"القلب روحانى" و"العقل علمانى" والعقيدة: "دين المصريين"

"القلب روحانى" و"العقل علمانى" والعقيدة: "دين المصريين"
«يشبه المصريين فى تدينهم».. هكذا وصف خبراء ومفكرون، الخطاب الدينى للرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤكدين أن خطابه يتناغم مع الطبيعة الفطرية للمصريين، التى يجمعون فيها بين روحانية الدين ومقاصده، والعلمانية العقلية فى تدبير شئون الحياة، دون وصاية دينية، وأشاروا إلى أن الخطاب الذى ينتهجه الرئيس يقف بين «التدين الظاهرى الوهابى» من جهة، و«التدين السياسى الطامح فى السلطة» الخاص بالجماعات من جهة أخرى، محذرين من أن «أوصياء الدين»، حسب وصفهم، سيحاولون الوقوف فى وجه هذه الدعوة لمنع أى إصلاح دينى.
الكاتب عمار على حسن، الباحث فى علم الاجتماعى السياسى، قال إن البيئة المكانية التى نشأ فيها «السيسى»، وما يحيط بها من ملامح روحية وصوفية، أعطته قدراً كبيراً جداً من الإيمان الداخلى والفطرى، الذى يتناغم مع طبيعة المصريين وتدينهم الخاص، الذى يحقق مقاصد الإسلام وجوهره، ويتفق مع مفاهيم الحداثة والتطور الإنسانى والعلمانية العقلية، أكثر من التقوقع فى شكل خارجى ونمط ظاهرى، كالذى يتسم به التدين الوهابى فى شبه الجزيرة، أو أهداف سلطوية تتعلق بالحكم مثل «الإسلام السياسى» الخاص بالجماعات الدينية المختلفة، وأبرزهم الإخوان، مضيفاً: «الثورة الدينية التى دعا إليها السيسى، ليست ثورة على الدين، لكنها ثورة على التطرف والتشدد والفهم السطحى والمغلوط للإسلام، وثورة من أجل مقاصد الدين الخمسة، المتمثلة فى حفظ النفس والمال والعرض والأرض والعقل».
وفى السياق نفسه، أكد الدكتور سعدالدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن حديث «السيسى» يتفق مع صحيح الدين بمفهومه الإنسانى، وليس بمفهومه الكهنوتى، والديكتاتورية الدينية التى تخدم مصالح جماعات معينة، مضيفاً: «الرئيس عندما قال نحن نحتاج إلى ثورة فى الفكر وليس الدين، فالفكر مقصود منه الفقه والآراء، وكثير منها شاذ ومخالف، وكلها يؤخذ منها ويرد عليها، فلابد من التفريق بين الفكر والدين، فالفكر متجدد بشرى متغير، أما الدين نص لا تغيير فيه»، مضيفاً: «الشعب المصرى قد تنفس الصعداء، وأدرك اقتراب فوزه هذا العام بمرتبة المائة سنة المجددة لدين الله، عندما أعلن الرئيس عن فتح باب الثورة على الفكر البشرى المعتدى على دين الله؛ ليعود هذا الدين صافياً نقياً لكل إنسان يفهمه بفطرته السوية وضميره الإيمانى حتى يتحمل المسئولية استقلالاً».
وحذر «الهلالى» من أن «أوصياء الدين» والمتشددين والمتطرفين، سيحاولون بكل ما يملكون من أساليب شريفة وغير شريفة، مقاومة ثورة المصريين التى فتح «السيسى» بابها على الفكر البشرى المعتدى لتنقية دين الله، حتى يحافظ هؤلاء «خفافيش الظلام» على مكاسبهم الرخيصة من استغلال الجهل واستعباد العوام وابتزاز السلطة الحاكمة لمجرد امتلاكهم زمام البسطاء دينياً، وسيصفون كذباً ما فعله الرئيس المجدد بأنه «انقلاب على الدين»، وفى الحقيقة هو «ثورة على الفكر والتراث»، لإلغاء الوصاية الدينية، وليتولى كل إنسان مكلف زمام نفسه، فيقتنع بحسب مقاس عقله وليس عقل شيخه، ويستوعب بحسب إدراك نفسه وقلبه، وليس بحسب إدراك غيره والكتب المتوارثة، مستدركاً: «أن نجاح المصريين فى ثورتهم الفكرية على أوصياء الدين يعنى انتصار كرامة الإنسان المصرى فى صلته بالله، والمقررة فى عموم قوله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى آدَمَ».