الأنبا تكلا يكتب.. حياة السلام
![الأنبا تكلا](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/20043921561704567662.jpg)
الأنبا تكلا
كل عام وأنتم بخير بمناسبة العام الجديد وعيد الميلاد المجيد.. نود أن نتأمل فى عبارة الملائكة التى قالتها بمناسبة ميلاد السيد المسيح «الْمَجْدُ للهِ فِى الأَعَالِى، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ». (لو 2: 14).
معنى السلام:
هو حالة من الاستقرار لعدم وجود حروب حيث الخراب والدمار والفوضى.
هو عمل الله.. لذلك نسميه (ملك السلام - إله السلام) وهو مصدر السلام.. هو حياة البشر قبل الطرد من الجنة (وسط الوحوش كان يحيا آدم وكذلك نوح.. وكان كلاهما يحيا فى سلام).
هو حالة تصاحب حلول الله فى القلب.. إنها حالة الفرح والسلام الداخلى النابعين من الله مصدر كل فرح وسلام.
أنواع السلام:
(1) السلام المزيف:
هو سلام غير سماوى.. وهو التمتع بالخيرات الأرضية فقط مهما كان الثمن، فهو أخذ وامتلاك بل شهوات.. سلام العالم فى قوة الإنسان وغناه.. سلام العالم الخارجى (عدم وجود اضطرابات وصراعات).. هو سلام زائل.. سلام متقلب غير دائم.. هو سلام قائم على أسباب زمنية.. هو سلام مزيف، كاذب، خادع، غير دائم، يتأثر ويتغير بزوال السبب. ولا يمتد إلى الأبدية.. فالأشرار لا تنفعهم كل ممتلكاتهم وإمكانياتهم فإن موت الأشرار مصيره إلى الجحيم.
(2) السلام الحقيقى:
هو سلام لا يتوقف على هدوء الظروف الخارجية أو عدم وجود أسباب للاضطراب أو الخوف أو القلق أو عدم وجود الضيقات (سلام صناعى). ولكنه سلام يملأ القلب رغم وجود هذه الظروف حوله.. إنه ليس سلام العالم إنما سلام يفوق كل عقل.. هو مستمر من الله..
مصادر السلام الداخلى:
(1) القرب من الله:
البعد عن الله وعدم دوام العشرة الإلهية يجعل النفس قلقة.. لأن الله وحده هو ملك السلام.. فمن يحيا مع الله حياة حقيقية يعيش الله فى قلبه.. نحن ضعفاء ولكن وجود الله معنا يعطينا سلاماً وسعادة وهدوءاً فهو حاميك وهو قائدك وكفايتك والكل فى الكل. ولكى تكون لك علاقة معه.. لا بد من: الصلاة الدائمة العميقة.. التى تعطى الإنسان بركة الوقوف أمامه والتحدث معه.. وكثرة الوقوف أمامه تجعل الإنسان يأخذ من صفات الله مثلما طبع نور الله على وجه موسى النبى فجعله يلمع.
(2) غفران الخطايا:
لا شىء يعطى سلاماً للنفس مثل التوبة عن الخطايا التى تثقل ضمائرنا وتجعل حاجزاً بيننا وبين الله.
كذلك غفران من أخطأ فى حقك.. يمنحها سلاماً وهدوءاً.. فإن لم تغفر لن تُقبل صلواتك وتظل فى حقد وكراهية ومحاولة الانتقام لنفسك مما يفقدك سلامك.. ولكن غفرانك ومسامحتك للآخرين يعيد لك هدوءك وسلامك..
(3) حياة الشكر:
إن السلام الداخلى مرتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الشكر.. الشكر هو قبول مشيئة الله فى حياتنا فلنقدم لله كل حين فى كل ظرف وفى كل مناسبة شكراً عميقاً حقيقياً.
(4) الإحساس بعناية الله:
إيماننا بعناية الله ورعايته لنا يمنحنا سلاماً وطمأنينة.. وتنزع منا الخوف وتلاشى التذمر فى حياتنا.. إيمان الإنسان بالله وشعوره بوجوده وأنه يعمل لأجله ويتدخل فى الوقت المناسب وأن الله قادر على كل شىء وغير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله.. كل ذلك يمنح للإنسان سلاماً. ليتك تقول حينما تقع فى تجربة «ربنا هيتدخل، هيتدخل إمتى أو إزاى ماعرفش لكن هيتدخل». التأمل فى صفات الله أيضاً يمنحنا سلاماً (صانع الخيرات - الرحوم - الغفور - الستور - المعين - الحافظ - المشفق - المعضد)، نشكر صانع الخيرات.. لأنه يعيننا ويحفظنا ويشفق علينا ويعضدنا.. ثق أن كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله..
(5) الاتضاع:
السعى نحو الاتضاع يمنحك سلاماً.. فالمتواضعون يسكن الله فيهم ويمنحهم سلامه.. أما الكبرياء فيفقدنا سلامنا، الإحساس بالذات والصراع على الكراسى يفقد السلام الداخلى.