مبادرة رئاسية للرعاية المركزة!
استغرقت وقتاً طويلاً قبل أن أعترف بأننى لم أعد أتمكن من حصر عدد المرات التى تواصل فيها معى أحد الأصدقاء للبحث عن سرير رعاية أو حضانة أطفال فى أحد المستشفيات الحكومية، سواء التى تتبع وزارة الصحة أو حتى المستشفيات الجامعية.
يبدأ الأمر أن يصل مريض إلى استقبال أى مستشفى عام أو خاص ليكتشف الأطباء هناك احتياجه الفورى لسرير رعاية مركزة.. الذى يتزامن مع عدم وجود سرير شاغر فى المستشفى نفسه أو ارتفاع سعر السرير إذا كان المستشفى يتبع القطاع الخاص.
لتبدأ بعدها عملية البحث التى فى المعتاد يتخللها العديد من المكالمات الهاتفية لكل من أهل المريض لكل من يعرفونه من أطباء وممرضين حتى يجدوا ضالتهم..!
لا أعرف السبب فى عدم وجود آلية منتظمة لهذا الأمر حتى الآن.. منذ سنوات أعلنت وزارة الصحة من خلال الإدارة العامة للرعاية العاجلة عن منظومة عمل من خلال المشروع القومى للرعايات والحضانات والطوارئ تقتضى أن يتم الإبلاغ عن الاحتياج لسرير رعاية عن طريق الاتصال بالخط الساخن رقم ١٣٧ والذى يعمل القائمون عليه - بجهد لا يمكن إنكاره- فى البحث عن أسرة الرعاية وحصرها وتوجيه المريض إليها.
ولكن تبقى مشكلتان فى غاية الأهمية لم يفكر أحد فى علاجهما حتى الآن..!المشكلة الأولى أن الدعاية لهذه المنظومة لم تحظَ بالاهتمام المطلوب.. الأمر الذى أدى إلى أن معظم المواطنين لا يعرفون عن آلية البحث والتوجيه التى يوفرها هذا الخط الساخن شيئا.
ويبدأون فى البحث بشكل منفرد وبعلاقات شخصية غير مضمونة النتائج.. والمشكلة الثانية وهى الأهم فى رأيى عدم وجود قوة بشرية كافية لخدمة أسرة الرعاية المركزة من أطباء وتمريض.. الأمر الذى جعل عدداً كبيراً من أسرّة الرعاية المركزة خارج الخدمة من الأساس على الرغم من صلاحيتها للعمل!
محافظات كاملة لا تمتلك أسرّة رعاية مركزة داخل الخدمة سوى ما يمكن حصره بأصابع اليد أو أكثر قليلاً.. ومدن كاملة لا تمتلك سرير رعاية مركزة واحداً يمكنه استقبال مريض.. وهى مشكلة تحتاج إلى حل سريع وجذرى.. خاصة مع الارتفاع المطرد فى أسعار المستشفيات الخاصة!
ومع تكرار المعاناة التى يعيشها أهالى المرضى وأطباء الطوارئ على حد سواء.. والضرر الذى يمكن أن يتعرض له البعض من هؤلاء المرضى حال عدم تمكن أهلهم من إيجاد سرير له.. تصبح المبادرات الرئاسية فى رأيى حلاً يمكن اللجوء إليه.
وتصبح المناشدات بتدخل السيد الرئيس لإطلاق مبادرة «القضاء على قوائم انتظار الحالات الحرجة» مطلباً مهماً يحتاج للدراسة والتفكير الجاد.. خاصة بعد النجاح الذى حققته مبادرة «القضاء على قوائم انتظار التدخلات الجراحية» التى تمكنت من إنهاء معاناة ما يقرب من ٢ مليون مواطن!
يمكن من خلال المبادرة حصر أسرة الرعاية الصالحة للعمل فى كل محافظة.. ليتم التعاقد من خلال المبادرة نفسها مع أطباء لتشغيلها.. ثم يتم وضع منظومة إلكترونية تربط كل تلك الأسرة ببعضها.. ليصبح المريض لا يحتاج سوى التواصل مع تلك المنظومة تليفونيا أو حتى من خلال تطبيق إلكترونى ليتم توجيهه بشكل مباشر وفورى إلى المكان المتاح!
المنظومة يمكن تمويلها بنفس الطريقة التى يتم بها تمويل منظومة القضاء على قوائم الانتظار.. أو حتى عن طريق صندوق تحيا مصر ومبادرة حياة كريمة وغيرهما من المؤسسات الوطنية التى تعمل بالفعل على تحسين حياة المواطنين.
بالإضافة إلى أن الإعلان عنها كمبادرة رئاسية ستزيد من معدل الثقة بها من المواطن البسيط.. الذى أدرك قيمة تلك المبادرات ولمس مدى جديتها ونجاحها فى أهدافها!
ما سبق هو مناشدة للسيد الرئيس أن يضع هذا الاقتراح قيد الدراسة.. وأن يصبح القضاء على هذه الأزمة المزمنة هدفاً استراتيجياً لوزارة الصحة فى الفترة المقبلة.. فتخفيف معاناة هؤلاء المرضى بات واجباً فى أسرع وقت.. أو هكذا أعتقد..!