علموا أولادكم ركوب المترو
قال الفاروق عمر بن الخطاب: علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل.. قصد عمر تربية النشء والشباب على الفروسية والفتوة والتى لا يقصد بها وقت الحرب فقط، بل فى كل الأوقات والظروف.
قصد عمر أن يخشوشن الشباب ويصيروا فرساناً لوقت الشدة، ونحن نرى الآن أن الجنود فى الجيوش يقومون بمهام عديدة فى خدمة المجتمع، خاصة فى أوقات الشدة، ولا يقتصر تدريبهم أو تخشينهم على أوقات الحروب.
أتذكر ذلك كلما رأيت موقفاً من شبابنا لا يتفق مع ما ذكرته، عندما أستقل مترو الأنفاق أجد شباباً خنعاً لا يليق بما نأمله من أبنائنا.
من أبرز الظواهر احتكار الشباب الوقوف على أبواب المترو، واحد أو أكثر على جانبى كل باب مانعين ومضايقين السيدات والرجال ومعطلين الصعود والنزول من القطار، تملؤهم اللا مبالاة، وكل منهم منكب على تليفونه لا يشعر بما حوله.
تعلم الصبية والمراهقون نفس السلوك حسب نظرية عدوى السلوك، وصاروا لا يتركون الأبواب، ومنهم من يجلس على الأرض معتقداً أنه مقلد للأجانب وأن فى تصرفه تقدمية.
وبالطبع يلغى الشباب كل التعليمات الموجودة بالمترو بشأن كبار السن وذوى الهمم؛ فيحتلون مقاعدهم بلا أدنى مراعاة أخلاقية.
ومنذ زمن كان الشباب يترك مقاعده للكبار دون تعليمات، فإذا نظرت فى عربة قد تجد كل مقاعدها بالكامل يحتلها الشباب ولا يتركونها للكبار، وبالطبع هناك استثناءات وشباب مهذب يترك مقعده للكبار وللسيدات ولذوى الهمم، لكنى أتحدث عن ظاهرة منتشرة.
كنت أقف بينما شاب يافع جالس يقرأ القرآن وجاء رجل سبعينى لا يقدر على الوقوف، وخاب توقعى عندما ظننت أن قارئ القرآن هذا سيهب واقفاً عندما يرى العجوز، فهو لم يحرك ساكناً، بينما انكب حاشراً وجهه فى المصحف.
فى المدارس يجب أن تكون هناك حصص لتدريب الأطفال على قواعد الذوق والإتيكيت وكيفية التعامل مع من هم أكبر سناً وكيفية مخاطبتهم وتفضيلهم على أنفسهم فيما يتعلق بالجلوس أو السير، كما يجب تعليم الأطفال كيفية التعامل فى وسائل المواصلات العامة وعدم إزعاج بقية الركاب واحتلال الأبواب.
وأعتقد أنه من المناسب دراسة سيكولوجية تفضيل الوقوف بجوار الأبواب فهى ظاهرة سخيفة يجب البحث عن علاج لها ويكفى الانتشار الفيروسى للباعة والمتسولين فى المترو، حيث نمت علاقات وعصابات تتقاسم الخطوط والمحطات بموافقة مراقبى الأبواب.
حان الوقت لعلاج الظواهر السلبية بطرق علمية وعلى المراكز البحثية القومية والجامعية أن تكرس جهدها لعلاج الظواهر التى تنخر فى كيان المجتمع وتحط من أخلاقيات الأفراد. وعلى الآباء والأمهات إبداء النصح لأبنائهم لعل ذلك يخفف من سلوكهم السلبى فى الأماكن العامة والمواصلات.