الكاتب محمود عرفات: النصر سيظل ذكرى مضيئة.. ولا أصدق مرور 50 عاما على الحرب

الكاتب محمود عرفات: النصر سيظل ذكرى مضيئة.. ولا أصدق مرور 50 عاما على الحرب
- حرب اكتوبر
- دور الشعب فى الحرب
- دور المؤرخين
- دور الأدباء
- حرب اكتوبر
- دور الشعب فى الحرب
- دور المؤرخين
- دور الأدباء
قال الكاتب محمود عرفات، أحد أبطال نصر أكتوبر 1973، إن ذكرى النصر ستظل حية ومضيئة مدى الحياة، مؤكداً ضرورة استلهام هذه التجربة فى حياة الشعب المصرى لتحقيق إنجازات موازية على أرض الواقع. وأضاف «عرفات»، فى حواره لـ«الوطن»، أن أبرز أسرار النصر هى أن البلد كله كان مُجنداً فى اتجاه هدف واحد وهو تحقيقه، إلى جانب اتباع المنهج العلمى لحلّ المشكلات، مؤكداً أنه كان من القلائل المقتنعين بأن مصر لا بد لها من خوض القتال، ولا حل غير الحرب.. وإلى نص الحوار.
كيف ترى تجربة حرب أكتوبر بعد نصف قرن من الزمان؟
- لا أصدق أننى عشت هذا الزمن الطويل بعد العودة من الحرب من دون إصابة، مع أننى حين جُندت كنت على يقين بأنى لن أعود، وستظل ذكرى أكتوبر حية ومضيئة ما بقيت على قيد الحياة.
حدِّثنا عن ظروف تجنيدك.
- تخرجت فى كلية التجارة بجامعة القاهرة دفعة (69)، وجُندت عقب التخرج فوراً، فى سلاح المدفعية، ثم وقع الاختيار علىّ ضمن مجموعة لإلحاقنا بتدريب جديد فى مدرسة التوجيه المعنوى، وهناك قضينا نحو 5 شهور لدراسة عدة علوم، من أجل إعداد الجنود والضباط للمعركة، وتم إلحاقنا بدروة ضباط الاحتياط، وفى مارس 1971، تم توزيعنا على الوحدات العسكرية، وجاء توزيعى فى وحدة دفاع جوى فى بورسعيد وقضيت بها نحو 11 شهراً من تجنيدى، ثم جاء أمر بنقلى إلى القصاصين بالإسماعيلية.
كيف عايشت الفترة قبل الحرب؟
- كنت من القلائل المقتنعين بأن مصر لا بد لها من خوض القتال، ولا حل غير الحرب، وابتداء من 30 سبتمبر 73 بدأت أستشعر مؤشرات بقرب المعركة، والساعة 11 صباح يوم السبت 6 أكتوبر شهدت عقد اجتماع قادة، وطُلب منا قراءة «الفاتحة» وطُلب من قائد مسيحى أن يقرأ الصلاة المناسبة، وأُبلغنا أن ساعة الصفر 2 ظهراً، وهو الأمر الذى تجلت فيه المشاعر الإنسانية، وصدر أمر للقادة بتنفيذ كل منهم للخطة المعتمدة، وكانت مهمتى فى ذلك اليوم المرور على الوحدات العسكرية لتبيلغ بيان قائد اللواء والأوامر الرسمية ببدء لحظة الثأر، إلى أن انطلقت الحرب بالفعل الساعة الثانية إلا خمس دقائق ظهراً وعبرنا.
ما أبرز المواقف التى لا تُنسى من الحرب؟
- فى اليوم التالى 7 أكتوبر كنت أمر بسيارة التوجيه المعنوى التى معى على المعبر إلى الضفة الشرقية من القناة وكنت غير مُصدق، حيث وجدت نفسى لا شعورياً وبدون ترتيب أهتف «الله أكبر»، ووجدت البلد كلها تردد «الله أكبر»، وكنا على بعد 600 متر من شرق القناة، وجدنا فى اليوم نفسه الفلاحين من أهالى سرابيوم التابعة للإسماعيلية يهتفون فرحاً بالعبور ويلقون علينا ما استطاعوا من فاكهة وخبز، غير خائفين من ضرب النار من حولهم، إذ حاول العدو منع تقدمنا بأى شكل فكان يضرب النار باتجاهنا بشكل جنونى، وفى يوم 9 أكتوبر وجدت خط مياه عذبة تم توصيله من تحت قناة السويس إلى شرق القناة، ووجدت أيضاً بعدها ماكينة لتركيب كابل اتصالات رئيسى للجبهة من الشمال إلى الجنوب، أرضنا تعود إلينا!
أحد أبطال أكتوبر: مهمة الكُتاب والمفكرين هي تغذية شعلة أكتوبر بالزيت اللازم لكي تظل متوهجة في حياتنا
متى قلت وأنتم على الجبهة إننا انتصرنا بالفعل؟
- فى اليوم الثالث للحرب عندما خسر العدو قائد فرقة مدرعة «إبراهام مندلر»، ويومها أذعت خبر مقتل القائد الإسرائيلى على يد قواتنا بين الجنود، وهو دليل على أننا نتقدم ونُكبد العدو خسائر كبرى.
من واقع مشاركتك فى أكتوبر.. ما سر الانتصار؟
- من أبرز أسرار النصر أن البلد كله كان مُجنداً فى اتجاه هدف واحد، إلى جانب اتباع المنهج العلمى لحلّ المشكلات، ومن المهم أيضاً فى نجاح الحرب أن القيادة والجنود كانوا معاً فى أرض المعركة وفى الوقت نفسه، وأود الإشارة إلى أن لكل شخص شارك فى الحرب دوراً مهماً فى صنع النصر حتى أولئك الذين لم يحملوا السلاح.
الدروس المستفادة من الحرب التى يمكن تقديمها للأجيال؟
- الحرب والاستعداد الجيد لها والتنفيذ الدقيق للعمليات، كل ذلك أثبت أنه بإمكاننا تحقيق المعجزات، إذ إن إعادة بناء القوات المسلحة فى 6 سنوات معجزة، وإعادة بناء العقيدة القتالية فى 6 سنوات معجزة أيضاً، وعبور قناة السويس فى 1973 معجزة، فما الذى يمنعنا من تحقيق الممكن، وعمل إنجاز حضارى موازٍ لانتصار أكتوبر؟!
الكتابة عن الحرب
لم يكن لى إلا تجارب بسيطة فى الكتابة قبل حرب أكتوبر، وعقب خروجى من الجيش، عينت فى إحدى المصالح الحكومية، وكنت أتمنى أن أرى روح أكتوبر التى حققت المعجزات فى المجتمع، ولما لم يحدث بدأت فى الكتابة من أجل توثيق التجربة، ونشرت أول كتاب بعنوان «مقام الصَبا» فى 2002 وعمرى 55 سنة، وهو رواية كتبتها فى ثلاثة شهور، والرواية تظهر بها أصداء الحرب، وكتبت المجموعة القصصية «على شاطئ الجبل» وحصلت على جائزة الدولة التشجيعية فى 2005، ثم نشرت رواية «سرابيوم» بالكامل عن حرب أكتوبر فى 2015، وصورت بها الانتصار كاملاً، وما حدث فى الثغرة كذلك، معتمداً على الوثائق الرسمية، وفى مختلف كتاباتى، لأن الحرب أهم تجربة فى حياتى.