هل تنتصر ديكتاتورية نتنياهو؟
- أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا
- إقليم جنوب الصعيد
- إنشاء كوبرى
- البحث العلمي
- التعليم العالي
- بروتوكول تعاون
- أبناء
- أعضاء
- أكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا
- إقليم جنوب الصعيد
- إنشاء كوبرى
- البحث العلمي
- التعليم العالي
- بروتوكول تعاون
- أبناء
- أعضاء
مظاهرات مستمرة منذ أشهر تجتاح المدن الإسرائيلية، خيام منصوبة قبالة مبنى الكنيست، لافتات احتجاجية تندد بالتعديلات القضائية وتهاجم رئيس الحكومة فى كل مكان، هذا هو المشهد العام داخل إسرائيل الذى يعانى منذ تولى نتنياهو رئاسة الحكومة الحالية، من اضطرابات أمنية وعدم استقرار، بعد تصميمه على إجراء تعديلات جوهرية فى صلاحيات المحكمة العليا، الأمر الذى أثار حفيظة المعارضة وقطاع واسع من الإسرائيليين، لما سيترتب على ذلك من سحب صلاحيات جوهرية تتمتع بها المحكمة العليا الإسرائيلية، أعلى جهة قضائية فى إسرائيل! فلماذا يسعى رئيس الحكومة بإصرار إلى إقرار مشروع «التعديلات القضائية» رغم شراسة المعارضة واستمرارية المظاهرات والاحتجاجات ضد القرار؟ طبعاً للهروب من المساءلة القانونية فى قضايا فساد عديدة منظورة ضده أمام المحاكم خلال فترات حكمه السابقة، وهو الأمر الذى ينجيه من سجن محتم، إذا تمت محاكمته فى قضايا فساد وسوء استخدام للسلطة وأمور أخرى، وهو ما لا يريده نتنياهو ولا يتمناه، لذا يواجه بإصرار وعند وشراسة الاحتجاجات التى تتصدى لمشروعه هو ومن معه فى الائتلاف الحكومى وبالذات وزير الداخلية ايتمار بن جفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش اليمينيان المتطرفان.
فبعد فترة قصيرة من إرجاء التعديلات التى يصمم عليها الحزب الحاكم بقيادة نتنياهو، بسبب شدة المواجهات الشعبية، واتساع رقعة الاحتجاجات، ورفض المعارضة قبولها، فضلاً عن امتناع عدد كبير من ضباط جيش الاحتياط الإسرائيلى الاستمرار فى الخدمة، عاد نتنياهو وطرحها فى الكنيست للموافقة عليها! وهو ما فاقم الوضع الأمنى المتردى فى إسرائيل، وحول البلاد إلى ساحة حرب قد تتطور إلى حرب أهلية، كما يظهر استطلاع للرأى أجرته القناة العبرية 13، الذى كشف أن ما يزيد على نصف سكان إسرائيل يخشون اندلاع حرب أهلية، وأن نحو الثلث يفكرون بمغادرة البلاد، بعد إقرار الكنيست الإسرائيلى يوم الاثنين الماضى بالقراءة الأولى والثانية، قانون «الحد من المعقولية» الذى يقيد صلاحيات المحكمة العليا، أعلى هيئة قضائية بالبلاد، بالتدخل فى قرارات الحكومة.
فماذا لو نجح المعارضون فى إجهاض التعديلات القضائية، هل يمكن أن يساهم ذلك فى إسقاط حكومة نتنياهو؟ أم أن الأخير سيتغلب على الأزمة، ويقر القانون رغم أنف المعارضين؟ وفى هذه الحالة هل يمكن إسقاط تلك التعديلات كأن لم تكن، فى حال خروج نتنياهو من رئاسة الحكومة فيما بعد؟ ما هى السيناريوهات المحتملة؟المعروف أن «الكنيست» (البرلمان) هو سيد نفسه، وهو أعلى السلطات فى إسرائيل على الإطلاق، وفى حال نجح نتنياهو فى إقرار هذه التعديلات، فمن الممكن إلغاؤها فيما بعد بمجرد توافر الأغلبية المطلوبة، بمعنى أن هذه التعديلات حتى لو تم إقرارها فلن تكون دائمة، وستظل مهددة دائماً بأغلبية مضادة تلغيها. ربما سيكون هناك تسوية أو حل وسط للخروج من الأزمة قبل القراءة الثالثة والأخيرة، ترضى نتنياهو وتمنع المعارضين من إشعال فتيل الاضطرابات الداخلية التى تهدد الأمن والاقتصاد وعلاقات إسرائيل الخارجية. منها المسودة التى تقدم بها «الهيستدروت» كحل وسط قبل أيام والتى رفضها نتنياهو، لذا انضم «الهيستدروت» وهو الاتحاد النقابى العمالى الأكبر فى البلاد، إلى المهددين بالإضراب الشامل، مما قد يشل الحياة فى إسرائيل، فضلاً عن مقترح مختلف قدمه «يائير لابيد» رئيس الوزراء السابق كحل وسط إلى نتنياهو، لم يتم الإفصاح عن مضمونه بعد.
ويبدو أن نتنياهو فى حديثه الصباحى للصحافة من داخل المستشفى قبل يومين، شعر بخطورة الأزمة، فتظاهر بانفتاحه على المقترحات الجديدة، وأعلن أنه يفضل التوصل إلى حل لنزع فتيل المواجهة المباشرة. والحقيقة أن إقرار التعديلات التى يراها نتنياهو تشكل خطراً عليه وعلى حكومته أكثر من إلغائها، فإقرار التعديلات سيؤدى إلى نتائج وخيمة قد تطيح بالحكومة، خاصة أن الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وإن كانت لم تعلن ذلك، ستفرض عقوبات على إسرائيل، من منطلق ما تراه أنه مصلحة إسرائيلية خالصة عند التخلص من نتنياهو، ومن وجوه اليمين المتطرف الذين يقودون إسرائيل الآن إلى مواجهة العالم بأسره، وإذا مضى نتنياهو فى استغلال ما يتمتع به من أغلبية فى اليمين لتقييد صلاحيات «المحكمة العليا»، فإن ذلك سيفتح أبواباً لأزمة لن تنتهى إلا بسقوطه، والسبب فى ذلك أنه وللمرة الأولى، يجرؤ رئيس وزراء إسرائيلى على العبث فى شأن دستورى شديد الأهمية، تعارفت عليه كل حكومات إسرائيل السابقة، سواء كانت من اليمين أو اليسار أو مختلطة، لذا نشهد داخل المجتمع الإسرائيلى حراكاً حاداً خشية تأسيس ديكتاتورية أغلبية فى المجتمع الإسرائيلى لا تمارس السياسة إلا بمعنى قهر الأقلية.من المتوقع خلال الأيام القادمة أن يتضح اتجاه نتنياهو إما نحو المضى قدماً فى إقرار التعديلات، أو قبول التعديل عليها، بما يخفف من حدة الأزمة، ويرضى المعارضين والمحتجين فى الشارع الإسرائيلى. إذ تخشى المعارضة الإسرائيلية من أن إقرار التعديلات سيحرمها من فرصة إرغام الحكومة على التراجع عن بعض سياساتها طالما تمكنت من تمرير تلك السياسات فى الكنيست، لأن المحكمة العليا كانت تملك صلاحيات قبول الدعاوى من المعارضة ودراستها والنظر فيما إذا كانت مقبولة وتكفى لإلغاء تلك السياسات الحكومية! وفى حال إقرار التعديلات التى يطلبها نتنياهو، وهذا يعنى أن المعارضة حال فشلت فى الكنيست، فلا ملجأ لها إلا قبول تلك السياسات، وخلف هذه المخاوف الظاهرة هناك مخاوف ضمنية وغير معلنة، فالمعارضة تخشى من أن تقليص صلاحيات المحكمة العليا سيدفع حكومة نتنياهو إلى إحداث تغييرات جوهرية أخرى فى بنية المجتمع الإسرائيلى، مثل تعزيز المدارس الدينية اليهودية، ومنح الامتيازات للمؤسسات الصهيونية المتطرفة، فضلاً عن توسيع نطاق التهويد والتهجير وفرض شروط قاسية على الأقليات، مما يدفع بإسرائيل إلى وضع داخلى ملتهب لم تعشه من قبل.