ماذا نريد من الرئيس السيسي في ولايته الثالثة؟
أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فوز المرشح عبدالفتاح السيسى بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية فى ولاية ثالثة لسيادته.. فى انتخابات هى الأكبر والأعظم فى تاريخ مصر الحديث، بعد أن بلغت نسبة المشاركة بها 66.8%.. وهو ما يمثل 44 مليوناً و777 ألفاً و668 ناخباً ممن لهم حق التصويت فى الخارج والداخل، من إجمالى 67 مليوناً و23 ألفاً و437 ناخباً لهم حق التصويت خلال هذا الاستحقاق الدستورى.
النسبة كبيرة وتؤكد شيئاً واحداً فقط، هو أن المواطن أصبح يدرك أن صوته الانتخابى يصنع الفارق، ويرسم به خارطة الطريق لبناء مستقبله ومستقبل وطنه.. وكان من الطبيعى أن يحصد المرشح الرئاسى السيد عبدالفتاح السيسى النسبة الأكبر من أصوات الناخبين بعدد وصل إلى 39 مليوناً و702 ألف و451 صوتاً انتخابياً، بنسبة وصلت إلى 89.6% من إجمالى الأصوات الصحيحة.
وذلك بسبب انحياز الناخب للاستقرار واستكمال مشروع ورؤية الرئيس، بالإضافة لشعور الناخب بالخطر المتمثل فى تطور الأوضاع داخل قطاع غزة، وتصعيد العدوان الإسرائيلى على القطاع.. الأمر الذى جعل الجميع يصطف خلف رئيس الدولة، لشعورهم بأنه الشخص الوحيد القادر على حماية حدود الوطن وأمنه القومى.. خصوصاً أن جميع حدود مصر أصبحت ملتهبة ومحمَّلة بتعقّدات وصراعات وحروب تهدد أمننا القومى ومستقبل هذا الوطن.
وفى الحقيقة لا نستطيع أن نغفل النتائج التى حققها باقى المرشحين «فريد زهران، وحازم عمر، وعبدالسند يمامة»، والتى تؤكد البداية الحقيقية والجديدة للأحزاب السياسية فى مستقبل الحياة السياسية، والتى تعد أحد المكتسبات المهمة للحوار الوطنى، الذى انطلق قبل عامين، وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى أول خطاب له، عقب إعلان فوزه، استمرار الحوار الوطنى، وهو أحد المكاسب العظيمة التى حققتها الدولة خلال المرحلة الماضية.
ولكن من الطبيعى أن يكون للمصريين أحلام وتطلعات يتمنون تحقيقها خلال السنوات الـ6 القادمة.. ومن الطبيعى أن نطرح الآن السؤال الأهم خلال الوقت الراهن، وهو: ماذا نريد من الرئيس السيسى فى ولايته الثالثة؟!
وأعتقد أن هناك الكثير الذى يحلم به الشعب، وينتظر تحقيقه من رجل راهن الجميع عليه، من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في ثلاث ولايات متتالية.
الأمن القومي المصري والحفاظ على حدودنا التاريخية
ربما يكون هذا هو التحدى الكبير الذى تحاول فيه الدولة المصرية الصمود أمام كل المخططات الخارجية التى تهدد الأمن القومى المصرى وحدود الدولة التاريخية.. ومن المؤكد أن المصريين جددوا الثقة فى رئيسهم من أجل الحفاظ على وطنهم ضد أى محاولة للمساس بذرة تراب واحدة منه.. خصوصاً فى الوقت الذى أصبح واضحاً فيه للعالم كله ما تخطط له دولة إسرائيل من محاولات مستميتة لتهجير سكان قطاع غزة إلى سيناء.
وهو ما يجعلها تمارس عدواناً غاشماً داخل القطاع من أجل دفع سكان القطاع باتجاه الجنوب، تمريراً لمخططها بخروجهم إلى الأبد من القطاع.. وهو ما ترفضه الدولة المصرية ورئيسها وشعبها، معتبرين أن خروج سكان قطاع غزة من أرضهم هو تصفية للقضية الفلسطينية وضياع لحق الفلسطينيين للأبد.
وأنه لا حل للقضية الفلسطينية سوى حل الدولتين، الذى عاد للطرح من جديد على لسان الدولة المصرية، وأصبح العالم مهيَّأً لقبوله بعد سنوات من تجاهله ونسيانه.. وربما يطمح الشعب المصرى فى الرئيس السيسى أن يكون الرئيس المصرى الذى تشهد القضية الفلسطينية الحل على يديه بقبول العالم حل الدولتين ونهاية الصراع وآلة الحرب الشرسة التى تحصد أرواح الشعب الفلسطينى فى القطاع كل لحظة..
استمرار حالة الحوار الوطني أملاً فى حصد مكتسبات جديدة
أعتقد أن من أهم الإنجازات التى تمت خلال ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسى الثانية، كانت دعوته لإجراء حوار شامل مع جميع القوى والتيارات والأحزاب السياسية فى مصر، باستثناء جماعة الإخوان الإرهابية التى حملت السلاح فى وجه الدولة.
ومن المؤكد أن المشهد العظيم للمشاركة الكبيرة فى الانتخابات الرئاسية ومشاركة ثلاثة أحزب فى التنافس على مقعد الرئيس يعود الفضل فيه لتجربة الحوار الوطنى، بخلاف خروج الكثير من الشباب ضمن قائمة العفو الرئاسى من الذين تمت إدانتهم فى جرائم نشر أو ترويج شائعات وأكاذيب تضر بمصلحة البلاد.
ورغم تحفُّظ الكثيرين على بعض أسماء المفرج عنهم، فإن الدولة المصرية سمحت بخروجهم، فى بادرة تؤكد حرص الدولة على صناعة حياة سياسية جديدة قائمة على التعددية الحزبية ومشاركة جميع القوى السياسية والشباب فى طرح أفكار ورؤى تثرى الوطن وتشكل مستقبله.
وربما نطمح إلى استمرار هذه الحالة لنمنح كل المدانين فى قضايا نشر أخبار كاذبة أو الترويج لشائعات مغرضة فرصة أخرى بالعفو عنهم، ولكن فى نفس الوقت لن نسمح بخروج أى شخصية تورطت فى تهم التخابر ضد الدولة أو حمل السلاح فى وجهها أو وجه الشعب أو ترويع المواطنين.. لأننا نريد وطناً خالياً من الخونة والكارهين لمصر وشعبها..
الوضع الاقتصادى وانتظار المواطن تحسُّن ظروف المعيشة
يعلم المواطن جيداً حجم التحديات التى واجهتها الدولة، بداية من عام 2020 وانتشار وباء «كورونا»، رغم معدلات النمو الكبيرة التى شهدها الاقتصاد المصرى وانعكاسه على حياة المواطنين وأسعار السلع والخدمات، قبل أن تضرب أزمة كورونا العالم.
وتؤثر على دول كبرى اقتصادها أكبر من الاقتصاد المصرى، ورغم محاولة الدولة المصرية الخروج بأقل الخسائر ووقوفها بجوار العمالة غير المنتظمة وصرف إعانات لهم طوال استمرار فترات الغلق وتوقف الحياة، فإنها خرجت من أزمة «كورونا» لتجد نفسها فى مواجهة أزمة أكبر بنشوب الحرب «الروسية - الأوكرانية»، وتأثيرها على ارتفاع أسعار مواد البترول وأسعار السلع الغذائية والمحاصيل الزراعية.
ولم يكن أمام الدولة المصرية حل سوى محاولة العبور بالوطن من هذه الأزمة الكبيرة، ولكن مع تفجُّر الأوضاع داخل قطاع غزة، وهو ما تطلب جاهزية قواتنا المسلحة للدفاع عن أرض سيناء فى أى لحظة تشعر فيها الدولة بمحاولة للمساس بأرضها، تضاعفت الأزمة الاقتصادية، ليس على مصر فقط، ولكن على العالم ودول المنطقة.. ليبدأ المواطن فى الشعور بتأثر مستوى دخله وارتفاع تكلفة المعيشة.
وهو ما نطمح من الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يختار حكومة خلال الفترة القادمة تستطيع التعامل مع هذه الأزمات، وتضع أمام عينيها فقط المواطن المحدود، وأن تستمر الدولة فى دعم مشروعات «حياة كريمة وتكافل وكرامة»، لتشمل أعداداً أكبر من أبناء الشعب المصرى، الذين لم يخذلوا الدولة، ولم يمنعهم الظرف الاقتصادى من أن يخرجوا بالملايين للدفاع عن وطنهم ووحدته واستقراره.
الاستمرار فى دعم قواتنا المسلحة «درع الوطن»
لم تكن مصر تستطيع أن تفرض إرادتها فى الدفاع عن أرضها وحدودها وأمنها القومى لو لم نكن نملك قوات مسلحة على أتم الاستعداد للدفاع عن الوطن، مرتكزة على قوة وإيمان رجال قواتنا المسلحة، وعلى رفع كفاءة وتطوير السلاح المصرى، الذى أصبح يمتلك القوة للردع والدفاع عن كل ذرة من تراب هذا الوطن.
وهو ما نتمنى استمراره، لأننا أصبحنا نعلم جيداً أن ما فعله الرئيس السيسى من تطوير للقوات المسلحة ورفع كفاءتها كان من الضروريات فى وقت تنهار فيه الكثير من الدول حولنا بسبب ضعف قواتها المسلحة.
وربما جاء الوقت الذى تأكدنا فيه من بُعد نظر الرئيس بعد أن شنَّ المأجورون والخونة عليه حملات من الهجوم، بسبب إصراره على تسليح قواتنا المسلحة ورفع كفاءتها بحجة أننا لسنا فى حاجة لمثل هذه الأسلحة والمعدات، وأن البلد أوْلى، ليرد الله كيدهم فى نحورهم، بعد اشتعال الأوضاع داخل قطاع غزة أو حتى جنوب السودان أو داخل ليبيا.. لنعرف جميعاً قيمة ما صنعه الرئيس السيسى من أجل أن يحافظ على هذا الوطن، ويحمى أرضه وشعبه.
دعم المنظومة الإعلامية المصرية لمواصلة النجاح
قبل سنوات كان يقف الإعلام المصرى عاجزاً أمام محاولات هدم الدولة المصرية، بعد أن أصبحت الآلة الإعلامية الأقوى تدير الدول العربية من خارج الحدود.. ورأينا كيف استطاعت كيانات إعلامية هدم دول وتجويع شعوب وتفتيت جيوش.. إلى أن أدركت الدولة المصرية بعد سنوات من الغرق فى حالة من النعاس الإعلامى قبل 2011 أو الغرق فى الفوضى الإعلامية بعد 2011.
لتبدأ الدولة فى التفكير فى حل فعال وسريع لإعادة بناء المنظومة الإعلامية المصرية، لتستطيع أن تواجه بها محاولات هدم الدولة ونشر الأكاذيب وصناعة الفوضى.. وهو ما نجحت فيه الدولة من خلال صناعة كيان فى قوة وصلابة «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» والتى أصبحت تجربة تحاول بعض الدول حالياً تقليدها، لأنها أدركت أن الإعلام سلاح ردع يقوم بالدفاع عن الدولة فى دور لا يقل عن أكبر سلاح ممكن أن تمتلكه أى دولة.. وهو ما يدفعنا إلى أن نطالب رئيس الجمهورية بمواصلة دعم منظومة مصر الإعلامية من أجل مواجهة الإعلام المعادى ومخططات «أهل الشر» والدول الكارهة، ليصبح لمصر سيف ودرع وإعلام يدافعون عنها دائماً.
«والله من وراء القصد».