هل تتفاقم الأوضاع الاقتصادية في اليمن مع سيطرة "الحوثيين"؟

كتب: أحمد ناجي

هل تتفاقم الأوضاع الاقتصادية في اليمن مع سيطرة "الحوثيين"؟

هل تتفاقم الأوضاع الاقتصادية في اليمن مع سيطرة "الحوثيين"؟

ظهرت حركة الحوثيين، كرقم أساسي في المعادلة السياسية اليمنية منذ سنوات، ويرى البعض أن الحوثيين يسيرون علی خطی حزب الله اللبناني، بعد أن استعار اسما حديثًا اشتهر به منذ أن دخوله مؤتمر الحوار الوطني عرف بـ"أنصار الله". تحقق الاستقرار السياسي بعد انتخاب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في نوفمبر 2012، وهو ماكان كفيلًا باستعادة النمو الاقتصادي اليمني، لكن الوضع السياسي الراهن يُنذر باحتمال إصابة الإقتصاد اليمني بأزمة شديد، بسبب العُنف السياسي المُحتمل، بعد سيطرة جماعة "أنصار الله" الحوثية على المشهد السياسي اليمني. ومن المُحتمل أن تؤدي سيطرة الحوثيين على السلطة، إلى ركود اقتصادي في بنية الاقتصاد اليمني، حيث توقفت بعض الشركات النفطية الأجنبية عن الإنتاج، وخرجت كثيرٍ من المشروعات الاستثمارية الأجنبية، فأضحى الانهيار الاقتصادي مسألة قريبة التحقق. وبحسب "المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة"، فإن الاقتصاد اليمني شهد تحسنًا تدريجيًا خلال عامي 2012 و2013، بفضل انتعاش صادرات النفط التي ساهمت في دفع النمو الاقتصادي، ليبلغ 2.4 و4.8% على التوالي، فعكس أوضاعًا اقتصادية أكثر استقرارًا مقارنة بعام 2011 الذي شهد ضمورًا اقتصاديًّا بسبب تصاعد العنف السياسي المصاحب للثورة اليمنية عام 2011. أتت الأحداث السياسية المضطربة، بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، بجرعة ليست بقليلة من السلبية، حيث كشفت المؤشرات الأولية، تراجع القطاع النفطي قرابة 8.5% لنفس العام، بسبب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، إلى جانب التخريب المتكرر لأنابيب النفط على يد ميليشيات تنظيم "القاعدة"، وركود القطاعات الأخرى كـ"القطاع السياحي والعقاري". وعلى الرغم من عدم صدور بيانات حديثة توضح تأثر الأوضاع الاقتصادية في اليمن بسبب سيطرة الحوثيين، إلا أن التوقعات الأولية أشارت إلى أن القطاع النفطي في اليمن، تأثر بتصاعد الاضطراب السياسي، وبدأ الإنتاج النفطي في التراجع، بسبب إجبار عدد من الشركات الأجنبية في محافظتي حضرموت وشبوة على إيقاف إنتاجها، علمًا بأن المحافظتين من أهم منتجي البلد من النفط والغاز. ويتعرض إنتاج البلاد من النفط حاليا لمخاطر كبيرة، وبما أن تصدير النفط يُشكل حوالي 87% من إجمالي صادراتها، فإن الريال اليمني سيسلك منحدر الهبوط أمام الدولار، وبذلك ترتفع تكلفة الاستيراد وتتراجع إيرادات الدولة من تصدير النفط للضعف. وتُشير بعض التقديرات الرسمية اليمنية، إلى أنها على وشك خسارة قرابة 359 مليون دولار خلال العام الجاري، إذا وصل سعر برميل النفط 65 دولارًا، مع احتمال الزيادة لتصل إلى 504 مليون دولار، إذا هبط سعر البرميل إلى 50 دولارًا. المساعدات التي تتلقاها اليمن، لها دورًا هامًّا في التخفيف من حدة الأزمة الإنسانية المستمرة التي تواجهها منذ عقود، وحيث أن حوالي 54% من سكان البلاد فقراء، و60% من الأطفال تحت سن الخامسة يعانون من سوء تغذية مزمن، و35% يُعانون من نقص الوزن، و13% لديهم سوء تغذية حاد، والظروف السياسية الحالية تفرض تنسيقًا ثلاثيًا بين الحوثيين والقبائل والمنظمات الدولية، لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجها، وهو ما يصعب تحقيقه حاليًا، ويُصعِّب معه وصول المعونات لليمنيين. ويرفض المجتمع الدولي والإقليمي حاليًا، استيلاء الحوثيين على الحكم منذ سبتمبر 2014، وهو ما قد يضع الحوثيين في عزلة دولية، يُتوقع أن تُلحق أضرارًا كبيرة بالاقتصاد اليمني، إذا لم تسوّى الأمور السياسية بين كافة الأطراف، خصوصًا أن المساعدات والمنح التي تتلقاها اليمن من المجتمع الدولي، تُمثل مصدرًا هامًا للنقد الأجنبي لها. أصبح الموقف اليمني أكثر صعوبة في الاقتراض الخارجي، لسد احتياجاتها من النقد الأجنبي، حيث ظهرت تقارير أولية لصندوق النقد الدولي مع بداية الأزمة، تُفيد بإقدام المستثمرين الأجانب على الخروج من السوق اليمنية، وبالفعل خرجت استثمارات بقيمة 1.7 مليار دولار من اليمن عام 2014، ويُتوقع أن يزداد تعقيد الوضع الاقتصادي حال لجوء المجتمع الدولي إلى تطبيق عقوبات اقتصادية على اليمن. ومما سبق، يُستنتج أن استمرار الأزمة السياسية في اليمن، وتدهور الإنتاج النفطي واستمرار المجتمع الدولي في عزل اليمن دوليًا، سيقود الاقتصاد اليمني إلى تعقيدات أكبر، وهو ما سيؤدي إلى تدهور اقتصادي كبير.