تحدي البريكس للدولار: هل يتزعزع عرش الدولار كعملة عالمية رئيسية؟
في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية المتسارعة، تبرز تحديات جديدة تواجه هيمنة الدولار الأمريكي كعملة عالمية رئيسية. في هذا السياق، تأتي مجموعة "البريكس" كقوة اقتصادية عالمية جديدة، فمع انضمام مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والأرجنتين وإندونيسيا إلى المجموعة. أصبح حجم اقتصاد البريكس يمثل 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مما يهدد هيمنة الدولار الأمريكي كعملة عالمية رئيسية.
تحدي البريكس للدولار: إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي
مجموعة البريكس، بقيادة اقتصادات ناشئة قوية مثل الصين والهند، تسعى جاهدة لتقليل الاعتماد على الدولار في التجارة الدولية والمعاملات المالية. هذه الدول تعزز من استخدام عملاتها الوطنية في التبادلات التجارية الثنائية وتسعى لإنشاء آليات مالية بديلة ويسعى إلى ذلك من خلال:
إنشاء عملة احتياطية عالمية جديدة
تسعى مجموعة البريكس إلى إنشاء عملة احتياطية عالمية جديدة مدعومة بسلة من العملات المحلية لدول المجموعة.
إنشاء نظام مدفوعات دولي جديد
تسعى مجموعة البريكس إلى إنشاء نظام مدفوعات دولي جديد لا يعتمد على نظام SWIFT الحالي، الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة.
زيادة التعاون التجاري بين دول المجموعة
تسعى مجموعة البريكس إلى زيادة التعاون التجاري بين دول المجموعة باستخدام العملات المحلية بدلاً من الدولار.والدليل على ذلك كما حدث في مبادرات مثل بنك التنمية الجديد التابع للبريكس واتفاقيات السواب الثنائية للعملة.
الدولار.. القوة والتحديات
الدولار الأمريكي بصفته العملة الاحتياطية العالمية، يتمتع بمكانة مهيمنة تدعمها قوة الاقتصاد الأمريكي والثقة العالمية في استقراره. ومع ذلك، فإن الديون القومية المتزايدة للولايات المتحدة والسياسات النقدية المتقلبة والتوترات العالمية المتزايدة نتيجة للأزمات الدولية، بما في ذلك حرب روسيا و أوكرانيا ، الحرب على غزة. الدعم المالي الأمريكي لأوكرانيا وإسرائيل يضيف إلى الضغوط المالية، مما يسهم في زيادة الإنفاق الحكومي، هذه الزيادة في الإنفاق بالتزامن مع التحديات الاقتصادية الأخرى تغذي التضخم داخل الولايات المتحدة. التضخم المرتفع يؤثر سلبًا على قوة الدولار الأمريكي، مما يضعف مكانته كعملة احتياطية عالمية رئيسية ويؤثر على الاقتصاد الأميركي. كل هذا أثار تساؤلات حول استدامة هذا الوضع على المدى الطويل.
هل يتزعزع عرش الدولار؟
بينما تعمل مجموعة البريكس على تعزيز التعاون الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الدولار، فإن تحدي عرش الدولار كعملة عالمية رئيسية يظل معقداً وطويل الأمد، النظام الاقتصادي العالمي متشابك بعمق مع الدولار وأي تحول سيتطلب توافقاً واسع النطاق بين الدول حول بدائل مستدامة، فمن الصعب التنبؤ بما إذا كان الدولار سيفقد هيمنته كعملة عالمية رئيسية في المستقبل القريب.
ومع ذلك، يجب ألا نستهين بالتغييرات التدريجية التي يمكن أن تؤدي إلى إعادة توازن القوى الاقتصادية العالمية مثل الاستثمارات في البنية التحتية المالية، التكنولوجيا، والابتكار، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات التجارية الإقليمية، يمكن أن تسهم في تحقيق مزيد من الاستقلال الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الدولار.
مصر والمشهد الاقتصادي العالمي
مصر، كجزء من الاقتصادات الناشئة، تلعب دوراً متزايد الأهمية في هذا السياق. مع تحسين البنية التحتية المالية، وتطوير السياسات الاقتصادية لجذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز التجارة الخارجية، تسعى مصر لأن تصبح مركزاً اقتصادياً رئيسياً في الشرق الأوسط وأفريقيا. الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة والمشروعات الكبرى تعكس التزام مصر بتحقيق نمو اقتصادي مستدام، كما تعمل مصر على:
زيادة حجم التجارة مع دول البريكس
تسعى مصر إلى زيادة حجم التجارة مع دول البريكس باستخدام العملات المحلية بدلاً من الدولار.
جذب الاستثمارات من دول البريكس
تسعى مصر إلى جذب استثمارات جديدة من دول البريكس في مجالات الطاقة والبنية التحتية والسياحة.
تعزيز التعاون مع دول البريكس في مجالات أخرى
تسعى مصر إلى تعزيز التعاون مع دول البريكس في مجالات الطاقة والأمن الغذائي والتغير المناخي.
لمصر وغيرها من الدول الناشئة، يمثل هذا الوقت فرصة لتعزيز مكانتها في الاقتصاد العالمي من خلال التكيف مع التحولات الجديدة والاستفادة منها لتحقيق نمو اقتصادي مستدام.