الأميرة رشا يسري تكتب.. «إسرائيل.. دولة قامت على النمط الأمريكي»  

كتب: الأميرة رشا يسرى

الأميرة رشا يسري تكتب.. «إسرائيل.. دولة قامت على النمط الأمريكي»   

الأميرة رشا يسري تكتب.. «إسرائيل.. دولة قامت على النمط الأمريكي»  

منذ أُعلن عن قيام دولة إسرائيل، بل وقبل إعلانها بسنوات كثيرة، عندما كانت فكرة عند ثيودور هرتزل كان النمط الأمريكى هو الملهم للمؤسسين الأوائل فى دولة الاحتلال الصهيونى، وهو نمط يتضمن الإبادة، فكما قامت أمريكا على أشلاء الهنود الحمر. ظهر النمط الإسرائيلى فى قيام دولتهم كنسخة مصغرة من هذا النمط الأوسع. ولذلك فإننى أستغرب ممن يستغربون العنف والإبادة المستمرة التى يرتكبها الصهاينة ضد السكان الأصليين فى فلسطين منذ إعلان قيام إسرائيل، ففكرة دولتهم فى الأساس قامت على نفى الآخر بالقتل أو التهجير فى دفعه بالقوة للخروج من الأرض. النموذج الذى يتم الآن مع سكان غزة بعد عملية «طوفان الأقصى» وإجبارهم شيئاً فشيئاً على التحرّك ناحية الحدود المصرية، هو جزء من فلسفة مستمرة فى إسرائيل.. قتل أو طرد السكّان الأصليين. علاوة على ذلك، فقد نجح المؤسسون الأوائل لدولة الاحتلال فى تحويل دورها لتكون ذات فائدة للاستعمار الغربى بشكل عام. وهنا تكمن قوة إسرائيل ليس فى ذاتها، بل فى قدرتها على إقناع الغرب بأنها تستطيع خدمة أهدافهم الاستعمارية فى المنطقة بعدما اضطروا للجلاء، وهذا هو ما يُعرف بالدولة الوظيفية. إسرائيل هى دولة وظيفية بامتياز تعاقدت مع الغرب، لفصل شرق الوطن العربى عن غربه، وقد حدد هرتزل الوظيفة الاستعمارية للدولة التى كان يدعو لها وقتها بقوله:«نحن هناك سنؤلف جزءاً من الاستحكامات الأوروبية ضد آسيا وسنكون قاعدة أمامية للحضارة الأوروبية ضد الهمجية».

ولذلك فقد سوّقت العصابات الصهيونية لنفسها منذ البداية فى أنها عندما تقوم بأداء مهام قتالية، أو عندما تقوم بمهام استخباراتية، فإنها بذلك تدور فى إطار الدولة التى أقيمت لتكون قاعدة عسكرية للغرب.. دولة وظيفية لتنفيذ أجنداته فى المنطقة، ولا يمنع ذلك من تقديمها فى غلاف دينى وقومى محشو بالأساطير والنبوءات، لإقناع شعوب الغرب بحتمية قيام إسرائيل.

وبينما هى كذلك ومنذ تأسيسها يقوم الغرب بتقديم الدعم المالى والسياسى والعسكرى لها بسخاء منقطع النظير، وفى ذلك الإطار لا يبدو غريباً ما أكده بوضوح الرئيس الأمريكى جو بايدن فى مؤتمر صحفى من تل أبيب: «لو لم تكن هناك إسرائيل فى الوجود لعملنا على إقامتها وسنستمر فى دعمها». وأضاف الرئيس الأمريكى فى حديثه عن عملية «طوفان الأقصى» أن «ما حدث فى إسرائيل يشكل 15 ضعفاً لما حدث فى 11 سبتمبر»، وأشار «بايدن» إلى أنه سيطلب من الكونجرس الأمريكى تقديم مساعدة «غير مسبوقة» لإسرائيل.

ما قاله جو بايدن فى تل أبيب أثناء زيارته لها أثناء حربها على غزة فى أعقاب عملية «طوفان الأقصى» لم يكن التصريح الأول له فى حياته، فقد سبقه تصريح يحمل نفس المعنى وبصيغة أكثر وضوحاً عام 1986 عندما كان عضواً فى الحزب الديمقراطى، كان يتحدث آنذاك عن الوجود الإسرائيلى فى المنطقة وقال: «إذا نظرنا إلى الشرق الأوسط، لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان على أمريكا خلق إسرائيل لحماية مصالحها فى المنطقة». وعلى ذلك فالمتحدثون الرسميون الإسرائيليون أثناء زياراتهم الدائمة إلى الولايات المتحدة كثيراً ما يشيرون إلى أن أمريكا وهى تسعى للحفاظ على أمنها القومى فى منطقة الشرق الأوسط، تحتاج إلى استخدام عشر حاملات طائرات، ويشيرون إلى أن تكلفة تشغيل حاملة ثابتة واحدة يصل إلى 5 مليارات دولار. وفى هذا السياق، يتم التأكيد أن تكلفة دعم إسرائيل للولايات المتحدة تقدر بحوالى 3 مليارات دولار فقط، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلى الراحل أرييل شارون وهو يشير إلى هذه الإحصائيات ذات مرة، ابتسم وعبَّر قائلاً: «أين الباقى؟». لذلك.. ونحن نتعامل مع القضية لا بد لنا أن نفهم قيمة ومكانة إسرائيل عند الغرب بالعموم وعند أمريكا على وجه الخصوص، فالحديث هنا لا بد أن تتنحى عنه العنتريات، الرئيس السادات قال فى مؤتمر صحفى وهو يبين أسباب قبوله وقف إطلاق النار عام 1973: إنه أرسل برقية للرئيس حافظ الأسد يوم 19 أكتوبر قال له فيها إنه بعد 3 أيّام من بدء القتال لم يكن يحارب إسرائيل، بل كان يحارب الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. ومن ذلك لا يبدو غريباً هذا الاصطفاف لحاملات الطائرات الأمريكية والبوارج والغواصات والفرقاطات البريطانية والفرنسية والألمانية فى البحرين المتوسط والأحمر دعماً لإسرائيل.


مواضيع متعلقة