هل يرأسُ أحمد عز صندوق تحيا مصر؟!
قبل أن يُعلن محافظ البنك المركزى منذ شهور أن البنوك الحكومية الثلاثة ستطرح شهادات استثمار جديدة لتمويل مشروع قناة السويس، كانت تلك البنوك قد تبرعت بما يزيد على 150 مليون جنيه لصندوق تحيا مصر، وكان رئيس بنك الإسكندرية أنتيسا سان باولو الإيطالى (وهو اسم بنك الإسكندرية حالياً بعد أن تمت خصخصته منذ تسع سنوات) قد رفض دعوة التبرع لنفس الصندوق، وهذا شىء منطقى، فالبنك لو وافق على مبدأ التبرع لكان أولى به صندوق (تحيا إيطاليا) وليس (تحيا مصر)، ذَكرنا الخواجة الإيطالى بالفجيعة التى حدثت، كان بنك الإسكندرية قد بِيع فى أكتوبر 2006 بما يساوى 11 مليار جنيه مصرى فقط، بعد أن تحملت الحكومة نحو 9 مليارات جنيه لتنظيفه من القروض وتجهيزه للبيع، أى أن الصافى 2 مليار جنيه فقط ثمناً لبنك يحوز على إيداعات 6% من المودعين المصريين، وبه مجموعة من أفضل العاملين فى القطاع المصرفى، ويمتلك أكثر من مائتى فرع منتشرة على مستوى الجمهورية، وقيمتها كمبانٍ فقط تفوق ثمن البيع كله. عندما اندهش بعض أعضاء أمانة السياسات من رفض المصرفى العظيم الراحل على نجم بيع البنوك الوطنية من حيث المبدأ أياً كان السعر، مع أنه ليس ناصرياً، قال عبارته البليغة (يكفى أن تكون مصرياً لترفض بيع البنوك الوطنية).
كان منظر الوزراء والمسئولين مضحكاً ومؤسفاً فى آن واحد وهم يتزاحمون فى المؤتمر الصحفى لإعلان تفاصيل الصفقة، وكلٌ منهم يحاول أن ينسب لنفسه (الفضل) فى بيع هذا البنك العريق، وعندما أبدى أحد الصحفيين اندهاشه من رقم البيع المتدنى، أجاب أحد الفهلوية من على المنصة (ثمن البيع ليس قليلاً.. إنه يساوى خمسة أضعاف القيمة الدفترية) مفترضاً جهل المستمعين بمعنى القيمة الدفترية لأصول تم شراؤها وحساب تكلفتها منذ عام 1957 عندما كان سعر متر الأرض بملاليم (!) كان أكثرهم ابتساماً وأقلهم مزاحمة محمود عبداللطيف رئيس البنك، فى اليوم التالى عرفنا جميعاً أن الرجل صار رئيس البنك فى نسخته الإيطالية، بعد خمس سنوات كان سيادته أول مسئول (فى مصر كلها) يطالب العاملون بطرده فى الأيام الأولى لثورة يناير بتهمة أنه صنيعة جمال مبارك، استجاب البنك الإيطالى وذهب محمود عبداللطيف، تقدم كثيرون ببلاغات بخصوص هذه المهزلة ولا يعلم إلا الله أين آلت هذه البلاغات مع شقيقاتها من البلاغات التى قدمت ضد رموز نظام مبارك.
انقطعت أخبار السيد/ محمود عبداللطيف من يومها، إلى أن حملت الأخبار منذ أسبوعين نبأ اختياره رئيساً تنفيذياً لصندوق تحيا مصر، وهو الصندوق الذى تبرع له المصريون تلبية لدعوة شخصية من الرئيس، وقد ظننت فى البداية أن المسألة لا تخرج عن كونها تشابه أسماء، إلى أن تأكدت أنه هو نفسه رئيس بنك الإسكندرية السابق ذكْره، ما الذى يحدث بالضبط؟ من هو الشخص اللئيم الذى زج بهذا الاسم لمجلس أمناء الصندوق؟ وما الرسالة التى أراد توصيلها بهذا الاختيار الخبيث الذى يخصم ولا يضيف؟ وهو سؤال مباشر والإجابة عنه لا بد أن تكون محددة وبالاسم، لأن هذا (الشخص) الذى رشح هو الأشد خطراً من المرشح نفسه، لأنه سيستمر فى تصدير كوارثه طالما بقى فى موقع اتخاذ القرار أو قريباً منه، ولا يقولن أحد إن السيد/ محمود عبداللطيف اختير لأنه خبيرٌ بنكى، ففى مصر مئاتٌ من الخبراء البنكيين الذين لم يكونوا عنواناً لصفقة مدانة شعبياً ولم ينتسبوا لنظام كسحه الشعب (فضلاً عن أن بعضهم له سمعة وطنية طيبة)، ولا يزيد عنهم الرئيس التنفيذى الجديد لـ«تحيا مصر» إلا فى خبرة بيع المال العام (ولا أعتقد أنها خبرة مطلوبة) وإلا فلن يكون مفاجئاً لنا أن نصحو فى يوم من الأيام على نبأ اختيار المهندس أحمد عز رئيساً تنفيذياً لصندوق تحيا مصر، بحجة أنه رجل صناعة أدار مصانعه بكفاءة أثناء وجوده فى السجن، يا سادة هذا ليس منصباً حكومياً مما لم نعد ندرى على أى أساس توزع، هذا صندوق خاص أودع فيه ملايين المصريين أموالهم حباً فى مصر، صندوق طاهر يجب ألا يمسه إلا المطهرون، بالمناسبة هل كان السيد/ محمود عبداللطيف ممن تبرعوا لهذا الصندوق أصلا؟ نريد أن نعرف من الذى يرشح المسئولين فى مصر (دعك ممن يختارهم)؟ بعض اللياقة، بعض التأدب، بعض الاحترام فى حضرة الشعب، ولحضرة الشعب.