أخطاء فى تشخيص مرض السرطان
كثير منا -لا قدر الله- يتعرض أو أحد من أهله إلى ظهور ورم فى مكان ما بجسده، فيذهب إلى الطبيب، ويطلب منه العديد من التحاليل والفحوص الطبية، ويكون التحليل الفيصل هو أخذ عينة من الورم (خزعة)، وتسمى بالإنجليزية Biopsy، ويتولى فحص هذا التحليل متخصص فى علم الأمراض (الباثولوجى)، وأحياناً يحدث هذا داخل غرفة العمليات، لكى يقرر الجراح ما سوف يفعله مع المريض وأسلوب علاجه، ولكن هل هذا المعيار الذهبى الذى يسير بناءً عليه الطبيب المعالج دائماً على صواب؟
فعلم الأمراض (الباثولوجى) هو التخصص الطبى الذى يتعامل مع فحص الأنسجة والخلايا تحت المجهر من أجل التوصل إلى التشخيص، وعندما يتعلق الأمر بالسرطان فالتشخيص الباثولوجى هو المعيار الذهبى الذى يشير إلى وجود أو عدم وجود السرطان، وأى نوع من أنواع السرطان، وتصنيفها، ودرجتها، لأن قرار وأسلوب العلاج ينبغى أن يقوم على التشخيص السليم، لذا فإن التشخيص الخاطئ يمكن أن يؤدى إلى اتجاه خاطئ فى العلاج قد يكون غير ضرورى أو ضار للمريض، وقد يسبب تفاقم المرض وازدياد شراسته وانتشاره.
وللأسف الشديد فقد أثبتت الدراسات الطبية على مدى العقدين الماضيين، أن هذا التشخيص الباثولوجى الذى يعتبر المعيار الذهبى لتقرير أسلوب العلاج ليس مضموناً فى كل الأحوال وفى معظم الأماكن، فقد أثبتت دراسات متعددة أن معدلات التفاوت والاختلاف وربما التناقض فى تشخيص عينات الباثولوجى قد تصل إلى 30٪ بمتوسط 10٪ تقريباً فى الولايات المتحدة، فما بالنا بدول أخرى أقل فى المستوى العلمى والإمكانات؟
وها هى بعض الأمثلة التى تم نشرها فى المجلات الطبية المحترمة التى توضح ذلك:
1- سرطان المثانة: تم أخذ 131 عينة باثولوجى من 97 مريض يشتبه فى إصابتهم بنوع معين من سرطان المثانة، لو ثبت وجوده ينبغى استئصال المثانة مع أخذ أنواع أخرى من العلاج، ومن بين 131 عينة تم عرضها على أكبر المتخصصين فى تحاليل عينات الباثولوجى تبين وجود 24 عينة اختلف فى تشخيصها هؤلاء العلماء، وتم استبعاد خمسة أشخاص كانوا على وشك إجراء عملية استئصال المثانة لأنهم لا يوجد لديهم سرطان بعد أن تم تحديد يوم إجراء العملية لهم من قبل.
2- أورام الدماغ: ويعد من أكثر عينات الأورام التى يختلف على تشخيصها أطباء تحاليل (الباثولوجى) أو علم الأمراض، ففى حالات مثل أورام astrocytomas يصل عدم التوافق فى التشخيص إلى 51٫43٪.
3- سرطان الثدى: من خلال فحص خمس وسبعين امرأة من نساء يعانين من أورام فى الثدى فى جامعة بنسلفانيا، اختلفت التوصيات فى معالجة 43٪ منهن (32 حالة). وتضمنت خلافات العلاج الاحتفاظ بالثدى بدلاً من استئصاله فى 13 مريضة.
4- سرطان المبيض: من بين 339 امرأة تم تشخيص إصابتهن بسرطان المبيض، وأعيد فحص عيناتهن مرة أخرى، تم اكتشاف ثلاث وأربعين امرأة (12.7٪) ليس لديهن سرطان المبيض (28 كانت أنواعاً أخرى من السرطان و15 كان لأورام حميدة).
5- سرطان البروستاتا: تم إعادة فحص 535 من الرجال الذين تم تشخيصهم بأنهم مصابون بسرطان البروستاتا، وكانت التوصية باستئصال البروستاتا، تم العثور على سبعة (1.3٪) من الرجال لديهم أورام حميدة ولا داعى لإجراء عملية جراحية لهم.
وحدوث خطأ فى تشخيص الأورام عن طريق الفحص الباثولوجى للخزعات، لا يقتصر على الولايات المتحدة فقط، ولكن هناك مشاكل مماثلة فى كثير من الدول مثل المملكة المتحدة، حيث جرى استعراض ومراجعة 413 حالة «ساركوما» وتم تأكيد التشخيص فى 76% فقط منها.
وخلصت الدراسة إلى أن الرأى الثانى فى تشخيص وبالتالى علاج الأورام السرطانية، هو ضرورة لضمان أن يتم تحديد العلاج المناسب.