«حامد» يهوّن على الصغار أصوات القنابل والصواريخ: «اعتبروها ألعاب نارية»

«حامد» يهوّن على الصغار أصوات القنابل والصواريخ: «اعتبروها ألعاب نارية»
لا يأبه لأصوات القصف وزخات الرصاص، لأنه ألفها فلم تعد ترهبه، أو ربما يخيفه صوت القذائف فيقرر مواجهة قلقه بالضحك واللعب وتشتيت الانتباه، ليتخذ حامد عوف، 15 عاماً، من ساحة إحدى مدارس الإيواء بمخيم جباليا، شمالى قطاع غزة، ملعباً لكرة القدم التى عشقها منذ طفولته، فالتحق بنادى شباب خان يونس، قبل أن يقرر الاحتلال الإسرائيلى شن عدوانه الغاشم على القطاع، لتدمر صواريخه ملعب المدينة، وتحصد القذائف أرواح عدد من اللاعبين وتذهب بأحلام الصبى أدراج الرياح.
ابن الـ15 عاما: شهدت 3 حروب واللي بيحصل فوق تصورنا.. ونبحث صباحا عن الأكل والمياه والمساء للعب الكرة
100 يوم عاشها «حامد» أسفل الحمم النارية وكرات اللهب التى ألقتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على رؤوس سكان حى الرمال، وعزلتهم عن باقى المدنيين، ليتمكن بصعوبة بالغة من النزوح تاركاً وراءه أسرته التى نجا منها البعض واستشهد الآخر.
ويقول صاحب الـ15 عاماً لـ«الوطن»: «صار لى فى المدرسة تقريباً شهر، والصهاينة دخلوا دورنا وأعدموا عدداً كبيراً من الرجال والنساء والأطفال، وما قدرتش آخد حد معاى وأنا بنزح، لأن الوضع كان كتير خطير وصعب ومش مضمون»، ورغم هول ما عاشه الصغير لا يزال يتمسك بالأمل فى تحقيق حلمه بأن يصبح لاعب كرة شهيراً: «عشت تقريباً 3 حروب ورغم إن اللى بيحصل حالياً صعب جداً وفوق تصورنا، بس واثق إن هاى المرة الله بيعديها، زى ما بيصير كل حرب».
يرتدى «حامد» ملابسه البسيطة التى لم يسعفه الوقت لحمل سواها معه أثناء ترك منزله والنزوح إلى مستقبل مجهول، بينما تتشبث قدماه فى حذاء من الجلد والقماش، يخلعه عندما يزداد حماسه فى لعب الكرة: «الناس كانت حزينة بس أنا قدرت أغير مزاجهم للأحسن بعدما قسمت الشباب هون لفريقين وعملت لهم جدول للعب، وصرنا الصبح بنروح ندور على الأكل والمياه، وبعد العصر بنضل نلعب لليل»، وحول الأجواء والأوضاع التى يعيشها يقول: «طبعاً القصف والاستهدافات ما بتوقف ولا دقيقة واحدة، وطول الوقت الاحتلال قاعد بيرتكب مجازر، بس أنا بحاول أخفف عن الأطفال الصغار وبقولهم تخيلوا إن هاى أصوات ألعاب نارية مش قنابل وصواريخ، وهيك صرت أحكى لنفسى لما بيكون فيه حزام نارى وغارات كتير ورا بعض».