إسرائيل تعترف بكذبتها
ليست الكذبة الأولى، ولن تكون الأخيرة، وما فعلته إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بادعاء غلق مصر لمعبر رفح أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية لغزة، هو استمرار لمسلسل أكاذيبها المستمر، والمصاحب لفشلها، منذ اليوم الأول لعدوانها الهمجى على قطاع غزة.
وضعت حكومة الحرب الصهيونية أربعة أهداف لعدوانها على «غزة»، بعد عمليَّة «طوفان الأقصى»؛ وهى القضاء على فصائل المقاومة، وتدمير البنية التحتية للفصائل الفلسطينية، وتحرير الرهائن الإسرائيليين، وتهجير سكّان غزة إلى سيناء، وفشلت فى تحقيق كل أهدافها، وللتغطية على هذا الفشل، لجأ قادة الكيان الصهيونى لسلاح الكذب؛ لعله يستر عوراتهم أمام الرأى العام فى الداخل، وأمام العالم كله فى الخارج.
من بين تلك الأكاذيب -على سبيل المثال وليس الحصر- ما حدث عقب مجزرة المستشفى المعمدانى، ومقتل نحو 470 فلسطينياً، وقتها أعلن حنانيا نفتالى، مساعد الشئون الرقمية لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فى البداية أن القوات الجوية الإسرائيلية قصفت قاعدة إرهابية لـ«حماس» داخل المستشفى، ولقى عدد كبير من الإرهابيين حتفهم، ثم غيّر لاحقاً روايته ووصف الانفجار بأنه «غامض»، ثم أنكرت إسرائيل مسئوليتها عن الهجوم، وحاولت إلقاء اللوم على صاروخ أطلقته بشكل خاطئ حركة الجهاد الإسلامى الفلسطينية.
ومنذ بداية العدوان وثّق «المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان» أكثر من 245 هجوماً على مرافق الرعاية الصحية الفلسطينية، أسفرت عن استشهاد أكثر من 600 شخص، بينهم العشرات من الأطقم الصحية أثناء تأدية مهامهم، وطالب المرصد بإجراء تحقيق دولى محايد فى ادعاءات إسرائيل حول الاستخدام العسكرى من جماعات فلسطينية فى مجمع الشفاء الطبى الأكبر ومستشفيات أخرى فى غزة.
وأكد أن التغييب المتعمد لأى طرف دولى محايد فى مداهمات وحملات التفتيش للمستشفيات يثير شكوكاً واسعة حول الروايات الإسرائيلية، وجيشها الذى عليه أن يقدم ما هو أكثر من حفنة بنادق وأسلحة لتبرير هجماته ضد المستشفيات والجرحى والمرضى بداخلها، وهو ما يرقى إلى جرائم الحرب، بالمخالفة لاتفاقيات جنيف لحماية المدنيين والمرافق الطبية والمدنية وقت الحرب.
وادعت إسرائيل وجود أنشطة تجسس وسط العمليات الإنسانية للجنة الدولية للصليب الأحمر، ونفت اللجنة هذه الادعاءات، وقالت، فى بيان لها: «إن المعلومات الكاذبة تعرض موظفينا والأشخاص الذين نسعى لمساعدتهم للخطر، وتعرقل قدراتنا على دعم المجتمعات المتضررة بسبب النزاع»، وأكدت أنها «ملتزمة بدعم المبادئ الإنسانية والأخلاقية فى جميع عملياتها وفى كل المناطق التى تعمل بها»، وقالت إنه «من الضرورى جداً التأكد من الحقائق قبل مشاركتها من أجل منع انتشار المعلومات الكاذبة».
اعتادت إسرائيل الكذب مع كل جريمة حرب يرتكبها جيش الاحتلال، والعالم كله يتذكر واقعة قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة برصاص القوات الإسرائيلية يوم 11 مايو 2022، أثناء تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية فى مدينة «جنين» بالضفة الغربية المحتلة، واتهمت إسرائيل فى البداية مسلحين فلسطينيين بإطلاق النار عليها، لكنها اعترفت بعد ذلك بوجود احتمال كبير بإصابة «أبوعاقلة» عن طريق الخطأ بنيران الجيش الإسرائيلى!.
بخصوص الكذبة الإسرائيلية الأخيرة أمام محكمة العدل الدولية، والمتعلقة بمصر، وادعاء غلقها معبر رفح أمام المساعدات لقطاع غزة، فيكفينا كل ما تناولته وسائل الإعلام من أدلة لتفنيدها، ويبقى الدليل الذى أراه حاسماً، وهو ما أذاعته «القناة 12» الإسرائيلية، فى أكتوبر الماضى، قبل اتفاق الهدنة، وقالت بالنص: «إن إسرائيل أبلغت مصر أنها ستقصف أى شاحنات تحمل مساعدات لغزة عبر معبر رفح».. هذا هو الاعتراف الموصوف بـ«سيد الأدلة» لمن يقتلون القتيل ويمشون فى جنازته.
محامى إسرائيل وقف أمام «العدل الدولية» مضطرباً من كثرة الكذب، وفشل فى ترتيب أوراقه، وقال متلعثماً: «أحدهم غيّر ترتيب الأوراق»، والتقطها بذكاء المذيع تامر أمين على قناة النهار، ووصف الكذاب بـ«الملعوب فى ورقه».. يستاهل.