«قنديل» من بطل جمهورية ومدرب رفع أثقال إلى بائع سبح: «مجزية مادياً»

كتب: ياسمين عزت الرزاز

«قنديل» من بطل جمهورية ومدرب رفع أثقال إلى بائع سبح: «مجزية مادياً»

«قنديل» من بطل جمهورية ومدرب رفع أثقال إلى بائع سبح: «مجزية مادياً»

عربة خشبية صغيرة تستقر في حي المنتزه بمدينة الزقازيق، تعلوها أشكال مختلفة من السبح وأصناف متعددة واكسسوارات متنوعة وهدايا الحج والعمرة، يقف إلى جوارها رجل متوسط القامة بوجه غلبت ملامحه البشاشة والرضا، وتجاعيد تشير إلى تقدمه في العمر، تارة يستقبل زبائنه بابتسامة عهدها كل من يتقابل معه ليبيع لهم بضاعته، وأخرى يجلس ليحتسي فنجانا من القهوة، مستعيدا بين الحين والآخر ذكرياته في سابق عهده، وقتما عمل طباخاً أو مدرباً لرفع الأثقال، أو حتى في السياحة.

قد تنقلب الحياة رأسًا على عقب، وتتغير الاختيارات لتتماشى مع ظروف الحياة، وهذا هو ما حدث مع ابن مدينة الزقازيق بطل الجمهورية السابق في رفع الأثقال، عندما قرر في نهاية المطاف أن يعمل صانعاً وبائعاً للسبح والإكسسوارات، بعدما طاف على مدار سنوات العمر بعدة حرف وأعمال كان يهجرها لكونها غير مجزية مادياً، ليستقر في الستين بعربة خشبية صغيرة إلى جوار منزله بعدما أدى رسالته تجاه أسرته.

التقت «الوطن» المواطن الستيني عبد المنعم قنديل، ابن مدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية والذي روى في حديث خاص أنه كان في أيام شبابه لاعباً لرياضة رفع الأثقال، وحصد بطولات على مستوى الشرقية والجمهورية، وكان موظفاً بمديرية الشباب والرياضة، كما كان مدربا للّعبة، إلى أن قرر أن ينشئ لنفسه مشروعاً مصغراً بجوار منزله، قبل أن يترك عمله كطباخ في شركات داخل مصر وخارجها.

تابع «قنديل»، البالغ من العمر 63 عاماً، في حديثه لـ«الوطن»، أنه تخرج من كلية التربية الرياضية بالهرم في سبعينيات القرن الماضي، لافتاً إلى أنه قبل الالتحاق بالكلية كان يعمل في تجارة الملابس الذي يجلبها من بورسعيد والقاهرة، ليبيعها جملة وقطاعي بالزقازيق، لينفق على نفسه ووالديه، واستطرد قائلاً: «طول عمري متعود أشتغل وأوفر دخل يكفيني، حتى لو هعمل مجهود مضاعف»، حسب قوله.

مدرب رفع أثقال

وأضاف أنه كان محبا للشعر والأدب، كما احترف لعبة رفع الأثقال وتمرن كثيراً حتى حصد بطولات على مستوى محافظة الشرقية، وتدرج في المراكز حتى شارك في بطولات الجمهورية وحصد بطولات بها، مشيراً إلى أنه حصل على دراسات في الأكاديمية الأوليمبية لتدريب القادة الرياضيين دفعة 1982، وبسببها عمل مدرباً لرياضة رفع الأثقال، وموظفاً بالشباب والرياضة بالشرقية.

من بطل رفع أثقال إلى بائع سبح

وتابع أنه بعدما عمل في تجارة الملابس، وموظفاً في الشباب والرياضة، لم يكن العائد المادي مجزياً له ولأسرته، خاصةً وأنه تزوج وأنجب أول طفل، لافتاً إلى انه اقتحم مجال عمل بعيداً كل البعد عن تخصصه، إلا أن عائده يكفي أسرته بالكاد، فعمل مع طباخ لغسيل الأطباق والأواني، ثم بالصبر أصبح مساعد طباخ في إحدى شركات التغذية، وقال في هذا الصدد: «صبرت واتعلمت إلى أن ترقيت لطباخ عمومي في الشركة، وبعدها جاني فرص للسفر خارج مصر وداخلها، وحققت مكاسب مرضية».

قنديل جد لـ6 أحفاد بعد مشوار الكفاح

وأشار «قنديل» إلى أنه في الخمسين من العمر، وبعدما زوّج اثنين من أبنائه الـ5، اللذين أهدياه 6 أحفاد، قرر أن يعمل عملاً يحبه ويناسب قدرته الصحية، ووقع الاختيار على السبح المصنوعة من الأخشاب والأحجار الكريمة، بالإضافة إلى الاكسسوارات، مشيراً إلى أنه محب لآل البيت والصوفيين، وأن حبه للصوفية دفعه لأن يصنع أدوات للتسبيح والذكر، فخصص عربة خشبية وركنها إلى جوار منزله، ليجلب حبات السبحة من الخشب والأحجار الكريمة ليجمعها، بالاضافة الى شرائه بعض بضاعته جاهزة لبيعها في الزقازيق لزبائنه.

عربة خشبية صغيرة مشروع مصغر لخان الخليلي

واختتم «قنديل» حديثه لـ«الوطن» واصفا مشروع السبح بـ«خان الخليلي المصغر»، مشيراً إلى أنه وجد متعة كبيرة على مدار سنوات عمره، لافتاً إلى تنقله بين عدة حرف ومهن أتاحت له خبرات كثيرة وسعادة أكبر، رغم المجهود الكبير الذي يعانيه، مشيراً إلى أنه حقق كل أمنياته، ولم ينقصه شيئ لا من مال ولا سعادة، حتى أنه وصل للرضى والسلام النفسي، ويمارس عمل السبح بكل الحب، دون حاجة لأحد، أو طلب مساعدة، وأيقن أن حب الناس الذي يكتسبه بالتيسير في تجارته، أهم لديه من مكسب الأموال.

 


مواضيع متعلقة