خطيب المسجد النبوي: عبادة الله هي الغاية والحكمة من خلق الوجود

كتب: أحمد عادل موسى

خطيب المسجد النبوي: عبادة الله هي الغاية والحكمة من خلق الوجود

خطيب المسجد النبوي: عبادة الله هي الغاية والحكمة من خلق الوجود

قال الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي، إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، إنه ينبغي على المسلمين أن يتقوا الله، وذلك بالاعتناء بتعاليمه والامتثال لأوامره، كما جاء في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ».

خطيب المسجد النبوي

وفي خطبته الجمعة اليوم في المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أوضح خطيب المسجد النبوي، أن آية «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ» تأمر بعبادة الله بإحسان وخشية، وذلك لأن الله رب كريم ورحيم ويُعد الإنسان ويمده بما يحتاجه للارتقاء في درجات الكمال في الدنيا، وليترقي الإنسان في درجات العبادة ليصل إلى ما قدر له من الكمال بهذه العبادة، وذلك من خلال اتباع سنن الله المرضية التي أرشد إليها عباده الصالحون. 

وأشار خطيب المسجد النبوي، إلى أن الطريقة الأمثل لتحسين حالة الإنسان هي عن طريق العبادة والتقرب إلى الله، فبواسطة الأعمال الصالحة يتم حفظه من الشرور والخبائث والمهلكات، ويضمن له نعيم الآخرة في الجنات، ومن قام بعبادة الله بصدق وإخلاص فإن الله يضمن له النجاة في الآخرة من العذاب الأليم، وهذه العبادة هي الغاية والحكمة من خلق الإنسان، كما قال الله تعالى: «وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ».  

وذكر الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي، أن الدين ما فُرضَ علينا من العبادات وما نُهينا عنه من المحرمات هو بعض حقوق الله علينا، فحق الله علينا يتضمن أن نذكره ونطيعه ونشكره ونحبه أكثر من أي شيء آخر، وأن نتذلل له بالذل والخضوع ونفرح بالتقرب إليه، فالرب هو المستحق للعبادة لذاته ولصفاته الجليلة والكمال والعظمة والكبرياء والرحمة والقدرة على كل شيء ولما أسبغه على الخلق من النعم الظاهرة والباطنة، ولأسمائه وصفاته العلا. 

المسلم الخالص لله هو الذي يعبد ربه بإخلاص

وأوضح خطيب المسجد النبوي، أن أعظم فضل من الله على الإنسان هو أنه أوضح لنا العبادات التي ترضيه والمعاصي التي تغضبه وتؤذيه، فالمسلم الخالص لله هو الذي يعبد ربه بإخلاص ويطلب منه الخيرات ويستعيذ به من الشرور والمهلكات، وبواسطة العبادة يرفع الإنسان شأنه ويقوي علاقته بالله، وقد قال عمر رضي الله عنه: «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله»، فالعبادة هي السبيل لتحقيق العزة والقوة برب العالمين، وتحظى بأكبر فضل من الله على الإنسان.

ويستشهد الشيخ بقول الله تعالى: «أَرَءَيْتَ مَنِ تَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَىهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا»، ويذكر بأن الشرك بالله يتم من خلال اتباع الشبهات التي توقع الإنسان في الشرك، وأن العبادات لله هي عبادات القلوب والجوارح والأعضاء، وأن عبادات القلوب تعتبر الأفضل والأجل، وتتضمن الدعاء والإخلاص والإيمان واليقين والتقوى والإحسان والتوكل والإنابة والمحبة والرغبة والرهبة والخوف والرجاء، والحب في الله والبغض في الله والزهد والورع وغيرها من أعمال القلوب. 

ويشير الشيخ إلى أن الإمام ابن جرير وابن كثير في تفسيريهما، والإمام ابن القيم في كتابه «مدارج السالكين»، قد فسروا هذه المعاني العظيمة بصورة رائعة وواضحة، وكأنها عسل مصفى. ويذكر بأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا متفانين في تحقيق عمل القلوب، وهو الأساس لعمل الجوارح. ويشير إلى أن عمل الجوارح هو أركان الإسلام الخمسة وما بعدها من الأعمال التي تتبعها.

الغاية والحكمة

ويؤكد الشيخ بأن العبادة لله تعالى هي الغاية والحكمة وراء خلق هذا الوجود وما فيه، وذلك لأنه لا يمكن تحقيق الكمال إلا بالعبادة لله وحده، وتعتبر عبادة الله هي الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الله، وتحفظ حقوق الله وحق رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحفظ حق الوالدين وحق ولي الأمر وحق الأقارب وحق الخلق بعضهم على بعض، فالعبادة لله تعالى هي السبيل الحقيقي لتحقيق السعادة والكمال في الحياة.

ويشير خطيب المسجد النبوي إلى أن هناك درجات مختلفة للناس في القيام بعبادات الله، وأعلى درجة هي لمن يعمل الصالحات رغبة في رضا الله وثوابه، ولذلك، يجب علينا الحرص على أن نريد بأعمالنا رضا الله تعالى أولاً، مع الأمل في ثوابه، والدرجة الثانية في عبادة الله هي القيام بالأعمال الصالحة دون الانشغال بإرادة رضا الله تعالى، ولكن مع الإيمان الصادق بالآخرة، ويشير الشيخ إلى قول الله تعالى: «وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا»، والذي يعني أن الذين يسعون للآخرة بإيمان صادق فإن سعيهم سيكون محل تقدير وثناء من الله تعالى.    

وذكر الشيخ الحذيفي أن هناك درجات مختلفة في العبادة، وأحد هذه الدرجات هو قصر بعض الواجبات واجتناب بعض المحرمات بشكل يسير لا يبطل العمل. ولكن الدرجات الأخطر هي الانشغال بالعبادة وتركها، لأنها تعد شركاً بالله تعالى، وهو الأمر الذي لا يغفره الله تعالى، كما يشير الشيخ إلى قول الله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا»، وهذا يدل على خطورة الشرك بالله تعالى وأنه يعد من الذنوب الكبيرة.  

ويشدد الشيخ على أن الاتقاء من الله تعالى يسهل الأمور ويحمي من المصائب والمهلكات، ويشير إلى أن الذين يؤمنون بالله تعالى ويهاجرون ويجاهدون في سبيله، فإنهم يرجون رحمة الله وهو الغفور الرحيم، ويحث المسلمين على فعل الصالحات وإحسان الظن بالله تعالى، وذلك باتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل الصالح والمثابرة في الطاعة.  


مواضيع متعلقة