مثقفون: «23 يوليو» حققت التحرر الوطنى وكانت تجربة مهلمة للشعوب العربية والأفريقية

كتب: إلهام الكردوسي

مثقفون: «23 يوليو» حققت التحرر الوطنى وكانت تجربة مهلمة للشعوب العربية والأفريقية

مثقفون: «23 يوليو» حققت التحرر الوطنى وكانت تجربة مهلمة للشعوب العربية والأفريقية

تُقاس الأحداث الكبرى بمقدار عمقها وامتداد آثارها فى الزمان والمكان، وثورة 23 يوليو من أبرز المحطات السياسية والتاريخية التى غيّرت وجه مصر، وتجاوزت الحدود لتكون تجربة ملهمة للشعوب العربية والأفريقية، حيث وصل صدى أفكارها إلى أمريكا اللاتينية خلال فترة زمنية قصيرة. وتوافق عدد من المثقفين على أن منجزات الثورة لم تكن سياسية وحسب، بل اقتصادية واجتماعية وثقافية.

«توفيق»: إقامة جيش وطنى قوى

ويرى الدكتور أشرف توفيق، الأستاذ بأكاديمية الفنون، أن منجزات الثورة لا تُعد ولا تُحصى، وتأثيرها لم ينحصر داخل مصر فقط، وإنما تم استلهام التجربة فى جميع البلدان النامية من أمريكا اللاتينية إلى أفريقيا وآسيا، والدليل أن كل قارة من هذه القارات توجد بها شوارع تحمل اسم جمال عبدالناصر، وكان الرئيس الأسبق يدعم هذه البلدان بأشكال مختلفة لتخليصها من نير الاستعمار.

وقال: «داخلياً نستطيع أن نرصد العديد من مظاهر التغير الاجتماعى والاقتصادى والفكرى الذى جرى بعد ثورة يوليو 1952، وهو شىء مذهل لم يكن أحد يتوقعه على الإطلاق، فلم يكن لدينا قبل 52 وزارة للصناعة، وأنشئت أول وزارة للصناعة فى 1954 ووصل معدل النمو إلى 7.5%».

وذكر «توفيق» أن التحولات الاقتصادية أعقبتها تغيرات اجتماعية كبيرة، فاقتصاد مصر قبل الثورة كان يتحكم فيه الأجانب وخاصة اليهود، وكان أنشطة متنوعة من تجارة وزراعة، لكن لم تكن هناك صناعة ثقيلة، أما بعد الثورة فقرر «عبدالناصر» تحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة، وبرزت حركة التأميم وقانون الإصلاح الزراعى، ثم قوانين يوليو الاشتراكية فى 1961بحيث تم تأميم المؤسسات التجارية وأصبحت مملوكة للدولة.

وأضاف لـ«الوطن»: «نشأت الصناعات الثقيلة وصناعة الحديد والصلب، ومجمّع الألمونيوم، ثم مشروع السد العالى لإنتاج الكهرباء وحفظ مياه النيل، وجاء تأميم قناة السويس بمثابة (ضربة معلم)، وكانت تجربة ملهمة لكثير من الدول النامية». وأشار إلى أن «عبدالناصر» أحدث تغييرات اجتماعية جوهرية فى مصر، ولأول مرة فى عصره نرى المرأة وزيرة، وأطلق نظام التأمينات الاجتماعية، وبرزت فى المجتمع هوية مصرية صاعدة، وبدأت البلاد تبنى نفسها اقتصادياً.

وذكر «توفيق» أن هناك نقطة فارقة فى منجزات الثورة، وهى إقامة جيش وطنى قوى، ونظام عدالة اجتماعية، ووضع «عبدالناصر» فى خطته أن الثقافة مشروع قومى يجب أن يصل إلى الناس، وجاءت قصور الثقافة لتكون مراكز إشعاع فى مختلف ربوع مصر، وأنشأ أكاديمية الفنون، وجامعات جديدة، ووحدة صحية، وباتت كل قرية تضم مجمعاً استهلاكياً لبيع السلع الأساسية.

«الخميسى»: حققت مجانية التعليم وألغت الألقاب وأنشأت المصانع

وقال الكاتب والمترجم أحمد الخميسى إن أول إنجاز ثقافى حققته ثورة يوليو هو مجانية التعليم، وإذا أخذنا كلمة طه حسين وهى أن «التعليم مُستقر الثقافة» يعنى لا يوجد ثقافة دون تعليم، وقبل «يوليو» لم يكن هناك مجانية تعليم إلا لمدة محدودة سنتين وأُلغيت، وكانت متاحة للمرحلة الثانوية فقط. وتابع: أما ثورة يوليو فقد وضعت أساساً للثقافة من خلال إقرار مجانية التعليم، وكل جيل الستينات من الكُتاب تعلموا مجاناً، وأحمد زويل أشار إلى هذا، كنا ندفع فقط 25 قرشاً على مدار العام ونتلقى الكتب وكل ما فى التعليم مجاناً.

وأشار «الخميسى»: وبالنسبة للمنجزات الأخرى كان تغيير الواقع الاجتماعى والاقتصادى عملاً ثقافياً، فعندما تقوم الثورة بتغيير الواقع فإنها تغير الأفكار، بمعنى أنه عندما تقوم الثورة بإلغاء الألقاب فهذا إنجاز ثقافى، من ثقافة السيد والعبد، إلى ترسيخ المساواة، لافتاً إلى أن العمل فى المصانع غيّر أفكار الناس من فلاحين فى انتظار المطر يؤمنون بالصدفة والقدر، إلى عمال منتجين، وتختلف حينها أفكارهم ويستشعرون أنهم مسيطرون على الماكينة.

وتابع: كما تم وضع أساس أكاديمية الفنون وهيئة قصور الثقافة وهيئة الكتاب وغيرها، وكانت هناك نهضة ثقافية ملموسة، وتم تكوين فرقة فنون شعبية لأول مرة، فضلاً عن إتاحة الكتب بأسعار زهيدة، خلقت الوعى بأن الشعب له دور وبإمكان مصر أن تبنى السد العالى ونبنى مصانع ونقرر مصيرنا بأيدينا. وقال «الخميسى»: «وبرز أعظم الكُتاب مثل، نجيب محفوظ ويوسف إدريس والدكتور لويس عوض وغيرهم من علامات الفكر الذين تفتحتوا وأبدعوا فى ظل الثورة، كما وضعت الثورة تقليداً لتكريم الفنانين، ورأينا الأوسمة يسلمها عبدالناصر بنفسه خلال التكريم، الأمر الذى يؤسس ثقافة أن الدولة تهتم بالآداب والفنون».

وقالت الكاتبة سلوى بكر: من المكتسبات المهمة التى حققتها ثورة يوليو تكريس فكرة المواطنة على ضوء من الحقوق والواجبات، لأنه كان من المبادئ الستة لثورة يوليو إزالة الفوارق بين الطبقات، لذلك ففكرة تكريس المواطنة كانت إحدى ركائز الثورة وشعاراتها، وتم ذلك من خلال مجانية التعليم وشعار «الرجل المناسب فى المكان المناسب»، وجملة من الإجراءات التى كرست فكرة المواطنة.

«عفيفى»: تغيير نظام الحكم من ملكى إلى جمهورى حدث تاريخى وتحوُّل خطير غيّر معالم المنطقة

ورصد الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث فى جامعة القاهرة، ثلاثة متغيرات رئيسية مهمة أحدثتها ثورة يوليو، على رأسها تغيير نظام الحكم نفسه من الملكى إلى الجمهورى، وهو حدث تاريخى وتحوُّل مهم وخطير، غير الطبقات الاجتماعية، وأضاف: «أما التغيير الآخر المهم فهو خطة التصنيع التى تبنتها الثورة بحيث لا يكون اعتماد مصر على الزراعة فقط كثروة ومصدر دخل، ومن هنا نشأت المصانع الجديدة، وبالتالى نشأت الطبقة العاملة وهو تطور مهم، والمكسب الأخير أن الثورة رعت حركة التحرر الوطنى ليس فى العالم العربى فقط وإنما فى أفريقيا».

 


مواضيع متعلقة