انطباعات عن تعيين اللواء مجدي عبدالغفار وزيرا للداخلية
* كنت من أوائل من رأوا ضرورة رحيل محمد إبراهيم ضمن التغييرات التي تمت على رجال السلطة بعد 30 يونية 2013.. استدعاء الإخوان له من التقاعد ليحل محل أحمد جمال الدين الذي اعتبروه مناوئاً لتنفيذ خطة تمكينهم، كان ينبغي أن يكون مصدراً للتوجس والريبة مهما عبر عنه بعد ذلك من مواقف.
* قبل أحداث 30 يونيو اجتمع محمد إبراهيم مع اللواء أشرف عبدالله، قائد الأمن المركزي، آنذاك مرتين استهدف خلالهما وضع خطة تأمين لمقرات الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة بكل المحافظات، ورفض عبدالله ذلك، مؤكداً أنه يتلمس التوجه العام لدى ضباط الشرطة، وأن إصدار مثل هذه التعليمات سيحدث فوضى لأن الضباط لن تنفذها، كما سيتم تشتيت قطاع كبير من جهاز الشرطة على النحو الذي لن يستطيع معه فرض السيطرة والأمن بالمحافظات.
* انحياز محمد إبراهيم للسيسي في 30 يونيو إذن كان انعكاسًا لحقيقة "مكره أخاك لا بطل" لأنه لم يكن قادرًا على تبنى الاتجاه المعاكس.
* محمد إبراهيم ارتكب أخطاءً جسيمة خلال توليه منصبه، أبرزها عدم تقديمه رؤيا للنشاط الأمني للوزارة في مواجهة تحديات أمنية بالغة الخطورة والتصاعد، واكتفى بردود الفعل القاصرة، لذلك تكررت جرائم الإرهابيين، وبنفس التكتيكات، لأنها لم تجد أن هناك أي محاولات من جانب "الداخلية" لسد الثغرات التي تعمل من خلالها، تفجير مديرية أمن القاهرة بعد الدقهلية، وتفجير معسكرات الأمن المركزي بالسويس والإسماعيلية.. ليست سوى أمثلة قليلة تؤكد ذلك، ومرجع كل هذه السلبيات عدم قدرته على استعادة كفاءة أداء جهاز الأمن الوطني.
من هو اللواء مجدي عبدالحميد وزير الداخلية الجديد؟
* تخرَّج من كلية الشرطة 1974، وكان ترتيبه 194 على الدفعة، والتحق بالأمن المركزي، انتقل لمباحث أمن الدولة 1977 وتدرج في مناصبها حتى 1993، تم ندبه للعمل بوزارة الخارجية حتى 1995، عاد وكيلاً لإحدى الإدارات بقطاع أمن الدولة حتى 2002، عُيِّن رئيسًا لمصلحة أمن الموانئ لفترة قبل أن يعود نائبًا لرئيس قطاع الأمن الوطني ومسؤولًا عن أمن الجهاز، التي تعتبر حائط الصد أمام محاولات اختراق الجهاز وتسمح له بدراية كاملة بالجهاز وضباطه، تولى فترة أمن الوزارة ورُشِّح لحضور المجلس الأعلى للشرطة وبالتالي فهو ملم بحالة الضابط العاملين بها، حيث كان أحد المسؤولين عن تقييمات الضباط.
* عُيِّن رئيسًا لجهاز الأمن الوطني في عهد منصور العيسوي مارس 2011، وأصدر له محمد مرسي قرارًا بالمد بعد بلوغه سن التقاعد في 3 يوليو 2011، بعد توليه رئاسة جهاز الأمن الوطني رحَب بالرقابة الوطنية على أداء الجهاز، وألغى مراقبة التليفونات سوى بإذن من النيابة العامة، استغنى عن إدارات التحقيق والاستجوابات، في يونيو 2012 رفض مرسي طلبًا مقدمًا من الوزارة بالمد له قائلًا "الأخ الواد عبدالغفار اللي كان ماسك أمن الدولة ده يروح"، ما يؤكد عدم رضائه عن أدائه.
التعليق
* ثلاثة وزراء داخلية بعد الثورة ينتمون للأمن العام، واثنان من مصلحة السجون، والوزير الحالي هو أول وزير ينتمي للأمن الوطني، ما يعني أنه أكثر دراية بالمجريات السياسية بالدولة، وحسه الأمني أقوى من الجنائي، وهو أحرص على تقوية "الأمن الاستباقي"، ودعم علاقاته بالجهات الرسمية لتمده بما يستكمل قواعد بياناته ويمدها بما يعزز أمنها.
* يمثل تعيين اللواء مجدي عبدالغفار دفعة جديدة للوزارة في مواجهة العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر والتصعيد الخطير خلال الفترة الماضية، خاصة وأنه يتسم بالصرامة والحزم أكثر من محمد إبراهيم، وجاء تعيينه في الذكرى الرابعة لاقتحام الإخوان والسلفيين مقرات مباحث أمن الدولة، ما يعني إرضاء لضباط الجهاز يدفعهم لمزيد من التعاون والبذل.
* غير أن الحكومة مطالبة –في إطار الشفافية الواجبة- لطمأنة الرأي العام بشأن بعض الأمور التي قد تبدو في حاجة لذلك وأهمها:
1- إن النظام يضم حالياً ثلاثة وزراء داخلية.. أحمد جمال الدين مستشارًا أمنيًا للرئيس، أطاح به الإخوان ليأتوا بمحمد إبراهيم، لأنه لم يخضع لمخططاتهم.. ومحمد إبراهيم مستشار أمن لرئيس الوزراء، تمسك به الإخوان لآخر أنفاس نظام حكمهم، وهو الذي أطاح باللواء مجدي عبدالغفار بسبب اعتراض الإخوان عليه.. وأخيرًا اللواء مجدي وزير الداخلية.. هل يؤثر وجود هؤلاء الثلاثة في مراكز مختلفة من أجهزة صنع القرار داخل الدولة على وحدة القرار وسلامة الرؤيا وحكمة التعامل مع التحديات الراهنة دون تضارب أو عناد؟!
2- اللواء مجدي عمل بأقسام الأمن السياسي بمباحث أمن الدولة، وهو الذي أشرف على عملية إعادة هيكلة الجهاز بعد الثورة، وفق معايير فرضها تيار الإسلام السياسي على المجلس العسكري الحاكم، فتم حل الإدارات المختصة بالتحقيق والاستجواب، ومتابعة النشاط المتطرف السياسي والديني، وإنهاء خدمة الضباط والقيادات المعنية بهذا النشاط.. ثم نقل تبعية الجهاز إلى رئاسة الجمهورية، وتعيين نائب لرئيسه بمعرفة خيرت الشاطر لتحقيق الاختراق الكامل للجهاز وأنشطته.
توضيح هذه الإشكاليات تغلق الباب أمام محاولات التشكيك في حسن الاختيار، ولا تتعارض مع أمن وسرية المعلومات المتعلقة بالأمن القومي.. فهل من مجيب؟!