"ناصر" و"عرفات" و"الفاجومي".. أيتام أثروا في التاريخ

كتب: رجاء مدحت

"ناصر" و"عرفات" و"الفاجومي".. أيتام أثروا في التاريخ

"ناصر" و"عرفات" و"الفاجومي".. أيتام أثروا في التاريخ

خصال وصفات تميز بها العديد من العظماء والعلماء والفقهاء، احتلوا بها مكانة رفيعة، ربطت بينهم خصلة واحدة هي "اليُتم"، منهم من فقد والده فأصبح بلا عائل، وتُرِك أمام الدنيا تأخذه المصاعب وتتلاعب به المتاعب، وغيرهم رحلت أمهاتهم ليفقدو الحنان والاحتواء، إلا أنهم علموا أنهم ما خلقوا لذلك، فتحدوا الحياة وخاضوا غِمارها، فلم توقفهم العقبات ولم تحل دون ما أرادوه، فلم يختبؤا خلف يتمهم منتظرين رأفة الآخرين وإحسانهم، لتكون الحياة مغامرة مثيرة حققوا ما عجز عنه الآخرون، ليسجلوا بذلك أسمائهم على صفحات التاريخ. تنشر "الوطن" أسماء عظماء في مجالات عديدة كالسياسة والفقة والشعر وعلوم الدين والأدب ذاقوا آلام اليتم: جمال عبدالناصر: تُوفّيت والدة جمال عبدالناصر، وهي تضع مولودها الرابع ولم يكن ناصر قد بلغ الثامنة من عمره، والذي ترك في نفسه أثرًا كبيرًا عليه فعندما سُئِل عن وفاتها، قال: "لقد كان فقداني لأمي في حد ذاته أمرًا محزنًا للغاية.. فقد كان فقدانها بهذه الطريقة وعدم توديعي إياها صدمة تركت داخلي شعورًا لا يمحوه الزمن.. وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفتره أجد مضضًا بالغًا في إنزال الآلام والأحزان بالغير في المستقبل"، وقد تعمق حزن "ناصر" عندما تزوج والده قبل نهاية العام الذي توفت فيه والدته. وبدأت نشأة "ناصر"، السياسية عندما انتقل مع والده إلى القاهرة، والتحق بمدرسة النهضة الثانوية بحي الظاهر بالقاهرة، وبدأ وكتب مقالات بمجلة المدرسة، منها مقالة عن الفيلسوف الفرنسي فولتير، بعنوان "فولتير، رجل الحرية. ياسر عرفات: الزعيم الفلسطيني الثائر والذي ذاق اليُتم منذ صغره ففقد والدته "زهوة أبوالسعود" عندما كان في الرابعة من عمره بسبب قصور كلوي وكان حينها يعيش في حي السكاكيني بالقاهرة، مع والده تاجر الأقمشة، وأرسله بعدها مع أخيه إلى القدس، حيث استقرا عند أقارب أمه وعاش هناك مع عمه 4 سنوات، وعندما تزوج والده بامرأة ثانية، أخذه أبوه وأخته ليعيش إلى جانبهم ويرعياه ولكن لم تكن علاقته بوالده جيدة، فقد كانت تزداد سوءًا يومًا بعد يوم إلى أن توفي والده وعرف ياسر عرفات، أنه الصقر الفلسطيني المدافع عن القضية الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني إلى آخر أيام حياته ليصبح بذلك رمز المقاومة الذي لا يموت. الإمام الشافعي: نشأ الإمام يتيمًا في كنف أمه في فقر وضيق من الحال، فانتقلت به إلى مكة وعمره سنتين لمجالسة العلماء وتلقي العلوم الشرعية، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن 7 سنين، وحفظ الموطأ وهو ابن 10 سنين فأصبح بذلك ثالث الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، وهو أيضًا إمام علم التفسير وعلم الحديث، وعمل قاضيًا فعُرِف بالعدل والذكاء. وإضافةً إلى العلوم الدينية، كان الشافعي فصيحًا شاعرًا، وراميًا ماهرًا، ورحّالًا مسافرًا. أكثرَ العلماءُ من الثناء عليه، حتى قال فيه الإمام أحمد: "كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس"، وقيل إنه هو إمامُ قريش الذي ذكره النبي محمد بقوله: "عالم قريش يملأ الأرض علماً". الإمام أحمد بن حنبل جاء الإمام بن حنبل ليضع بذلك اساساً ان اليتم لا يمكن ان يعيق بشر فيقول ابن حنبل (لم أرَ جدي ولا أبي) فقد مات والده بعد ولادته مباشره وقامت أمه بتربيته في ظل مَن بقي من أسرة أبيه، وكان أبوه ترك له في بغداد عقارًا يسكنه، وآخر يغل له غلة قليلة تعطيه الكفاف من العيش، فاجتمع له بتلك الغلة الضئيلة أسباب الاستغناء وعرف منذ صغره بحفظه للقران ومجالسة العلماء وأثنى عليه الإمام الشافعي قائلًا "خرجتُ من بغداد وما خلَّفتُ بها أحدًا أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل". وفي مجال الشعر جاء "أبي الطيب المتنبي"، ليكون بذلك أعظم أيتام الشعراء، وفقد المتنبي أمه رضيعًا وربته جدته، فنظم أول أشعاره وعمره 9 سنوات. واشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكرًا ليصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. أحمد فؤاد نجم: "شاعر الشعب"، الذي فقد والده منذ صغره والتحق بملجأ للأيتام بعد انتقاله لمنزل خاله في الزقازيق، وقابل فيه عبدالحليم حافظ، وجاء تكوين وعي "نجم" من رواية الأم لـ"مكسيم غوركي"، وعلق عليها "هي مرتبطة في ذهني ببداية وعيي الحقيقي والعلمي بحقائق هذا العالم، والأسباب الموضوعية لقسوته ومرارته"، ليصبح بذلك أهم شعراء العامية في مصر وأحد ثوار الكلمة واسم بارز في الفن والشعر العربي ولقب بالفاجومي المصري وبسبب ذلك سجن عدة مرات. يترافق اسم أحمد فؤاد نجم مع ملحن ومغن هو الشيخ إمام، حيث تتلازم أشعار نجم مع غناء إمام لتعبر عن روح الاحتجاج الجماهيري الذي بدأ بعد نكسة 1967، وفي العام 2007 اختارته المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للامم المتحدة سفيراً للفقراء.