بروفايل| حسن روحانى بداية ونهاية

بروفايل| حسن روحانى بداية ونهاية
ربط عمامته البيضاء، متمسكاً بزيه التقليدى، كونه رجل دين فى المقام الأول، توجّه إلى مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة، بكل رصانة، ليعلن أن «الخلافات بين الولايات المتحدة وإيران يمكن أن تُعالج فى إطار خاص، فإيران تتحرك انطلاقاً من مسئولياتها فيما يتعلق بالأمن الإقليمى والدولى». لم يأخذ أحد حينها حديثه على محمل الجد، ووجّهت إليه انتقادات عنيفة تتهمه بالخداع والمكر، فخرج رئيس الوزراء الإسرائيلى بعده بساعات يحذّر من «المماطلة» حتى الحصول على السلاح النووى.
وقف الرئيس الإيرانى حسن روحانى، مزهواً معتداً بنفسه، فهو الرئيس الأول فى بلاده الذى استطاع ترويض الضغوط الغربية والتوصُّل إلى اتفاق يمنحه بعض الحرية ويمنح بلاده متنفساً تستطيع أن تخرج به من تلك الضغوط الاقتصادية التى كادت تدمرها. الإيرانيون خرجوا يهتفون باسمه بعد ساعات قليلة من إعلان للاتفاق، بينما استُقبل وزير خارجيته العائد من «لوزان» استقبال «الفاتحين»، احتفالاً باتفاق لم يكن يتوقعه أحد.
قبل أقل من عامين، خاض «روحانى» السباق الرئاسى باعتباره رجل الدين الأوحد، ووسط توقعات مسبقة بأن يتصدّر المحافظون النتائج، جاء اختياره «صادماً» على جميع الأصعدة.. الإيرانيون أنفسهم كادوا ينفجرون عن آخرهم من شدة فرحتهم، فخرجوا إلى الشوارع ينزعون الحجاب فى تحدٍّ واضح للسلطات، ابتهاجاً بـ«نهاية الخريف الإيرانى»، بينما العالم ينظر فى دهشة.. هل يُعقل أن يكون الرئيس الجديد معتدلاً حقاً، يمكن التوصل إلى تسوية معه لحل الأزمة النووية نهائياً؟ هل يُعقل أن خلافاً دام ما يقرب من عقد كامل ينتهى فى أشهر معدودة؟
يوماً بعد يوم، زادت حدة الصدام بين الدول الكبرى والمعارضين للاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووى.. فـ«طهران» استمرت فى رسائلها المتفائلة.. إسرائيل ظلت حذرة، وفرنسا تحاول تهدئة روعها، بينما تلهث الولايات المتحدة وراء «روحانى»، ولأنها القوة الأكبر فى العالم.. خرجت بقية الدول وراءها فى مسعاها. ولكن الأيام مرت وأثبتت أن «روحانى» هو الحلقة المفقودة فى الصراع بين القوى الغربية وإيران، ليس لأنه الأكثر اعتدالاً، ولكن لأن عصره هو الوحيد الذى شهد بعض المرونة فى مفاوضات التوصل إلى الاتفاق النووى.
ربما كل ما يريد أن يفعله «أوباما» هو أن يفعل إنجازاً ما يذكره له التاريخ، فقد أثبتت السنوات الخمس التى قضاها حتى الآن قابعاً على رأس أكبر دولة فى العالم، أنه أسوأ من تحكم فى المصالح الأمريكية على جميع المستويات.