إنها انتخابات رئاسية بـ«رائحة التحدي»
(«مصر» مُستهدَفة).. منذ سنوات طويلة تتردد هذه المقولة على لسان جميع المصريين، نشعر بها ونؤمن بها، وندرك أن هذا الاستهداف مستمر منذ فترة طويلة، وندرك -أيضاً- أن هذا الاستهداف لم يتوقف ولن يتوقف ما دامت «مصر» الحبيبة بخير وبأمان وباستقرار، وما دامت تتقدم للأمام بخطى ثابتة وهى واثقة فى شعبها الوفى لها.
ونحن نتحسس خطانا نحو المستقبل لا يمكن - أبداً - أن نغفل مسيرتنا السابقة وتاريخنا الملىء بالتحدى، فمن لا يتعلم من تاريخه لا يمكن أن ينجح فى مستقبله، فى تاريخنا الحديث سيرة حسنة لهذا الشعب المصرى العظيم الذى ساند الزعيم الراحل جمال عبدالناصر -خالد الذكر- وزملاءه من الضباط الأحرار، ولم يُكتَب لثورتهم النجاح إلا بانضمام الشعب لها، ولذلك لم تكُن ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ مجرد ثورة شعبية فقط، بل كانت -بالفعل- ثورة فى الصناعة والثقافة، وثورة فى تحقيق العدالة الاجتماعية والنهضة العمالية..
ومع تولى الرئيس الراحل أنور السادات - بطل الحرب والسلام - سانده الشعب بعد أن تقدم الصفوف وأعاد ترتيب أوراق الوطن فاتخذ قرار الحرب وكانت ملحمة النصر العظيم وكان النصر المبين الذى خُلدت أمجاده وتضحياته فى أنصع صفحات التاريخ.. هكذا يقول التاريخ ويعلمنا أن الشعب المصرى هو كلمة السر فى التصدى لأى تحدٍّ يواجه الأمة المصرية لكى نأتى بعد ذلك لنتذكر ولنتدبر ونقرر حاضرنا ونحدد مستقبلنا.
طوال الـ(١٢) عاماً الماضية، ونحن واضعون أيدينا على قلوبنا خوفاً على الوطن وحرصاً على سلامته، وكان الشعب المصرى - كالعادة - هو المعلم وكان هو سيد قراره، فإذا جاءت لحظات ظن البعض فيها أن الشعب لم يعد مهموماً بمسيرة الوطن ينهض الشعب ويجمع أوصاله ويستنفر الهمم ويعيد ترتيب أوراقه ويستيقظ وينفض الغبار وينهض وهو عاقد العزم على تخطى الصعاب ومواجهة المخاطر، حدث هذا تحديداً طوال تاريخ مصر، وآخرها ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وانتخابات الرئاسة فى ٢٠١٤ و٢٠١٨.
وخلال السنوات العشر الأخيرة ظهر معدن الشعب المصرى الأصيل، فقد وقف وقفة حاسمة خوفاً على الوطن من الضياع فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وقال كلمته وعدّل من اتجاه (بوصلة) الوطن، ثم اختار مواطناً مصرياً اسمه (عبدالفتاح السيسى) بعد أن رأى فيه الإقدام والشجاعة والوطنية والإخلاص ليكون أميناً على الوطن الغالى ورئيساً له، ودعمه وسانده فى حربه ضد الإرهاب، لم يحارب «السيسى» الإرهاب فقط، بل حافظ على بقاء الدولة وأنجز مشروعات كبرى فى كل المجالات، ولم يكن كل هذا ليتحقق إلا بمساندة شعبية مستمرة.
والآن ونحن بصدد استحقاق انتخابى رئاسى هام، أرى المصريين لديهم شجاعة غير طبيعية - كعادتهم - على إثبات قوة إرادتهم واختيار رئيسهم بكل أريحية، وحجم المشاركة دليل على أن الشعب يريد أن يقول للعالم إن «مصر» تُجرى انتخابات رئاسية فى ظل تحديات صعبة لكنها ليست مُستحيلة، وبقدر خوفنا على الوطن وبقدر كل هذه الصعاب فإننا عازمون على اختيار رئيسنا - من بين أكثر من مرشح - وهذا دليل على قوة جبهتنا الداخلية وتماسكها.
إنها «انتخابات رئاسية» بطعم التحدى وبرائحة الأمان وسمو وكبرياء «شعب» اعتاد على تحديد مصيره بيده، «شعب» كلمته تخرج صاخبة مدوية رنانة يسمعها العالم فيقف احتراماً وتقديراً له ولتاريخه العريق، «شعب» يتجاوز كل المحن والآلام بصبر وجلد متناهيين، «شعب» لا يستطيع أحد عدم تنفيذ إرادته أو حتى تجاهلها أو التقليل منها، «شعب» حينما يأتى موعد الفداء والتضحية تجده يلبى النداء مسرعاً.. «شعب» يرفع شعار («مصر» فى قلوبنا)، ورغم ما يحدث فى الشرق الأوسط من صراعات ومواجهات فإنه يقول: نُجرى انتخابات رئاسية مهما كانت الظروف حتى نستكمل مسيرة التنمية والبناء.