رفض التهجير رسالة الأرض والعرض.. إياكم والاستهانة

حسام حربى

حسام حربى

كاتب صحفي

لم تكن حالة العدوان الغاشم لجيش الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين المدنيين العُزل في قطاع غزة مثل سابقيها، سواء في يوليو 1948 الذي شهد مذبحة اللد وأسفرت عن استشهاد 426 شخصا، أو مجزرة كان يونس في نوفمبر 1956 التي استشهد فيها 250 فلسطينيا، وغيرها من المذابح التي ارتكبت في حق الفلسطينيين.

بعد مرور أكثر من شهر ونصف على بداية العدوان الغاشم لجيش الاحتلال الإسرائيلي واستشهاد ما يقرب من 13 ألف شهيد في رقم غير مسبوق، يبدو أنّ هناك إصرارا إسرائيليا على تنفيذ سيناريو حذرت مصر ولا تزال تحذر منه، فمنذ اليوم الأول موقف مصر قيادةً وشعبًا واضحا وحازما وبقوة وهو دعم الشعب الفلسطيني ورفض التهجير القسري، واعتبر الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، أنّ التهجير يعني تصفية القضية برمتها.

ظلت الأحداث تتصاعد أكثر فأكثر، ولاحظ النواب ممثلي الشعب هذا الإصرار الواضح من جانب الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ مخططاته وأحلامه التي رسمها منذ عام 1948 بتهجير الشعب الفلسطيني من دولته، ما دفع نحو إلى توصية 16 طلب إحاطة إلى دولة رئيس مجلس الوزراء للوقوف على الإجراءات التي تتخذها الدولة المصرية في منع تنفيذ مخطط الكيان الصهيوني ودعم الشعب الفلسطيني. 

جلسة برلمانية مهمة برسالة شعبية واضحة وهي الإعلان للعالم أجمع أنّ الشعب المصري رافض بكل المقاييس، ولا يقبل أبدا المساس بأمنه القومي، ولا السماح بتهجير الشعب الفلسطيني تهجيرا قسريا، وهو الأمر الذي أدركته القيادة السياسية منذ البداية فكانت واعية وعلى يقظة لما يريده جيش الإحتلال الإسرائيلي وما تستهدفه من محاولات خبيثة لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تهجير أهالي قطاع غزة إلى سيناء، فكنا من أوائل الدول التي تندد ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي من إبادة جماعية وتطهير عرقي للأشقاء في غزة.

أما رسالة الملايين إن لم يكن 105 ملايين مواطن مصري يعيش على أرض هذا الوطن ويعرف قيمته الذي ضحى من أجلها ومن أجل استرداد أرضه أبطال سطروا تاريخا سيظل هو الأشرف والأنبل لنا كمصريين، في المقابل سيظل هو الأسوأ في تاريخ إسرائيل ومن يدعمهم ويواليهم مفادها «أنّ الدعم المستمر من مصر لأهالينا في قطاع غزة وانتفاضة المجتمع المدني وفي مقدمته التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي ومؤسسة حياة كريمة وامتداد جسر يومي لدخول الشاحنات التي تحمل المساعدات الإغاثية المطلوبة للقطاع، هو واجب وفرض عين علينا كمصريين كان ولا يزال مستمر ولن ينقطع، وليس معنى ذلك هو أنّنا نقبل باستمرار وضع ينتهي بسيناريو تهجير قسري للفلسطينيين وتهديد الأمن القومي المصري، فهناك فارق بين الدعم ومساندة المدنيين العُزل في القطاع وبين قبول ما يهدد أمن مصر القومي، فالشعب المصري الذي يرفع يده بالدعاء دائما للخير قد يتحول لجنودٍ في لحظة إن تطلب الأمر وهو متعطش لذلك، فنحن شعب ميّزه الخالق بالغيرة على الأرض والعرض، وخرج من ضلوعه جيش لا يخشى الموت والاستشهاد دفاعا عن تراب الوطن.. إياكم أن تستهينوا بذلك أبدا».