قراصنة الكتب الخارجية

راجى عامر

راجى عامر

كاتب صحفي

قبل أسابيع انتشرت شائعة عبر المواقع الاجتماعية بأن أسعار الكتب الخارجية لطلاب المدارس ارتفعت للغاية لدرجة وصول الكتاب الواحد إلى ما يقارب ألف جنيه.

رقم مرعب تلقاه أولياء الأمور بصدمة وغضب.. ورغم أن دور النشر الشهيرة أعلنت أسعار الكتب الخارجية لتنفي وصولها إلى هذه الأرقام المرتفعة ولكن هذا لا ينفي حقيقة أن أزمات الشحن عالميًا وارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج من ورق وطباعة أدت بالضرورة لارتفاع أسعار الكتب بالفعل بما فيها أسعار الكتب الخارجية وهو ما تسبب في ضغط إضافي على الأسر المصرية.

قد يقدم البعض حلول لمعالجة مشكلة ارتفاع الأسعار الكتب سواء الاتجاه إلى الرقمنة أو دراسة مدى جدوى صرف مئات الملايين سنويًا في طباعة الكتاب الوزاري الذي لا يعتمد عليه عادة الطلاب أو المدرسين في مقابل دعم الكتب الخارجية وتوفيرها للطلاب.. وأيًا كانت الحلول على تنوعها واختلافها.. واتفاقنا معها أو اختلافنا بشأنها لكن لا يمكن أبدًا أن يُعالج الخطأ عن طريق ارتكاب خطأ آخر، وهذا ما حدث.

فمع ظهور "تريند" أسعار الكتب الخارجية انتشرت عبر موقع واتس آب رسالة مُجمع بها جميع الكتب الخارجية مقرصنة بصيغة "بي دي أف" مع دعوة من يرسلها أولياء الأمور للقيام بطباعتها عوضًا عن شراء الكتب الأصلية في تجاهل صريح لحقوق ملكية دور النشر لهذه الكتب والخسائر التي سوف تصيب صناعة بأكملها يعمل بها قطاع من المواطنين وتفتح بيوت أسر مصرية.

قرصنة الكتب لا تقتصر على الكتب الدراسية لكن تتواجد لينكات عبر الإنترنت لتحميل الروايات والأعمال الأدبية والكتب المختلفة على تنوعها دون احترام لحقوق الملكية الفكرية للكاتب أو دور النشر فيما قد تتعرض الكتب المقرصنة ذاتها للحذف والإضافة ولا يمكن ضمان مطابقتها للأصل.

الكتب المصرية والعربية بشكل عام ما أن تُنشر حتى يتم قرصنتها، ويبدو أن النصائح المتعلقة بالامتناع عن تداول الأعمال المقرصنة التي تلحق ضررًا معرفيًا من خلال تدميرها لصناعة النشر لا تجدي نفعًا والحل في تحديث القوانين وتطبيقها بصرامة لحماية حقوق المؤلفين ودور النشر.

قرصنة الكتب عادة متأصلة لدى البعض ممن يرون أن الاستيلاء على الكتب ليست سرقة لحقوق الآخرين مثلما يتعامل آخرين مع فكرة استعارة كتاب للقراءة باعتبارها تعني الاستيلاء عليه للأبد وعدم إعادته لصاحبه تنفيذًا لمقولة برنارد شو "غبي من أعار كتابًا وغبي من أعاده".فيما تعلم غيرهم الدرس الذي أشار إليه أحد شعراء العرب قائلًا: ألا يا مُستعير الكُتبِ دعني فإن إعارتي للكُتبِ عارُ/ محبوبي من الدنيا كِتاب وهل أبصرتَ محبوبًا يُعارُ.

أذكر قبل سنوات عند صدور كتابي الأول تلقيت رسائل من أصدقاء تطالبني بنسخة "بي دي إف" مقرصنة لقراءة الكتاب وكأن لا حقوق ملكية لدار النشر أو لي كمؤلف من حقي الاستفادة المادية مما اجتهدت وبذلت الوقت في كتابته.. بل أن أحدهم أرسل لي لينك موقع قام بقرصنة الكتاب لتحميله أونلاين وعندما أخبرت محامي بالأمر لاستطلاع الرأي القانوني وكيفية التصدي لهذا الموقع أخبرني قائلًا (عليك أن تكون ممتنًا بأن من سرق الكتاب لم يضع اسمه عليه بدلًا منك!).

بالعودة للكتب الخارجية فإنه من حق أولياء الأمور أن تتم دراسة كل الحلول المتاحة لمواجهة ارتفاع أسعارها ولكن دون تشجيع على سرقة حقوق الملكية الفكرية لدور النشر، فلا يمكن معالجة خطأ بارتكاب جريمة.