الحرب التي كشفت عبقرية السيسي والجيش

يعلم الجميع أن الأوضاع فى سيناء من بعد 25 يناير 2011 لم تصل إلى هذا القدر من الخطورة التى هى عليها الآن بسبب الحرب الدائرة بين المقاومة وجيش الاحتلال الإسرائيلى على أرض فلسطين، الأمر الذى يأخذنا إلى التصور المؤلم لو لم يكن الجيش المصرى قد نجح فى دحر الإرهاب عن سيناء.

الصورة المؤلمة

داعش تفرض سيطرتها فى سيناء على الحدود مع فلسطين المحتلة، مزاعم إسرائيلية وأمريكية عن ضربات منها ومن «جماعة أنصار بيت المقدس» على الداخل الفلسطينى المحتل، تعقبها بيانات من إسرائيل وأمريكا ودول الغرب تدين هذه الضربات، وتعطى لإسرائيل الحق فى الدفاع عن نفسها فى سيناء.

ويحدث ذلك والجيش المصرى لا يزال على حالته منذ 2011 بدون تطوير فى منظوماته الجوية أو البحرية أو البرية، فلا طائرات متنوعة المهام، ولا «ميسترال» ولا فرقاطات ولا غواصات من تلك التى لا يزال الإعلام المعادى يقول إن مصر ما اشترتها إلا للحصول على الشرعية من الغرب، تخيل الوضع على هكذا حال، كيف كانت سيناء ستصبح لقمة سهلة فى فم المخططات التى تم رسمها لعقود بأن يتم نزعها من السيادة المصرية، حتى إن تلك المخططات كان يتم تطويرها وتعديلها من حين إلى آخر.

مرّة بسيطرة الجماعات الإرهابية على سيناء، ما تعطى الشرعية لتدخل أمريكى كما هو الحال فى سوريا شرق وشمال الفرات، ومرة بدفع الفلسطينيين قسراً إلى العيش فى سيناء، كما يجرى له التخطيط الآن، وبين هذه المرة وتلك.. مرات عن إغراءات بتعديل مصر لحدودها فى إطار مشروع أمريكى سموّه مرّة صفقة القرن، ومن قبله مشروع إسرائيلى بتعديل الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة على النحو الذى كشفه مبارك فى تسريب صوتى شهير بعد تخليه عن الحكم فى أعقاب أحداث يناير 2011.

فى هذه الحالة التى كانت ستكون عليها سيناء لو لم يتمكن الجيش المصرى من دحر الإرهاب وإعلانها خالية منه تماماً قبل أسابيع بشكل رسمى، وفى وضع لم يكن فيه الرئيس السيسى قد اتخذ قراره الصعب فى أسوأ أوضاع مصر الاقتصادية بتحديث الجيش.

ولو لم يكن قد شرع الرجل فى إصلاح الاقتصاد المصرى بالشكل الذى وفّر للدولة المصرية مئات المليارات من الدولارات التى وفرت له تمويل الحرب على الإرهاب وتمويل تطوير الجيش، ولو لم يتخذ القرارات الجريئة بكشف العمران فى رفح المصرية عن رفح الفلسطينية، بشكل يدحض أى مزاعم إسرائيلية عن «هروب قيادات المقاومة الفلسطينية عبر الأنفاق إلى داخل سيناء».

ولو لم تنتفض الشركة المتحدة بكافة أدواتها الإعلامية المختلفة لكشف أبعاد المؤامرة الكبرى التى تُحاك ضد سيناء، والمساعى الصهيوأمريكية فى جعلها وطناً بديلاً للفلسطينيين، تخيل هذه الصورة التى كانت ستكون عليها مصر الآن لو لم يتخذ الرئيس السيسى كل هذه القرارات الصعبة، كيف كانت ستكون مصر وسيناء الآن، أتذكر كلمة الرئيس السيسى التى أصبحت تضرب مسامعى بقوة الآن، عندما قال فى وقت سابق: «إحنا مخبيين حاجات كتير»، فتحمل الرجل طوفاناً من الاتهامات وحروب التشكيك فى كل قراراته التى كان لها عظيم الفضل فى أن تضع مصر فى الوضع الذى أصبحت عليه الآن، بينما العالم كلّه يقف خلف إسرائيل فيعطيها «مشروعية» أن تفعل ما تشاء لـ«الدفاع عن نفسها» كما يزعمون.

الصورة المطمئنة

لقد أسهمت جهود الجيش المصرى والدولة المصرية فى تحقيق الأمن والاستقرار فى سيناء، حتى أصبحت خالية من الإرهاب، فلا مجال لمزاعم عن خطوط دعم أو نقاط هروب من غزة وإليها، وهنا علينا أن نسترجع بشكل سريع جهود رجال الله فى الدولة المصرية والجيش خلال السنوات العشر الماضية، منذ بدأت الدولة بعمليات عسكرية دقيقة لمكافحة الجماعات الإرهابية فى سيناء أثناء الانفلات الأمنى فى البلاد بعد أحداث 25 يناير 2011.

طوال حرب مضنية تمكن فيها الجيش المصرى من تصفية والقبض على العناصر التكفيرية، فى حرب دفعنا فيها أرواحاً غالية وأثماناً باهظة، لتصبح سيناء على ما هى عليه الآن. وقد كشفت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصرى للفكر والدراسات، أن الحرب التى خاضتها مصر مع الإرهاب، فى أعقاب ثورة الثلاثين من يونيو 2013، كلّفت الدولة المصرية على الصعيد البشرى 3277 شهيداً، إضافة إلى 12 ألفاً و280 مصاباً، أما على الصعيد المادى، فقد قُدرت التكلفة بحوالى 84 مليار جنيه حتى عام 2017، بتكلفة شهرية قدرها مليار جنيه، حسبما أفاد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال حفل إفطار الأسرة المصرية فى أبريل 2022.

دور الجيش فى حماية المصالح الوطنية:

الآن اتضح للمصريين بشكل لا يقبل التشكيك كيف أن دور الجيش المصرى فى سيناء لم يكن يقتصر على مكافحة الإرهاب فحسب، بل امتد أيضاً إلى حماية المصالح الوطنية، بشكل استراتيجى ظهرت احترافيته بعد السابع من أكتوبر الجارى عندما انتفض العالم كلّه على وقع الحرب الدائرة الآن على الحدود مع سيناء بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، وهى الاحترافية التى تظهر بوضوح مع كل ساعة تمر على الأحداث التى تشهدها فلسطين المحتلة الآن، فى ظل التضامن الغربى اللامحدود مع آلة الحرب الإسرائيلية.

فى الختام، فإن إنجاز الدولة المصرية بالسيطرة الكاملة على سيناء لم يكن ليكون من دون تضافر الجهود بين القوات المسلحة والحكومة والشعب المصرى الذى أبدى دعمه وتحمله لكافة الصعاب التى عاشها ولا يزال يعيشها، ومن أهمها وقوف الشعب بجانب الدولة والجيش فى التصدى لحروب الجيل الرابع والخامس التى استهدفت ولا تزال ثقة المصريين فى الرئيس والجيش، تحملوا ما لا يُحتمل، الآن اتضحت الصورة.

شكراً للواقفين على الجبهة فى الشركة المتحدة بصدورهم ومهنيتهم واحترافيتهم، وهم يتصدون طوال السنوات الماضية لحملات التشكيك والتضليل التى تبثها وسائل الإعلام المعادية، فكان أن منّ الله بالنصر لمصر.. من دون أن تطلق رصاصة واحدة.. الاستقرار الذى نعيشه الآن يقف خلفه آلاف الجنود ودُفعت فيه آلاف التضحيات.