متى تنتهي الحرب في غزة؟
6000 قنبلة إسرائيلية سقطت على قطاع غزة، حتى 3 نوفمبر، وفقاً لمركز ستيمسون.
آلاف الشهداء والمصابين، وعداد لا يتوقف عن إحصاء الآلام.
هل هناك ما هو أسوأ من أن يصير البشر مجرد أرقام عابرة؟!
صحيح أن لكل حرب كلفتها من النفوس و«الفلوس»، لكن الصحيح أيضاً أن التراجيديا الفلسطينية يجب أن تخلد بوصفها أهم ملامح دراما الحقيقة.
هذه السيناريوهات المؤلمة لا يجب أن تكتب أبداً بحبر أبيض على أوراق شديدة البياض.
ولأن الحرب متى بدأت لا تنتهى، لا تنتهى أبداً، فإسرائيل لن تتوقف، قبل 6 أشهر أو سنة، وفقاً لتوماس فريدمان، فى مقاله المنشور فى نيويورك تايمز فى 29 أكتوبر الفائت.
فى مثل هذا النوع من الحروب، أى تراجع أو وقف لإطلاق النار، مهما كانت نتائج ما حقق، سيعد خسارة لإسرائيل.
هذه حرب وجود؛ أى خطوة للوراء، هى انتصار لحماس.
إسرائيل مستمرة فى التوغل البرى، وحتى أيام قليلة مضت، كانت قد تقدمت لما يقارب 5 كيلومترات داخل القطاع، دون أن تسمى ذلك بالعملية البرية، خوفاً من تحفيز أطراف أخرى للدخول على خط المقاومة وإعطاء فرصة مستقبلية لنفسها، للرجوع متى شاءت، دون أن تكون قد ألزمت نفسها بمحددات ارتبطت بتسمية بعينها.
تحتاج إسرائيل لتفتيش كل بيت فى قطاع غزة للوصول لقادة حماس وعناصره (30 ألفاً)، الذين هم فى واقع الأمر يعيشون فى أنفاق تقدر بـ500 كيلومتر، وفقاً للاستخبارات الأمريكية، أسفل قطاع غزة (360 كيلو) وتمتد للأراضى التى تسيطر عليها إسرائيل.
فى حروب الجيوش النظامية، يمكن أن تعرف نتائج المكسب والخسارة مقدماً، أما فى الحروب التى تجرى فى مسارح من أنواع قطاع غزة، يمكن أن تكون فيها خسائر الجيوش النظامية أكثر من مكاسبها.
أمريكا نفسها تعرضت لهذا الشبح من قبل. فى العراق مرتين (من 2003 حتى 2011) ومن (2014 حتى 2017) وفى أفغانستان، خلال أطول حروبها من 2001 إلى 2021.
ورغم أن حركة طالبان لم يكن لديها قوة بحرية أو برية، إلا أنها أجبرت أكبر جيش فى العالم على الخروج فى النهاية.
حتى 2 نوفمبر، قتل 18 عسكرياً إسرائيلياً، وفقاً للأرقام المعلنة، فى العملية البرية، لكن المؤكد أن الخسائر أكبر.
باليقين، الضغط الدولى أو المناشدات بالتوقف عن استهداف المدنيين، لا قيمة لها فى قرار إسرائيل بالتوقف أو الاستمرار.
استمرار إسرائيل أو تراجعها، فى هذه اللعبة شديدة الدموية، مرهون بمدى ما تشكله عائلات القتلى والمحبوسين لدى حماس (240 تقريباً) من ضغط على الحكومة الإسرائيلية، إلى جانب حجم التهديد الذى تتعرض له مصالحها الاستراتيجية فى المنطقة.
(2)
يعيش الاقتصاد العالمى على المسكنات منذ نهايات 2019، بفعل كورونا ومن بعدها الحرب الروسية الأوكرانية.
تسارع معدلات التضخم دهس ملايين الأسر حول العالم.
إذا تصاعدت الحرب بين إسرائيل وقطاع غزة، سيتعرض الاقتصاد العالمى لصدمة مزدوجة فى قطاع الطاقة.
برميل النفط ربما يرتفع إلى 150 دولاراً. بالتبعية ستتزايد أسعار السلع.
الملايين فى العالم معرضون لمجاعة فى 2024، وفقاً لبيان البنك الدولى فى 30 أكتوبر الماضى.
وإذا كان هذا الاضطراب الاقتصادى أحد أكبر خسائر الحرب، فدخول أطراف أخرى على خط المواجهة، ثانى أكبر هذه الخسائر المحتملة.
حتى الآن، أبدت أطراف أخرى غير حماس، مما يسمى بمحور المقاومة، استعدادها لدخول المعركة.
23 هجوماً تعرضت له أهداف أمريكية، فى الفترة بين 17 أكتوبر و31 أكتوبر.
14 هجوماً فى العراق و9 فى سوريا.
نتائج هذه الهجمات تعنى أن دخول المعارك يختلف عن دخول الحروب.
(3)
هذه حرب أمريكا، التى وافق مجلس نوابها، الخميس الماضى، على تقديم 14 مليار دولار مساعدات لإسرائيل، فى حربها على قطاع غزة.
إسرائيل أكثر دولة فى العالم حصلت على مساعدات عسكرية مباشرة من أمريكا منذ 1948.
130 مليار دولار فى 75 عاماً.
3.5 مليار دولار سنوياً.
16% من ميزانية الدفاع الإسرائيلية سنوياً، بتمويل أمريكى.
هذا الدعم الأمريكى، يريد أن يعيد إسرائيل لأحضانها مجدداً، بعد سنوات من التمرد.
هذا التمرد كانت له شواهده: الاتفاق الإسرائيلى الصينى على مشروعات بمليارات الدولارات، دون أخذ أى خطوة للوراء، رغم المناشدات الأمريكية، ورفض إسرائيل المساهمة فى الحرب الأوكرانية، ما دفع أمريكا لمنع نتنياهو من دخول البيت الأبيض.
التدخل الأمريكى يريد أن يضبط المسألة.
أمريكا لا تريد حروباً موسعة فى الشرق الأوسط، فى ظل تخوفها من تفتت الجيش الإسرائيلى بعد امتناع ضباط الطيران عن التدريب وانضمامهم للمظاهرات فى أزمة القضاء الإسرائيلية الشهيرة.
ذهاب الرئيس الأمريكى بايدن ووزير خارجيته إلى غرف العمليات العسكرية الإسرائيلية، لم يكن سوى رسالة لكل إسرائيلى فى العالم.
تقدم أمريكا نفسها لكل مواطن إسرائيلى بوصفها مصدر الحماية الأول. فى النهاية ستعود أمريكا لقيادة القرار السياسى الإسرائيلى، بعد أن تطلق يد إسرائيل كيفما تشاء فى قطاع غزة.