رسالة «بوعزيزي» الأمريكي هل تصل «بايدن»؟!
لا حديث للعالم خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية إلا عن ذلك المشهد القاسى للطيار الأمريكى آرون بوشنل، الذى أشعل النار فى نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأمريكية واشنطن، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، احتجاجاً على حرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين فى غزة.. أراد أن يُرسل رسالة إلى كل دول العالم بصفة عامة، وإلى الرئيس الأمريكى جو بايدن، ساكن البيت الأبيض، وإلى الشعب الأمريكى لوقف المجازر التى ترتكبها إسرائيل على مدى ٥ شهور ضد أطفال غزة والنساء والعجائز والمدنيين بمباركة ودعم عسكرى وسياسى واقتصادى غير مسبوق من أمريكا وحلفائها!
الطيار الأمريكى المنتحر يتبع القوات الجوية الأمريكية لم يتحمل قسوة حرب الإبادة البشرية التى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، باعتباره رجلاً عسكرياً بالجيش الأمريكى يدرك، وهو قائد لطائرة عسكرية ماذا تفعله هذه المتفجرات التى تلقيها الطائرات الإسرائيلية ليل نهار على المدنيين، لذلك حرص على تصوير مشهد إشعال النار فى نفسه أمام السفارة الإسرائيلية بواشنطن، وقام بعمل بث مباشر على إحدى منصات التواصل الاجتماعى وهو يتحدث عن السبب الذى جعله يقدم على الانتحار والتضحية بروحه، حتى لا يترك فرصة لأحد لاتهامه بالجنون والمرض النفسى، للتغطية على هدفه الحقيقى بإلقاء الضوء على مأساة الشعب الفلسطينى، وهى القضية التى يموت من أجلها، ويُنهى حياته بسببها.
شهد العالم كله سيناريو انتحار الطيار الأمريكى آرون بوشنل على الهواء مباشرة، حيث سار بكل هدوء إلى مقر السفارة الأمريكية بواشنطن، حاملاً زجاجة مملوءة بالبنزين، للانتحار على طريقة بوعزيزى التونسى، وبث رسالته الأخيرة قبل أن يضرم النيران فى نفسه بعد أن سكب البنزين على رأسه وملابسه.. قال كلمات أتمنى أن يتوقف أمامها قادة أمريكا والاتحاد الأوروبى طويلاً، حيث قال: «لن أكون مشاركاً بعد الآن فى الإبادة الجماعية فى غزة.. أنا على وشك القيام بفعل متطرّف ولكن بالمقارنة مع ما يلقاه الناس فى فلسطين على يد المستعمرين، فهذا ليس تطرّفاً على الإطلاق.. هذا ما قرّره حكامنا بأن يكون أمراً عادياً»، ثم أشعل النار فى نفسه وظل يهتف بالحرية لفلسطين حتى سقط على الأرض جثة هامدة.
لا شك أن انتحار الطيار الأمريكى بهذا الشكل أمام السفارة الإسرائيلية، وهذه الرسائل التى سجّلها وأرسلها إلى الجميع، وعلى رأسهم قيادات بلده أمريكا على وجه الخصوص أثارت الرأى العام العالمى، وكانت مثار حوار ونقاش كبير على جميع المستويات خلال الساعات الماضية وطغت عدة تساؤلات على المشهد، هى: ما الذى يدفع هذا الطيار الشاب الذى يبلغ من العمر 25 عاماً للانتحار من أجل الفلسطينيين؟
والسؤال الأهم هل وصلت الرسالة التى أرادها إلى الرئيس الأمريكى بايدن؟ وهل وصلت الرسالة إلى زملائه فى الجيش الأمريكى الذين يحاربون مع إسرائيل؟ وهل وصلت الرسالة إلى وزير الدفاع الأمريكى وإلى أصحاب القرار فى الجيش ومجلسى النواب والشيوخ والقائمين على صنع القرار الأمريكى؟!
هل وهل وهل.. الأسئلة كثيرة، لكنى أتمنى ألا يصل الأمر لأن نسأل السؤال الصعب: هل دفع هذا الطيار حياته دون جدوى، وتم الضرب برسائله عرض الحائط بعد اتهامه بالجنون والمرض النفسى؟!
أتمنى أن تصل الرسالة إلى الرئيس الأمريكى بايدن، وإلى حلفاء أمريكا من دول الاتحاد الأوروبى، وأتمنى أن يجبر «بايدن» نتنياهو على وقف هذه المجازر التى يندى لها جبين البشرية، فهل يحدث؟ إنّا لمنتظرون!