كوميديا وتراجيديا إسماعيل يس

رفعت رشاد

رفعت رشاد

كاتب صحفي

عاش الفنان إسماعيل يس نجماً متلألئا فى سماء الكوميديا عقوداً، ومات فى تراجيديا عاشها سنوات فى أواخر عمره. بدأ حياته «مونولوجيست» ولمع وانضم إلى قافلة نجوم السينما ومثل فى بداياته مع على الكسار وتلألأ حتى صارت تصنع الأفلام باسمه وكان ينتج لنفسه أحياناً، فحصد ثروة كبيرة وصار قاسماً مشتركاً فى معظم الأفلام فى فترة الخمسينات خاصة. وكان لإسماعيل يس باع كبير فى المسرح فمثّل ما يزيد على 70 مسرحية تم تصوير غالبيتها تليفزيونياً لكن للأسف تم مسح كل المسرحيات ما عدا واحدة.

دخل إسماعيل يس بيوت كل المصريين وأحبه الكبار والصغار وكان نموذجاً للشخص البرىء الذى يواجه مقالب الحياة ويتغلب عليها بصدقه ونيته الخالصة. وفى فترة كان التليفزيون قد انتشر فى المنازل كانت أفلام إسماعيل يس نوعاً من التسلية لكل أفراد الأسرة؛ للزوجة فى المطبخ وللأولاد حول جهاز التليفزيون، فصار صديقاً للجميع يحبونه وينتظرون أفلامه بشغف كبير.

يختلف الفنانون ومنهم الكوميديون على موهبة إسماعيل يس، وهل هو ممثل قدير أو كما أطلق البعض عليه شارلى شابلن الشرق، أم أنه مجرد مؤدٍّ لأدوار بطريقة المهرجين وممارسة الإضحاك لمجرد الإضحاك؟. بعضهم رأى فيه لمحة قدرات تمثيلية ولكن ليست بمستوى عالٍ وإن رأوا أيضاً أن هزليته التمثيلية كانت تؤدى دوراً أحبه الناس وأقبلوا عليه والدليل الأرباح الكبيرة التى كانت تحققها أعماله، وهذا يعنى أن الناس كانت فى حاجة لمن يضحكها ولو بدون هدف أو فلسفة للضحك.

فنانون آخرون هاجموه وقالوا إنه ليس ممثلاً بالمعنى الحقيقى ولا يؤدى أدواراً تعبر عن التمثيل المنهجى، لكن بقى فى النهاية أن إسماعيل يس الذى يمر على مولده 111 عاماً استطاع أن يجد لنفسه مساحة كبيرة فى قلوب المصريين من البسطاء الذين يكفيهم رسم البسمة على وجوههم وهم يفعلون ذلك رغم أنهم يحفظون أدوار وحوارات إسماعيل يس فى كل أعماله.

عاش «إسماعيل» كوميدياً طوال حياته الفنية لكنه مات فى تراجيديا سوداء. فى نهاية مشواره الفنى تعرض للإفلاس واضطر أن يعود للعمل كمنولوجيست وأصيب بالاكتئاب الحاد وهو الذى كانت أعماله تعرض فى نفس الوقت فى العديد من دور السينما، ومات عن عمر 59 عاماً ولم يحضر جنازته عدد كبير من زملائه أو من جمهوره الذى أحبه نجماً لامعاً.