودية شرف صناعتها. يقول الحاج علي محمود (83 عاما) صاحب محل سباكة بجوار الدار، لـ"الوطن": "عاصرت الدار في مجدها، وكنت أدخلها وأرى العمال وهم يخيطون الكسوة ويزخرفونها"، مشيراً إلى أن عدد العمال كان 15 عاملا فقط تابعين لوزارة الأوقاف وقتها، وكانوا كبار السن، حيث كان يزور الدار العديد من الشخصيات العامة والمسؤولين بصفة مستمرة، وكانت الابتسامة على وجوههم بهذه المناسبة. وأوضح علي، أنه لم يتعرف على دار الكسوة إلا من خلال أهالي الحي المقيمين بجانبها، فالباب الخشبي المميز لها تآكل بفعل الزمن، ما دفع وزارة الأوقاف إلى تعزيزه ببوابة حديدية كبيرة، بهدف الحفاظ على المكاتب الخشبية والكراسي والسيارات المتهالكة القديمة، التي تحتفظ بها داخل أروقة وعنابر الدار، أي ان الوزارة جعلت الدار مخزنا لها. وتابع "تراكمت الأتربة داخل الدار، وعلى اللوحة المعدنية المكتوب عليها (دار الكسوة المشرفة)، حتى طُمست الأحرف لتختفي كل معالم الدار، ومن الخارج سقطت واجهة السور بفعل الرطوبة". وأضاف علي، أن منزل والد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كان في الحارة القريبة من الدار، والتي تسمى "حارة اليهود"، حيث كان يعمل في مكتب بريد باب الشعرية، وكان الرئيس يزور هذا المنزل كثيرا. يقول علي: "رحلات المحمل كانت تخرج من دار الكسوة، وتحمل كسوة الكعبة في زفة شعبية كبرى على الجمال حتى مسجد الحسين، ثم مسجد الجعفري متجهة إلى السويس وميناء العقبة، في رحلتها الشهيرة إلى الأراضي المقدسة". وأشار علي، إلى أن الدار كان تحتوي على 3 عنابر بالدور الأسفل، تستخدم كمخازن ومكان لمبيت الجمال، التي كانت تحمل الكسوة أثناء نقلها لمكة المكرمة، ويوجد في الدور العلوي 3 عنابر أخرى، ومكتب لتصنيع الكسوة. من جانبه، قال ملاك سعيد (67 عاما)، جار الدار، وصاحب أحد المحال: "الحكومة ووزارة الآثار أهملت في حق دار، له قيمة عظيمة عند المصريين، الحكومة يجب أن تعرف جيدا أن مصر هي الأصل في كسوة الكعبة منذ زمن طويل، ويجب أن يكون لها دور تنفذه مصر من خلال هذا الدار ولو بسيط، المهم ألا ينقطع دورها في كسوة الكعبة، التي اعتاد عليها الشعب المصري وأهملت في هذا الوقت". وأكد سعيد، أن وزارة الأوقاف ترسل يوميا بعض الموظفين للإشراف على المكان، وغالبا عندما يحتاجون بعض متطلباتهم من المخزن، مطالبا بانضمام الدار لوزارة الآثار، والاهتمام به وتطويره، ووضع بعض اللوحات والمقتنيات الخاصة التي تدل على معالم الدار، حتى تكون مزارا تاريخيا للأجيال القادمة، لمعرفة دور مصر تجاه الكعبة والبيت الحرام والمقدسات الإسلامية. وأشار إلى أن الكثير من جيران الدار مسيحيين، وأصحاب محال تجارية، لكن السعادة كانت ترتسم على وجوهنا في ظل عمل الدار، بخاصة في موسم الحج، وخروج الكسوة من الدار متجهه للسعودية.