قنوات «المتحدة» والنجاح مهنيا ووطنيا وأخلاقيا!
كل قنوات الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، حتى غير الإخبارية، كانت على مستوى الحدث، بل وفى جاهزية كاملة له كغيره من الأحداث التى تجرى فى أى مكان على أرض مصر والعالم، ولذلك لم تستهلك وقتاً لا فى الاستعداد للتعامل مع ما جرى فى الأرض المحتلة منذ السابع من أكتوبر الماضى إلى اليوم ولا فى الحصول على توجيهات شكل وطريقة التعامل. ومن هنا كانت ما نسميها بـ«الجاهزية». صحيح كانت هناك تعليمات وتوجيهات، لكنها «جاهزة» مقررة سلفاً فى مثل هذه الظروف، لا تحتاج وقتاً لصدورها ولا لوصولها كاملة للمعنيين بتنفيذها، ولا وقتاً فى تنفيذها وإخراجها على الشاشة!
والمقصود -فى السطور السابقة- ليس حركة الكاميرات وفنييها وأطقم التصوير والمراسلين والارتكاز عند أماكن الأحداث أو بالقرب منها.. إنما المقصود رؤية معالجة الأحداث ومنهج التناول وحتى شكل المذيعات والمذيعين، حيث غطى الحداد شكل الشاشات فى الدقائق الأولى للعدوان على غزة وبعد سقوط أول شهيد، وظل الأمر على الشاشات متماهياً مع الموقفين الشعبى والرسمى، وليس فقط ناقلاً لهما!
كاتب هذه السطور، كمواطن مصرى، أشعر -مع من يشعرون- بالفخر من أداء إعلام بلادى، والذى فى معظمه قدّمته وأدارته الشركة المتحدة، فعلى المستوى المهنى لم تكن هناك زاوية للأحداث أو منطقة سياسية أو جغرافية إلا وغطتها الشاشات بكاميرات ومعلومات ومراسلين.. ولم تمر مناسبة ولا حادثة ولا واقعة ولا خبر ولا تطور إلا وكان محللو الشاشات معها أمام مذيعى القنوات يحللون ويشرحون.. وكان الثمن باهظاً.. قدمت «القاهرة الإخبارية» شهداء وجرحى، ودفعت الثمن غالياً من دماء أبنائها.. رحم الله المصور الشهيد وشفى الزميل الجريح! وحتى بعيداً عن «ضرب النار» كان المشهد عند معبر رفح مشرفاً.. لا يمكن أن تفكر فى استخدام ريموت التليفزيون للذهاب إلى أى شاشة أخرى لمعرفة أو متابعة الأحداث.. أى شاشة لـ«المتحدة» تكفى، خاصة شاشاتها الإخبارية «إكسترا والقاهرة الإخبارية»! وعندهما النبأ الأسرع والخبر اليقين!
وعلى المستوى الوطنى والقومى المتزامن مع الأداء المهنى كانت مواقف قنوات «المتحدة» عند المسئوليات الوطنية والقومية والأخلاقية.. أداء قومى عروبى أصيل وأداء أخلاقى (لاحظ زيارة قيادات الشركة لشمال سيناء ومستشفياتها التى استقبلت الجرحى الفلسطينيين لرفع الروح المعنوية وقبلها قافلة مساعدات، وهو دور إضافى لو لم تفعله ما لامها أحد، لكنه الأداء المثالى النموذجى) وسياسى رفيع افتقدناهما طويلاً، ولكن كل شىء تجلى عند الضرورة وعند الاستدعاء التاريخى الذى تفرضه اللحظة وتمليه الأحداث!
وذلك كله يبدأ من المصطلحات التى استُخدمت «العدوان»، «الكيان الصهيونى» «العدو الإسرائيلى» «الاحتلال» «كيان الاحتلال» «سلطات الاحتلال» «الكيان المحتل» «الأرض المحتلة» «نضال شعب» «تضحيات الشعب» «الصمود» «التمسك بالأرض» «الأمة العربية» «الوطن العربى» «المخطط الصهيونى» «من النيل للفرات» «الصهيونية العالمية». وتوزعت المصطلحات بين مقدمى البرامج وضيوفهم.. المراسلين وضيوفهم أيضاً.. حسب الموقف المحدد ووفق المتاح من مساحات توازن بين المهنية والسياسة، وهو توازن أجاده تماماً أبناء «المتحدة»! فكانوا مع وطنهم.. وكانوا مع أمتهم.. وكانوا مع مهنتهم!
هذا الجهد.. ذلك التوازن.. ذاك الاتزان بالميزان الدقيق للموقف الصعب الذى فيه بلدنا وشعبنا وأمتنا وشعبنا الشقيق فى الأرض المحتلة لم يأتِ صدفة.. بل بجهد كبير سابق -طبعاً- على الأحداث، لكنه -كله- كان صحيحاً ودقيقاً. لم تبخل الجهات المعنية على تلك المؤسسات الإعلامية للوجود بالشكل اللائق الذى يمثل مصر ويشرفها، حتى لو بعض ذلك تم التعامل معه نوعياً للوصول إلى أنسب كلفة ممكنة ومنضبطة تتوافق مع ظروف البلاد، لكن دون أن يكون ذلك على حساب الأداء ومتطلباته وضروراته ومستلزماته وأهدافه!
ولذلك.. فما جرى.. ليس إلا أن جاءت لحظة اختباره كله.. فاختبروا ونجحوا.. حانت لحظة مشاهدته.. فشاهدناه.. ونجحوا وأقنعونا وأفادونا.. أن حلت ساعة الحقيقة فى اختبار جدى وحقيقى.. وقف الجميع فيه فجأة.. بلداً وشعباً وقيادة وقوات مسلحة وحكومة ومؤسسات والإعلام المعبر عن ذلك كله أمامه.. ونجحوا!
كل التقدير والتحية لإعلام المتحدة.. وإلى الأمام.