عمرو نبيل يكتب: الانتخابات الرئاسية والمعادلة الثلاثية

عمرو نبيل يكتب: الانتخابات الرئاسية والمعادلة الثلاثية
بنص الدستور يقوم النظام السياسى على أساس التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمى للسلطة، وأساس «التعددية السياسية» التباين بين توجهات الأحزاب السياسية، وهذا التمايز جوهر عملية «تداول السلطة» التى بمثابة تغيير لتوجهات السلطة السياسية، فـ«التعددية السياسية» و«تداول السلطة» وجهان لعملة واحدة، فبدون «التعددية» يفرغ «التداول» من مضمونه، وتأكيداً على مبدأ «تداول السلطة» نص الدستور على أنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين متتاليتين، فإذا كان «التداول» ملزماً دستورياً فماذا عن «التعددية»؟
الحديث عن التعددية يثير قضية تصنيف القوى السياسية، فمنذ ما يقرب من خمسين عاماً دشن الرئيس السادات ثلاثة توجهات سياسية: «اليمين»، «الوسط»، «اليسار»، ويرى خبير الأحزاب السياسية المصرية د. عمرو هاشم ربيع أن مصر بها أربعة تيارات سياسية: «الليبرالى» و«اليسارى» و«الإسلامى» و«الوسط»، وإذا كان هذا هو التصنيف السياسى من أعلى السلطة أو النخبة، إلا أن التنافسية السياسية بين الناخبين على الأرض دائماً ما تأتى بمعادلة ثنائية يتزامن معها سعى رموز سياسية لتدشين طرف ثالث، مؤكدةً أن هناك كتلة معتبرة من المجتمع المصرى لا تنتمى لطرفى هذه المعادلة الثنائية، فقبل 25 يناير كانت التنافسية بين الحزب الوطنى المنحل (سلطة) وجماعة الإخوان المسلمين المحظورة (معارضة)، ثم أصبحت بعد 25 يناير وحل الحزب الوطنى بين جماعة الإخوان المسلمين المحظورة (سلطة) والقوى المدنية والثورية (معارضة)، وبعد 30 يونيو بين الموالاة والمعارضة، وفى ظل هذه الثنائية تتجدد الدعوات لتدشين طرف ثالث تعددت مسمياته ما بين «التيار الرئيسى المصرى» و«الطريق الثالث» وغيرهما.
بالنظر للمعادلة السياسية التى أفرزتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة يتضح لنا أن المعادلة السياسية الثلاثية ما زالت مستعصية، فلقد أعلن عدد من المرشحين المحتملين عن عزمهم خوض السباق الانتخابى الرئاسى، وعلى الرغم من تنوع انتماءاتهم الحزبية والسياسية فإن حديث الناخب كان يدور حول معيار واحد لتصنيفهم وهو: هل المرشح مع أم ضد السياسات الحالية؟ وإشكالية ثنائية التصنيف السياسى لموالاة أو معارضة تتمثل فى عدم التركيز على تباين السياسات والبدائل الواقعية وأثرها على القطاعات التنموية حال وصول أصحابها للسلطة، الذى هو جوهر «التعددية السياسية» و«تداول السلطة»، فالتعددية والتداول يتطلبان من الأحزاب السياسية القدرة على العمل السياسى سواء كانت فى إطار السلطة بتنفيذ سياساتها أو فى إطار المعارضة بطرح سياسات واقعية بديلة.
بالتالى فكسر الحلقة المفرغة لثنائية الموالاة والمعارضة وتدشين معادلة سياسية ثلاثية، يتطلب من القوى السياسية إعادة النظر فى سياساتها وخطابها السياسى، كى تتأكد من أنها تمتلك سياسات واقعية ومن قدرتها على إقناع الناخب بآثار سياساتها الإيجابية على أوضاعه المعيشية، لتحظى بتأييد شعبى وقوة انتخابية تؤثر فى المعادلة السياسية، والحقيقة أن برامج مرشحى الانتخابات الرئاسية الأخيرة تمثل بداية جيدة لهذا المسار، حيث يمكن البناء عليها خلال السنوات الست القادمة التى ستتخللها انتخابات برلمانية ومحلية ستمثل فرصة لتسويق سياسات الأحزاب وتقوية بنيتها التنظيمية مع استمرارية التغطية الإعلامية لمواقف قياداتها السياسية.