فاتورة العنف ضد المرأة

سحر الجعارة

سحر الجعارة

كاتب صحفي

(هل تستخدم إبداعك للترويج لرسالة عدم التسامح مطلقاً مع العنف؟ هل تستغل وقتك فى التعامل مع المنظمات الشعبية التى تعمل من أجل عالم يتمتّع فيه النساء والرجال بحقوق متساوية؟ أم أنك ربما تتساءل عن الصور النمطية الجنسانية التى تسهم فى ثقافة العنف ضد المرأة فى المحادثات عبر الإنترنت وخارجها؟).. هذا السؤال توجّهه الأمم المتحدة لكل أفراد المجتمع، ليس فقط قياساً لدرجة الوعى بمشكلات العنف ضد المرأة، بل أيضاً لقياس مدى إيمان الفرد بدوره فى مناهضة العنف والقضاء عليه.

يتزامن اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة مع حملة «اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة» (25 نوفمبر - 10 ديسمبر)، وهى مبادرة مدّتها 16 يوماً من النشاط تُختتم فى اليوم الذى تُحيا فيه مناسبة اليوم العالمى لحقوق الإنسان 10 ديسمبر.

وتدعو حملة 2023 إلى الاستثمار لمنع العنف ضد النساء والفتيات وتدعو المواطنين إلى إظهار مدى اهتمامهم بإنهاء العنف ضد المرأة والفتاة، وتدعو الحكومات فى جميع أنحاء العالم إلى مشاركة كيفية الاستثمار فى منع العنف القائم على النوع الاجتماعى، تحت شعار «#لا-عذر» الذى يدعو إلى استثمارات عاجلة لمنع العنف ضد المرأة والفتاة.

وتشير الأمم المتحدة إلى أن العنف ضد المرأة والفتاة لا يزال واحداً من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعاً فى العالم. وتشير التقديرات إلى أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم -أى واحدة من كل ثلاث نساء تقريباً- وقعن ضحايا للعنف الجسدى و/أو الجنسى مرة واحدة على الأقل فى حياتهن. ومع ذلك فإن القدر الضئيل من الموارد الاقتصادية التى تخصّصها البلدان أمر مثير للقلق. حيث يتم تخصيص 5% فقط من المساعدات الحكومية العالمية لمكافحة العنف ضد المرأة، ويتم استثمار أقل من 0.2% فى الوقاية منه.

وهناك حاجة إلى المزيد من الموارد المالية للمنظمات النسائية، وإدخال تحسينات على التشريعات وإنفاذ العدالة، وتقديم الخدمات للناجين، وتدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون.

والحقيقة أن مصر حقّقت الكثير على هذا الدرب، خاصة فى مجال التشريعات، فتم تغليظ عقوبة التنمّر الإلكترونى والتحرش الجنسى، كما تم تغليظ عقوبة ختان الإناث، فجاء نص التعديل فى المادة (242 مكرر)، على أن «يُعاقَب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختاناً لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية أو سوّى، أو عدّل، أو شوّه، أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مُستديمة، تكون العقوبة السجن المشدّد لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت، فتكون العقوبة السجن المشدّد لمدة لا تقل عن 10 سنوات».. وذلك فى إطار مشروع إعلان «مصر خالية من الختان».

وعلى مستوى التمكين من مراكز صنع القرار، وتكريس المساواة المنصوص عليها فى الدستور احتلت المرأة المصرية فى عهد الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، مكانة مرموقة، سواء فى المجالس النيابية (ربع مقاعد المجلسين) أو كوزيرة وقاضية.. وربما كان دخول المرأة «مجلس الدولة» من أهم المعارك التى نجح فيها نظام 30 يونيو.. ونحن الآن ننتظر قانون الأحوال الشخصية الجديد ليُجرّم «ضرب الزوجات» والتعسّف فى استخدام الحق فى الطلاق ورفع باقى المظالم عن المرأة المصرية.

ونجح الإعلام فى توظيف جميع أدواته لنشر الوعى، خاصة الدراما، بخطورة العنف بين الزوجين «فاتن أمل حربى نموذجاً»، والتبشير بقانون يعالج مشكلات الحسبة «تحت الوصاية».. علاوة على اقتحام مجتمعات الريف والصعيد بنموذج «حضرة العمدة».. بالإضافة إلى معالجة قضية الميراث فى «عملة نادرة».. لا أدّعى أن هذا الجهد كافٍ، ولا أننا أنجزنا المهمة بكفاءة.. فقط فضّلت البدء فى المشاركة «قلماً وجريدة» فى حملة «لا عذر» بذكر بعض الإيجابيات التى تحقّقت لوقف العنف ضد النساء والمساواة بين الجنسين، على أن نلتقى فى كتابات مقبلة حول العادات والتقاليد التى تفرّغ مبادرات الدولة والجمعيات الأهلية من محتواها.