وتأتي الرياح بما تشتهي رأس الحكمة

جمال حسين

جمال حسين

كاتب صحفي

لا يختلف اثنان على أن مشروع تطوير مدينة رأس الحكمة بشراكة مصرية إماراتية لاقى ارتياحاً كبيراً من مواطنى البلدين، باعتباره أحد المشروعات الكبرى، ويُعد بمثابة بوابة خير لكلا البلدين.. المصريون والإماراتيون استقبلوا أنباء الإعلان عن المشروع بسعادة وارتياح، ولم يعترض عليه إلا الكارهون والحاقدون والمنابر الإخوانية التى لا تريد خيراً للبلدين، حيث يقودون حملات موجّهة ويسوقون الادعاءات والأكاذيب ويصطادون فى الماء العكر.

والحمد لله جاءت الرياح سريعاً بما تشتهى رأس الحكمة فى رد عملى على هؤلاء الأشرار.. فور التوقيع على عقود المشروع حدث انهيار كبير فى السوق السوداء للدولار، وهبط سعر الدولار بشكل لم يتوقّعه أكثر المتفائلين إلى الأربعينات، مع توقعات لخبراء الاقتصاد بالمزيد من الانخفاض مع اقتراب دخول الشريحة الأولى من قيمة الصفقة خلال الأيام المقبلة.. وأكد خبراء مصرفيون أن الدولار يتّجه نحو المسار الهبوطى، بعد صعوده إلى مستويات قياسية نتيجة المضاربات والممارسات الضارة بالسوق والاقتصاد المصرى، مؤكدين أن آثار الإعلان عن الصفقة ستظل فى السوق وستُعزّز من نتائجها احتمالية وجود صفقات أخرى مثيلة فى الطريق.

أيضاً حدث خلال الأيام الثلاثة الماضية هبوط حاد فى أسعار الذهب بدرجة أذهلت الجميع، حيث تراجع سعر الذهب بالسوق المصرية إلى أقل مستوى خلال شهرين، وسجّل جرام الذهب عيار 21، وهو الأكثر مبيعاً فى مصر، 2900 جنيه، بانخفاض أكثر من ألف جنيه، وسط انخفاض فى الطلب الفعلى على الذهب خلال الفترة الحالية. ويعيش حالياً من قاموا بتخزين الذهب والدولار فى قلق شديد، ويقومون بمراجعة حساباتهم، كما حدث بالفعل انخفاض فى أسعار كل من الذرة وفول الصويا.

نعم الشعب المصرى متفائل بصفقة رأس الحكمة ويُعول عليها كثيراً بأن تكون نواة لعوائد ضخمة مرتقبة تُعالج الأزمة الاقتصادية التى نعيشها حالياً وتسهم كثيراً فى حل أزمة البطالة.

الاقتصاديون يتوقعون أن تجنى مصر عوائد ضخمة من أكبر صفقة استثمار مباشر فى تاريخ البلاد، والتى ستُسهم فى تعزيز السيولة الدولارية بالبلاد.

وسوف تُسهم الاستثمارات الأجنبية المزمع ضخّها بالسوق فى زيادة المعروض الدولارى النقدى فى البنوك.

الدولة المصرية وضعت نُصب أعينها تنمية كل مناطق الجمهورية والاستفادة من الإمكانات والقدرات التى يتمتّع بها كل إقليم ومنطقة، ونظراً لكون منطقة الساحل الشمالى الغربى من أهم المناطق، بدأ مخطط تنمية الساحل الشمالى الغربى بمدينة العلمين الجديدة التى أصبحت مفخرة لمصر ومزاراً عالمياً، وتليها مدينة رأس الحكمة، التى ستكون درة البحر المتوسط، ويتوقع أن تجذب ٨ ملايين سائح.

بالتأكيد هناك انعكاسات إيجابية للمشروع، حيث ستُسهم التدفّقات الأجنبية من خلال الصفقة فى استقرار سعر الصرف، وسوف توفر سيولة دولارية كبيرة ستزيد من صلابة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات العالمية.

ستُسهم أيضاً فى انتعاش الصناعات المرتبطة بالمواد الإنشائية، وسوف يُسهم المشروع فى تنمية منطقة الساحل الشمالى الغربى وإحداث نقلة حضاريّة به.

بعد يومين فقط من إبرام الصفقة، وجّه الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، بسرعة الإفراج عن السلع الموجودة فى الجمارك، وذلك خلال اجتماع ضم وزيرى التموين والزراعة ومحافظ البنك المركزى، لمتابعة موقف توفير التمويل المطلوب من النقد الأجنبى للسلع الاستراتيجية، لا سيما القمح والزيت والألبان البودرة والأدوية.

ووجّه رئيس الوزراء بحصر مختلف السلع الموجودة فى الجمارك بهدف العمل خلال الفترة المقبلة على سرعة الإفراج عنها من خلال إعداد خطة إفراج تدريجى، مع الأخذ فى الاعتبار أن تكون الأولوية القصوى للسلع الغذائية والأدوية والأعلاف، وهذا سوف ينعكس إيجابياً على أسعار الدواجن واللحوم والأسماك وغيرها من المنتجات.

ويكفى أن نعرف أن هناك سلعاً غذائية وأدوية وأعلافاً بالجمارك حالياً قيمتها نحو 1.3 مليار دولار.

وحتى يطمئن الجميع، أحيل إليكم ما أكده خبراء البنوك الذين أكدوا أن صفقة رأس الحكمة ستنتج عنها عدة نتائج إيجابية تضمن استقرار سوق النقد، لا سيما فى ظل وجود أكثر من سعر لصرف الدولار فى السوق، كما سينتج عنها انخفاض سعر الدولار بشكل واضح فى السوق الموازية، التى شهدت تراجعات واسعة فى الساعات الأخيرة بعد الإعلان عن المشروع، وسيتم القضاء على السوق الموازية للدولار.

المشروع سيكون سبباً فى عودة تحويلات المصريين فى الخارج إلى القطاع المصرفى من جديد، لا سيما أن التدفّقات كانت تذهب إلى السوق السوداء، التى كان سعر الدولار فيها أزيد من السعر الرسمى بأكثر من 100% أيضاً سيكون هناك انخفاض معدل التضخم وأسعار الفائدة، ويتوقع عودة أسعار السلع إلى معدّلها الجديد بعد أن شهدت الأسعار ارتفاعاً مطرداً فى الفترات الأخيرة، وسينتج عنها تشغيل كم ضخم من العمالة، وهو أمر محمود للناتج القومى المصرى، ويسهم فى نموه.

يأتى ذلك بخلاف التأثيرات المستقبلية بالقطاع السياحى.

ألم أقل لكم إن الرياح تأتى بما نشتهى من مشروع تطوير رأس الحكمة، والقادم بإذن الله أفضل لمصر وشعبها، فى ظل قيادة واعية للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى لا يدّخر وسعاً لعمل كل ما يحقّق أمن مصر وازدهارها من أجل مصر والمصريين.