«بريكس».. الأمل في نظام دولي عادل!
عمر هذه المجموعة المكونة من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا يتجاوز العشرين عاماً.. اليوم تنافس وتزاحم دول ومؤسسى النظام الاقتصادى القديم القائم فوق كوكب الأرض منذ عشرات السنين.. اليوم الاقتصاديات الناشئة وقتها، كما وصفها الخبير الاقتصادى الكبير جيم أونيل، تغير خريطة العالم كما تنبأ لها.. وإذا كانت مساحة الدول المؤسسة لها لا تتغير لكن حجم اقتصادياتها هو الذى يكبر ويتحول من حجم ضئيل فى الاقتصاد العالمى إلى ١٦٪ منه، إلى ربع اقتصاد العالم اليوم، ثم إلى ثلثه تقريباً وفقاً لآخر إحصائيات ترصد المساحة التى تستحوذ عليها أكبر مجموعتين فى العالم هى والدول السبع الكبرى حتى تفوقت البريكس لأول مرة برصيد يتخطى حاجز الـ٣٠٪ من حجم الناتج الإجمالى العالمى الذى يدور حول الـ١٠٠ تريليون دولار! وهذا فى ذاته إنجاز كبير..
وصحيح يصعب على دول المجموعة زيادة مساحتها التى تشكل أيضاً ٢٣٪ من مساحة كوكب الأرض، لكن مثل هذه المجموعات تكبر وتتمدد عبر طريقين.. الأول: الدور الذى تقوم به وتؤديه. والثانى: توسع المجموعة بانضمام دول أخرى إليها.. وعندما نكون أمام أكثر من أربعين دولة مهتمة بالانضمام إليها ندرك حجم النجاح الذى تحققه، والأهم: حجم الأمل فيها والآمال المعلقة عليها لتغيير اقتصاد العالم الموجود الآن وهو، وكما يعلم الجميع، ظالم وغير عادل ولم يزل قائماً على استنزاف دول الجنوب وجميع الدول الفقيرة والضعيفة وذات المراكز الدولية الأقل لحساب الدول الغنية!
«بريكس» التى يعادل سكانها الآن وقبل الإعلان المحتمل عن قبول دول جديدة ٤٠ ٪ من سكان دول العالم قادرة على إقامة سوق مشتركة لدولها ونظام مالى جديد وآخر نقدى ينافس النظام الموجود تسير بخطوات مدهشة نحو ذلك.. ففى ٢٠١٤ أعلن عن البدء فى تأسيس بنك للتنمية، وقبل انتهاء العام الماضى تأسس البنك بالفعل برأس مال يصل إلى ١٠٠ مليار دولار، يستهدف دعم جهود التنمية فى دول العالم، وكذلك نظام احتياطى نقدى ليصل فى المؤسستين إلى ١٥٠ مليار دولار وكانت مصر، ولله الحمد، من بين المنضمين للبنك الجديد!
وكما قلنا فهناك دول عديدة فى العالم تسعى للانضمام لعضوية البريكس، منها دول عربية، وبخلاف مصر هناك الجزائر والمملكة العربية وتونس والسودان -قبل الأحداث المؤسفة الأخيرة طبعاً- والإمارات والبحرين بل ودولة فلسطين.. فضلاً عن دول أخرى منها الأرجنتين وبنجلاديش وبيلاروسيا وإندونيسيا وإيران والمكسيك ونيجيريا وباكستان وتركيا والإمارات العربية المتحدة وفنزويلا وزيمبابوى.. ومن المنتظر خلال القمة الحالية بجنوب أفريقيا الموافقة على ضم بعض الدول التى تقدمت رسمياً بطلب إلى المجموعة وبالتالى سنكون أمام إضافة جديدة لها.. سواء فى أسواقها أو ناتجها الإجمالى أو مشروع عملتها الجديدة المنتظر إعلانها أو الانضمام لمنظومتها النقدية، والأهم على الإطلاق: الالتزام بسياسات المجموعة وعلاقاتها وخططتها إلى نظام اقتصادى عالمى جديد!
والحديث عن الظرف الاقتصادى للدول الفقيرة أو دول الجنوب أو دول العالم الثالث، أياً كان المسمى، فالنتيجة واحدة.. بؤس وفقر وبطالة وجفاف وديون. والأخيرة مأساة فى ذاتها.. قارتنا السمراء كمثال.. تريليون دولار ديوناً.. أكثر من ٢٢ دولة تعانى من ديون كبيرة ترهق اقتصادها وتوقف الديون وفوائدها أى صور للتنمية الحقيقية وتوجد ٩ دول توشك على التوقف عن السداد.. تتقدمها جنوب أفريقيا نفسها!!
الدول الكبرى تتحكم فى المؤسسات المالية، صندوق النقد والبنك الدولى.. وبالتالى تديره لمصالحها.. كثيرون لا يعرفون أن الدول الكبرى تغطى أحياناً عجز موازنتها بالاقتراض.. وهؤلاء الكثيرون لا يعرفون أن الدول الكبرى تقترض بفائدة أقل بكثير من الفوائد التى تقارض بها الدول النامية!! فوائدها فى حدود الـ١٪ مثلاً أو ٢٪! الحجة هى ثقة المؤسسات الدولية فى قدرة هذه الدول على السداد!! وبالتالى نسبة الائتمان أكبر!! بخلاف الثقة المنخفضة فى قدرات الدول الفقيرة على السداد!! رغم تدخل هذه المؤسسات فى الخطط الاقتصادية للدول النامية ورغم الفوائد التى ستعود على الاقتصاد العالمى من إنقاذ الدول الفقيرة وخروجها من دوائر الفقر وباقى دائرة الأزمات المزمنة التى ذكرناها!
الخلاصة: الوصول إلى النظام العالمى الجديد غاية ووسيلة.. غاية لإنهاء الظلم الحالى على بلادنا وشعوبنا.. ووسيلة للذهاب إلى نظام عادل يسمح بحياة لائقة لباقى شعوب العالم.. دون استغلال ولا نهب لثرواتهم.. هذا لن يتم إلا باستثمار أهم فرصة متاحة الآن أمام هذه الدول.. نجاح بريكس.. وهو ما ينبغى الحرص عليه من كل دول العالم الحرة.. مصر انضمت كما قلنا لبنك المجموعة وشاركت فى قمة باريس للبحث عن نظام جديد.. وتشارك فى القمة الحالية.. وبالتالى تدعم هذه الجهود الساعية نحو النظام المأمول.. يتبقى وعى شعبنا بما يجرى حوله وحول وطنه!