الحرب العادلة في غزة!
ستة أيام فترة الهدنة فى غزة. بالكاد التقط أهلها أنفاسهم. لم يسعفهم الوقت إلا للبحث عن مزيد من الشهداء تحت ركام بيوتهم التى هدمتها آلة العدو الحربية، وفتح المعبر لدخول أغذية وماء ووقود لا يكفى لحياة هؤلاء الذين تضربهم الصواريخ والدبابات على مدار 24 ساعة يومياً، حتى إن الرصاص لا يخيف أطفالهم بعدما رأوا القنابل الفوسفورية وصواريخ الفانتوم الحديثة فى الترسانة العسكرية الأمريكية.
لم يترك العالم لأهل غزة إلا 144 ساعة ينظرون فيها إلى وجوه بعضهم، لعلهم يحفظون ملامح أهلهم إذا ما استشهدوا أو فُقِدوا أو شوهتهم آلات النار.
بعد الأيام الستة، عادت مجازر إسرائيل للعمل بشراسة أكثر وبكثافة نيران أكبر وبمشاعر انتقامية أعمق. التقط العدو أنفاسه أيضاً وعاد لينتقم من الأطفال والعجائز والنساء ولم يقدر المجتمع الدولى الظالم أن يوقف المجازر وينصب طاولة المفاوضات لكى ينال الفلسطينيون حقوقهم فى وطنهم الذى اغتصبته العصابات الصهيونية.
يعلو الصوت فى الدول الغربية الاستعمارية أن إسرائيل لها الحق فى الدفاع عن نفسها!! ولا يتطرقون أبداً إلى أن الفلسطينيين لهم الحق فى وطنهم ولهم الحق فى الحياة ولهم الحق فى تحديد مسارهم ومصيرهم بإرادة حرة.
أعادت حرب غزة كشف الوجه القبيح للسياسة الدولية التى يمارسها الاستعمار الذى اعتقدنا أنه انتهى بعد حركات التحرر التى تميز بها القرن العشرون، لكنه ما زال يعمل بأساليب تتلون حسب ظروف السياسة الدولية، فإذا كانت حربهم ضد شعب ضعيف كالشعب الفلسطينى، فإنهم يستأسدون عليه ويفتحون ترساناتهم لضخ كل أنواع الأسلحة ضد الضعفاء، أما إذا كانت الحرب ضد عدو أو خصم قوى، مثل روسيا، فإنهم لا يقتربون إلا بقدر معلوم ويحرصون على اتباع قواعد القانون الدولى والحرب لأن الطرف الآخر سيضربهم حيثما ضربوا وكيفما ضربوا.
إن الاستعمار، وصنيعته إسرائيل، يطبق ما تضمنته فلسفات الحرب الغربية التى تكرس مبدأ البقاء للأقوى وعلى الضعيف أن يندثر، وكما قال أرسطو إن العنف عدل، واستخدام الأقوياء قوتهم عدل فى كل الأحوال باعتبار أن هذا قانون الطبيعة الذى شاء للضعفاء أن ينقرضوا وأن يخلوا سبيلهم للأقوياء والمتفوقين. هكذا يفكرون وهكذا يعتنقون وهكذا ينفذون فيقتلون ويسلبون ويحتلون.
لا سبيل للبقاء إلا القوة.. وما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة. حرب غزة عادلة للفلسطينيين.. حرب غزة حرب إبادة يقوم بها الإسرائيليون، وليس أمام غزة فى ظل تجاهل المجتمع الدولى إلا القتال والكفاح والنضال، فإما النصر وإما الشهادة.