"عماد".. هرب من الموت بليبيا فانتحر في مصر.. وطبيبة نفسية: حالة فردية

"عماد".. هرب من الموت بليبيا فانتحر في مصر.. وطبيبة نفسية: حالة فردية
تأزمت الأمور ولم يكن أمامه سوى العودة، وخلال فترة قصيرة، اشتدت الأزمة واندلعت ملامح الحرب بين بلدين شقيقين، فبعد ذبح 21 مصريًا في ليبيا، وضرب مصر لمعاقل "داعش"، تدهورت الأحوال في ليبيا بسبب التنظيم الإرهابي، فوجد مواطنًا مصريًا في "الحبل" حلًا له بعد أن فقد أمواله نتيجة تدني الأوضاع، لينتحر واضعًا حدًا لحياته التي وجدها بائسة ولا أمل فيها.
على كوبري المنيب، وجد المواطن عماد مسعد عبدالمالك ضالته، هاجمته الأحداث الأخيرة، ليلقي بنفسه في النيل ناهيًا حياته، ولكن الدكتورة منال زكريا، أستاذة علم النفس بجامعة القاهرة، وجدت أن الأحداث السياسية لا يمكن أن توصل الإنسان لمرحلة الانتحار بأي حال من الأحوال، مضيفة أن "الانتحار معناه أن الشخص فقد القدرة على التحكم في النفس، وسيطرته على نفسه".
وتحلل زكريا، لـ"الوطن"، الواقعة، قائلة: "قدرة النفس الضعيفة على التحمل، مع تزايد حدة الأحداث السياسية، هي ما قد يدفع الإنسان على الإقدام على تلك الخطوة، ولكنها ليست حالة عامة، فهي سمات ليست موجودة في كل الناس، بدليل أن من الآلاف عادوا من ليبيا وحالتهم سيئة ولا يملكون عملًا، ولم يقدموا على تلك الخطوة، ولذلك لا يمكن ربطها بشكل رئيسي على الحالة السياسية، وإنما على شخص بحد ذاته وحالة معينة".
وأشارت أستاذة علم النفس، إلى أن نفس الشخص إذا تعرض لفشل علاقة عاطفية، كان من الممكن أن يقدم على هذه الخطوة، فهي طبيعة في الشخصية لا علاقة لها بأحداث سياسية بعينها، ولكنها تؤثر فيها، لافتة إلى ما يسمى بـ"عتبة التحمل"، ترتفع وقت المخاطر، كأن يتعرض شخصًا لبتر أحد أطرافه في حرب، فيجري مسرعًا لإنقاذ حياته في حادث جلل، موضحة أن عتبة التحمل تلك ترتفع جدًا في وقت الأزمة، التي تسعى للهرب من الموت وليس الإقدام عليه، ولذلك فحادث الانتحار هذا "فردي".
"الضغط النفسي من الأحداث مع سمات شخصيته، هي التي دفعته للانتحار وليس الحدث نفسه"، هكذا وجدت الدكتورة منال زكريا، موضحة أن العمل والمال من الممكن تعويضهم، لكن الحياة لا تعوض، ولذلك فإنه كفرد لم يتحمل المخاطر، وكشخصية ليس لديها القدرة على تحمل الشدائد والضغوط، ولا تعتقد أستاذ علم النفس أن هذه الحالة قد تنطبق على آخر.
"التكاتف" هو الحل الأمثل من وجهة نظر "زكريا"، من خلال رجال الأعمال وتوفيرهم فرص عمل في المصانع والشركات والقطاع الخاص، وتشغيل هذا الكم من العمالة الوافدة من العائدين، ووجدت الدكتورة منال زكريا أنه على الدولة والقطاع الخاص التكاتف لمساعدة العائدين من ليبيا، مشددة على أن هذه المساعدة لا تتمثل في أموال، بل في توفير فرص عمل ومصدر رزق، من مشروعات صغيرة أو فرص في شركات، قائلة: "الأموال لن تلغي كونه عاطل، بل يحتاج إلى مصدر دخل يعينه على حياته التي دمرتها الأحداث، كما يحتاج هؤلاء إلى الهدوء لتدبير حياتهم من جديد، بمعاونة أسرتهم ودائرة مجتمعهم وبلدهم".