المحكمة الدستورية العليا والانتخابات

أثار الإعلان عن ورود تقارير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا فى بعض الدعاوى الدستورية المعروضة أمامها بشأن النظر فى دستورية كل وبعض مواد القوانين أرقام 45 لسنة 2014 بشأن تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، و46 لسنة 2014 بشأن مجلس النواب، و202 لسنة 2014 فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، وما انتهت إليه تلك التقارير من عدم دستورية بعض تلك المواد حالة من الجدل القانونى وحاول البعض من النخب من ذوى المصالح إثارة وترويع الرأى العام -على غير حقيقة- فى محاولة منهم لاستمرار البرنامج الزمنى لإجراء الانتخابات وفقاً لما أعلنته اللجنة العليا للانتخابات، حيث إنه فى حالة قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية بعض مواد تلك القوانين، وخاصة عدم دستورية جداول انتخاب النظام الفردى المرفقة بالقانون رقم 202 لسنة 2014، فى شأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب، سيؤدى ذلك إلى تعديل مواعيد إجراء الانتخابات البرلمانية الذى أعلنته اللجنة العليا للانتخابات. إننى أرى أن المحكمة الدستورية العليا ستقضى فى عدد من تلك الدعاوى الدستورية بعدم دستورية بعض من مواد تلك القوانين التى بها عوار دستورى واضح، خاصة عدم دستورية جداول انتخاب النظام الفردى وما بها من إخلال بضوابط التمثيل العادل للسكان والمتكافئ للناخبين، وفقاً لنص المادة رقم 102 من الدستور المصرى وهو الأمر الأكثر تأثيراً على مواعيد إجراء الانتخابات، ذلك وفقاً لما انتهت إليه النتيجة النهائية لبعض تقارير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا فى النتيجة النهائية لها، ذلك على الرغم من أن تقارير هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا كما هو معروف هى مجرد تقارير استشارية غير ملزمة للمحكمة، مما يترتب عليه تعديل مواعيد إجراء الانتخابات البرلمانية الذى أعلنته اللجنة العليا للانتخابات حتى يتدخل المشرع لتصويب ما أوضحته المحكمة الدستورية العليا فى حكمها المتوقع اليوم من العوار الدستورى. لقد تعلمنا أنه لا تعليق على أحكام القضاء وأن الحكم عنوان الحقيقة، وحيث إن المحكمة الدستورية العليا على مدى ستة وأربعين عاماً تتولى، باعتبارها هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح لتصويب الأوضاع الدستورية، ومن ثم فإن المسئولية الوطنية والقانونية للمحكمة الدستورية العليا وأيضاً لنا جميعاً، تفرض علينا اليوم التصدى لأى حالة من حالات العوار الدستورى للقوانين والعمل على ضمان صياغتها وفقاً للدستور وصولاً لتشريع سليم لبناء دولة القانون وإعادة انضباط الدولة من جديد لبناء الدولة المصرية الحديثة، ولا شك أن الرقابة الدستورية هى حق ضامن تكريساً للشرعية الدستورية لا يجب أن يخشى منها أى وطنى مخلص لوطنه. إن إجراءات الانتخاب التى اشتملتها القوانين قد شرعت للوصول لنتيجة واحدة، وهى تمكين الناخب من إبداء رأيه بحرية وفق صحيح أحكام القوانين واتفاقها مع الدستور، وهو الأمر الذى يجب أن نعمل جميعاً على الوصل إليه وتحقيقه، حيث إن إرادة الناخبين حال مخالفة ذلك تكون قد وردت على غير محل صالح للتصويت. بعيداً عن المواءمات والتوازنات السياسية، نريد برلماناً قوياً، حقيقياً، قادراً على المشاركة فى إدارة الدولة المصرية عن حق، حافظاً لمقدراتها، يدرك الوضع المصرى، يعرف مشكلات المواطنين ويعمل على وضع حلول جذرية حقيقية لها، برلماناً بعيداً كل البعد عن نواب الخدمات التى تستغل للمصلحة الشخصية، بعيداً كل البعد عن نواب الوعود البراقة التى تخدع المواطن البسيط وتستغل أحلامه، بعيداً كل البعد عن تأثير المال السياسى. لقد آن الأوان أن تبنى الدولة المصرية الحديثة وفق رؤية جديدة.