«رأس الحكمة» تهزم أهل الشر

ليست لدىّ خبرة حقيقية فى الاقتصاد.. ولا أدّعيها بأى حال، ولا فى أى مناسبة.. فقط هى بعض المعلومات العامة التى أستقيها من المنصات الإخبارية.. وبعض النصائح التى ألجأ فيها إلى خبراء فى عالم المال والأعمال تربطنى بهم علاقات شخصية.. لأحاول أن أستوعب ما يدور داخل هذا العالم المعقّد.. وألتمس بها ما يمكن أن يحدث فى الأيام القادمة.

كل ما سبق يجعل أى تقييم من شخصى لمشروع اقتصادى عملاق كمشروع «رأس الحكمة» لا قيمة له على الإطلاق.. بل يجعل دفاعى عنه، أو حتى انتقادى له لا محل له من الإعراب بأى حال.. باعتبار أننى لا أمتلك القدرة على التقييم من الأساس.. ولكننى فوجئت بعد الإعلان عن المشروع بما جعلنى أطمئن كثيراً أنه إحدى أهم الخطوات التى تمّت فى مسيرة الوطن الاقتصادية.. ربما عبر التاريخ الحديث كله.

فمنذ أن تم الإعلان عن المشروع، لم تتوقف أصوات العويل على مواقع التواصل الاجتماعى بين أتباع الجماعة الإرهابية وأنصارهم ممن ينكرون انتماءهم وتفضحهم مواقفهم.. وهو أمر علمتنى الخبرات المتراكمة عبر عقد ويزيد من الزمان أن يجعلنى أطمئن كثيراً أن المشروع يحمل الكثير من الخير لهذا الوطن.. فما كان لهم أن يصرخوا ويُشكّكوا وينهالوا بالهجوم والاتهامات على الدولة المصرية إلا لو كان المشروع فى صالحها.. وما كنت لتسمع لهم صوتاً إلا لو كان المشروع قليل النفع لها.. بل ربما أثنوا عليه لو كان يحمل الضرر لأبناء هذا الوطن.. هكذا تعودنا من سنوات طويلة.

المشروع منذ لحظة الإعلان عنه أصبح الشغل الشاغل لمعظم المطرودين من هذا الوطن على كل مواقع التواصل.. البعض يتّهم الحكومة بأنها باعت قطعة من أرض الوطن.. والبعض الآخر بات يُشكّك فى قيمته الاقتصادية.. متعلّلاً بأن أى مشروع لا تكون نتيجته المباشرة الفورية هو انخفاض سعر اللحوم فى الأسواق، هو مشروع لا يعول عليه!

لا أعرف السبب الذى جعل البعض يذكر فكرة البيع من الأساس.. مَن الذى قال إن الاستثمار هو بيع؟! مَن الذى فكر فى تلك الفكرة الشيطانية لينشرها بين الناس؟! القاهرة بها أكثر من مجمع تجارى يمتلكه مستثمر عربى منذ سنوات.. هل بِعنا له جزءاً من القاهرة؟! هل رفع علماً على تلك المجمّعات التجارية واستقل بها؟!

الطريف أن البعض قد طالب بعرض الاتفاق على البرلمان، باعتباره أحد أمور السيادة التى تتطلب موافقته.. وهو أمر مثير للضحك أكثر من إثارته للشفقة على هؤلاء المساكين من أهل الشر المكلومين فى خطتهم الطويلة للإيقاع بهذا الوطن.

يعانى الاستثمار الخليجى فى مصر منذ فترة ليست بالقصيرة.. يواجه حملة كراهية منتظمة ومستمرة منذ عقود طويلة.. حملة تجعله دوماً يتلمس الكثير من العوائق فى النمو والتطور.. وتجعل معظم المستثمرين من الخليج يفكرون طويلاً قبل الاستثمار فى مصر.

والحملة معروف أسبابها ودوافعها، بل ومن الذى وراءها.. فالبعض يكره أن يرى أى استثمار فى مصر.. أو أى نمو أو انتعاش لاقتصادها.. فضلاً عن رغبتهم فى توجيه أى رؤوس أموال من الخليج إلى دول بعينها.. ليس من بينها مصر بكل تأكيد.

المشروع يبدو طبقاً لما تم الإعلان عنه حتى الآن أحد أفضل المشروعات التى انخرطت فيها الدولة المصرية بشكلها الجديد.. وربما كان هو الخطوة الأولى لمشروعات مماثلة فى مناطق مختلفة فى مصر.. وأول الطريق للخروج من أزمتنا الاقتصادية التى نعانى منها منذ فترة.. وأثّرت كثيراً على الجميع.. أو هكذا أعتقد.