بين العدوان الإسرائيلي والهجمات الإرهابية.. "سيناء" المستهدفة دائما

بين العدوان الإسرائيلي والهجمات الإرهابية.. "سيناء" المستهدفة دائما
حينما ينكشف النقاب عن أرضٍ في موقع عبقري بقلب العالم، يجعلها محور الاتصال بين آسيا وإفريقيا، ونقطة التقاء بين مصر والشام ورابطٍ بين المشرق والمغرب العربي، يصبح الحديث عن "أرض الفيروز" التي تتميز برمال ذهبية وصحراء شاسعة ممتدة تتخللها شواطئ ساحرة ووديان خضراء.. فلا عجب في أن تكون تلك الأرض مطمعًا لدولة محتلة أو جماعت إرهابية، ولا أقل من أن يدفع أهلها دماؤهم دفاعا عنها.
منذ الإعلان عن إنشاء دولة "إسرائيل" عام 1958، باتت "سيناء" هدفًا تتحين الفرصة للانقضاض عليه، فكانت محاولتها الأولى في أكتوبر عام 1956، حينما شاركت في العدوان الثلاثي على مصر مع بريطانيا وفرنسا، واستغلت القوات التابعة لها انسحاب الجيش المصري من سيناء لمواجهة الإنزال البريطاني الفرنسي بمنطقة القناة، لتحتل "إسرائيل" شبه جزيرة سيناء وتحاول ضمها كمنطقة حدود عازلة، واستمرت في احتلالها لمدة 5 أشهر رغم إعلان إنجلترا وفرنسا انسحابهما الكامل وإنهاء عملياتهما العسكرية على مصر، إلا أن تم إجبارها بضغوط دولية على الانسحاب من سيناء وقطاع غزة في مارس عام 1957.
حلم احتلال "سيناء" لم يبرح مخططات الكيان الإسرائيلي رغم خيبة الأمل الأولى، إلا أن الفرصة جاءتها مرة أخرى حينما أعلن الرئيس جمال عبدالناصر إغلاق خليج العقبة، ردًا على تهديداتها الواضحة لسوريا وحشد قواتها لغزوها، فما كان من إسرائيل إلا أن قامت بعملية عدوانية على سيناء صباح 5 يونيو عام 1967، انتهت بانسحاب القوات المصرية واحتلال الجانب الإسرائيلي لها، لتعيش تلك البقعة في قبضة الاحتلال لمدة 6 سنوات، يعكفون خلالها على إقامة المشروعات التنموية في العديد من المجالات التي كان على رأسها "السياحة"، قبل أن يهب المصريون مصممين على استرداد كل شبر من أراضيهم، وتخليص "سيناء" من أيدي الاحتلال في حرب التحرير عام 1973، والتي لحقتها مفاوضات عديدة انتهت بانسحاب إسرائيل بشكلٍ كامل من شبه جزيرة سيناء ورفع العلم المصري على أراضيها عام 1982.
لم يكن "الاحتلال" هو آخر مشوار استهداف "سيناء"، إلا أن الغاصب جاء هذه المرة في ثوبٍ جديدٍ تكسوه الأحزمة الناسفة التي لا تعرف سوى مشاهد الأشلاء المبعثرة، لتصبح "الهجمات الإرهابية" هي السمة الأبرز داخل المجتمع السيناوي خلال السنوات القليلة الماضية، حيث أسفرت عن استشهاد الآلاف من ضباط الجيش المصري والشرطة والمواطنين الذين لم يقترفوا أي ذنبٍ سوى التواجد في بقعة كُتب عليها أن تكون "مستهدفة دائما".
ومن أبرز العمليات الإرهابية التي وقعت على أرض الفيروز وأبشعها، كانت في 5 أغسطس 2012، والمعروفة باسم "مذبحة رفح الأولى"، استشهد فيها 16 جنديًا في هجوم مسلح بالقرب من معبر أبوسالم شمال سيناء، أثناء تناولهم الإفطار في شهر رمضان، وتلتها العديد من العمليات الغادرة، ومنها "مذبحة رفح الثانية" في 19 أغسطس 2013، حيث استشهد 25 مجندًا وأصيب اثنان في هجوم مسلح، استهدف سيارتين كانتا تقلان أفراد الشرطة في مدينة رفح شمال سيناء، ولم يتوقف استهداف المجندين المرابطين في مواقع القتال.
ففي 24 أكتوبر 2014 استُشهد 28 من أفراد الجيش، وأصيب 26 آخرون في هجوم إرهابي استهدف كمين "كرم القواديس" جنوب الشيخ زويد، وبدأ الهجوم بتفجير انتحاري بسيارة مفخخة، أعقبه اشتباكات بالهاون والأسلحة الثقيلة مع الإرهابيين الذين نصبوا كمينًا للقوات واستهدفوا سيارات الإسعاف، ولم تقل حادثة استهداف "الكتيبة 101" بشاعة عما سبقها، حيث اقتحم أحد الانتحاريين بوابة الكتيبة (101) في العريش، بفنطاس مياه محمل بالمتفجرات، وأطلق الإرهابيون صواريخ "هاون" سقط 4 منها داخل الكتيبة وصاروخين على عمارات سكنية، ما أسفر عن سقوط 29 شهيدًا وأكثر من 80 مصابًا، ليمر عيد تحريرها الـ33 من محتل غاصب، وتظل سيناء تحلم بالتخلص الإرهاب الغادر.