محمود الجارحي يكتب: رسالة موجعة من نيرة طالبة العريش

كتب: محمود الجارحى

محمود الجارحي يكتب: رسالة موجعة من نيرة طالبة العريش

محمود الجارحي يكتب: رسالة موجعة من نيرة طالبة العريش

سيدى المحقق.. الحضور الحزين.. السادة المتابعون.. أهلا بحضراتكم جميعا.. أنا نيرة الزغبي.. المعروفة لدى الجميع.. نيرة طالبة العريش.. نعم أنا هي.. طالبة الطب البيطري بجامعة العريش.. شاهدتك أمام قبري.. يوم السبت الماضي.. حضرت الى مقابر أسرتي بقرية ميت طريق بمركز دكرنس بمحافظة الدقهلية.. حضرت ومعك عدد من قوات الشرطة.. وكان بجوارك والدي ووالدتي.. حضرتم جميعًا.. بحثًا عن الحقيقة.. هل تسمحون لي بالكلام.. هل قلوبكم بها متسع لكلماتي.. لن أطيل عليكم.. لم أرتكب ذنبًا.. أعتذر أنني أوجعتكم.. لكنه وجع لا يقارن بالوجع الذي أنهى حياتي.

ودعت الجميع يوم الخميس من الأسبوع قبل الماضي.. تناولت أقراص من الحبة السامة..عطلت جميع أجهزة الجسم.. حملوني في سيارة إسعاف مستشفى العريش.. لم أعرف كيف نقلوني إلى المستشفى ولم أتحمل الألم كثيرًا.. ألم الابتزاز من إحدى صديقاتي وشخص آخر.. ألم الابتزاز الذي مارسته تجاهي جعلني لم أفكر في الأمر كثيرًا.. توجهت إلى إحدى المحلات واشتريت حبة سامة.. وتناولتها ولم يتمكّن الأطباء من إسعافي.. وسرعان ما انتهت حياتي داخل المستشفى ونقلوني بسيارة إلى بلدي قرية ميت طريف.. مسافة طويلة تصل إلى 283 كيلومترًا.. قرابة 6 ساعات قطعتها كثيرًا وأنا أنزل إجازة في مرات عديدة.. ولكن هذه المرة كان الرجوع دون عودة.

سيدي المحقق.. أنا هنا من موقعي لا أريد شيئا.. الحمد لله على ما أنا فيه.. سيدي المسافة طويلة والألم والحسرة والحزن متمكّن من والدي.

سيدي.. أحدثك عن صرخات أمي ولوعتها ودموعها وحسرتها.. أحدثك عن صرخاتها التي لا تتوقف.. حتى وصلت إلى المستشفى وأخبرها الطبيب بوفاتي.. انطلقت صرخاتها.. لا تتوقف لحين وصل جثماني الى قريتي.. كان صوت أمي ضعيفًا.. ميزت صوتها رغم صرخات النساء من أقاربي وجيراني وأصدقائي المخلصين.

أمي.. هل تسمحين لي أن أمسح دموعك.. هل تقبلين أن أرتمي بين ذراعيك وأبقى لدقائق قبل إعادة دفن جثماني مرة أخرى؟ عليكِ أن تطمئني يا سيدتي.. أنا بخير.. أنا الآن في مكان أفضل.. أنا هناك بين يدى ربي.


مواضيع متعلقة