الأزهر: الحفاظ على لغتنا مسؤولية وطنية.. واعوجاج اللسان لا يدل على التحضّر

كتب: أحمد الشرقاوي

الأزهر: الحفاظ على لغتنا مسؤولية وطنية.. واعوجاج اللسان لا يدل على التحضّر

الأزهر: الحفاظ على لغتنا مسؤولية وطنية.. واعوجاج اللسان لا يدل على التحضّر

صرح الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، بأنَّ المحافظة على اللغة العربية والهوية، مسؤولية دينية ووطنية ومجتمعية تقع على عاتق الجميع كل في مكان عمله وتخصصه، كل في حدود قدراته وإمكانيته، ومن الواجب علينا أن نحافظ على ديننا وعقيدتنا وهويتنا، ولابد من الانتباه لمحاولات تذويب الهوية، من خلال العمل الجاد على تقوية مناعتنا الحضارية، والاحتفاء بلغة القرآن والعناية بها، مؤكدًا أنها مفتاح هويتنا، وأن الاعتزاز بها اعتزاز بالهوية، وخدمتها خدمة للدين والوطن. 

الأزهر سيظل الحارس الأمين على علوم اللغة العربية 

أكّد الدكتور الضويني، خلال كلمته باحتفالية «مجمع اللغة العربية الأردني»، بـ«اليوم العالمي للغة العربية»، وبمناسبة مرور مائة عام على تأسيسه، أن الأزهر قد اعتنى باللغة العربية منذ تأسيسه عناية كبيرة، فأنشأ لها كليات وأقسام تحمل اسمها، وتُنبئ عن رسمها، ومراكز تدرب على اتقانها، وكيانات ترغّب الأعاجم فيها، ومن ذلك: كليات اللغة العربية بمحافظات مصر، وأقسام اللغة العربية في بعض الكليات الأخرى، ومركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية، وكلية العلوم الإسلامية الوافدين، فضلاً عن كثير من الفعاليات التي تؤكد الهوية اللغوية للأمة، قائلا: «سيظل الأزهر الشريف الحارس الأمين على علوم اللغة العربية والشريعة الإسلامية، بالتعاون مع أهل الخير والعطاء».

واستكمل «الضويني»، حديثه بأن الأمة الإسلامية ميزها الله بأجلّ عقيدة، وأفصح لسان، وأعظم هوية، مؤكدًا أن المحافظة على العقيدة واللسان والهوية مطلب شرعي، وواجب وطني، ومسؤولية مجتمعية، فاللغة العربية أحد أركان هوية الأمة؛ والمحافظة عليها من الدين، كما أن العلاقة بين اللغة والدين وبين اللغة والهوية لا تنفصم عراها.

وقال وكيل الأزهر، إنَّه من الواجب على كل مسلم أن يزود عن اللغة بقلبه حبًا لها، وبلسانه تعلمًا ونطقًا بحروفها وبلاغتها، وأن يزود نفسه ما استطاع من الثقافة العربية والإسلامية، وأن يكون على وعي بما تتعرض له اللغة والدين والهوية من هجمات شرسة، مشددًا على ضرورة الانتباه لصراع قديم متجدد، وصفه بالصراع «الخفية أدواته، الخطيرة آثاره!»، وهو صراع الألسنة واللغات، لافتًا إلى أن الحديث عن «الصراع اللساني» ليس من قبيل المبالغة أو التهويل، حيث إن اللغة هي أحد أهم مكونات الهوية، ومن أهم عوامل البناء في مختلف الحضارات والثقافات، وأول ما يعنى الغزاة المحتلون هو محوها، ومن ثم فإن الصراع اللغوي صراع وجود وهوية.

وانتقد وكيل الأزهر غياب الفصاحة العربية عن ألسنة كثيرة من أبنائنا، موضحًا أن السبب في ذلك هو انشغالهم عنها بلغات أعجمية، إذ يتعمد الغرب إلى إقحام بضع الكلمات الأجنبية بين الحين والآخر في حديثهم بلا داع أو مبرر، وكأنما يرون أن اعوجاج اللسان العربي غاية التحضر والرقي!، موضحا أن المشكلة ليست في استعارة بعض ألفاظ من لغات أخرى، وإنما الأسى من أن يدور في فم المتكلم العربي لسان غيره، وأخشى أن يسكن دماغه عقل غيره!، حتى وصل الأمر إلى أن يصبح المتكلم نسخة مشوهة؛ فلا هو اعتز بلغته فأجراها على لسانه، ولا هو أتقن بهذه الكلمات المستعارة لغة غيره.

ولفت وكيل الأزهر إلى أنه لا يرفض أو يعارض تعلم اللغات؛ مؤكدًا أن تعلمها يتيح للأجيال الناشئة جسور ومعابر يصلون بها إلى ثقافات مغايرة، واختتم حديثه بتمنيه للامة الدراية والاطلاع بلغات العالم، بشرط أن لا يكون ذلك على حساب لغتنا العربية، مؤكدًا أنه من الواجبات الضرورية أن نتأمل التحديات التي تواجه اللغة العربية؛ لنعمل على معالجتها.


مواضيع متعلقة