النمو السكاني.. ومعركة الوعي..!
- الأمين العام
- الجهاز التنفيذى
- الطاقة النووية
- المحطات النووية
- المفاعلات النووية
- بئر العبد
- توليد الكهرباء
- رؤساء اللجان
- أحكام القانون
- أحكام قانون
- الأمين العام
- الجهاز التنفيذى
- الطاقة النووية
- المحطات النووية
- المفاعلات النووية
- بئر العبد
- توليد الكهرباء
- رؤساء اللجان
- أحكام القانون
- أحكام قانون
الصدفة وحدها كانت هى السبب الذى جعلنى ألقى زميل دراسة قديماً فى إحدى المصالح الحكومية.. لم أره منذ زمن بعيد ربما يتجاوز العشرين عاماً.. الشيب الذى غزا رأسه وتلك التجاعيد الخفيفة التى بدأت تجد مساراتها فى وجهه لم تكن عائقاً أمام سيل الذكريات الذى اندفع قوياً لنتذكر أيام الصبا والشباب الجميلة..!الحديث تطرق لأحوال المعيشة والأولاد.. ليشكو لى من ارتفاع الأسعار الذى نعانى منه جميعاً.. لم أتعجب من الشكوى التى صارت متكررة بل وصرت أسمعها من مستويات اجتماعية مرتفعة.. ولكنه استطرد بأن الغلاء ربما يجعله غير قادر على الإنفاق على أولاده السبعة!الصدمة كانت قوية بالفعل أن أعرف أن لديه هذا العدد من الأولاد.. لم أخجل من أن أرد عليه بأنه مخطئ أن ينجب كل هذا العدد.. فهم حمل ثقيل بالفعل.. ومهما بلغ الدخل الشهرى له أو لغيره فحتماً سيصبح الإنفاق عليهم وتوفير مستوى معيشى مناسب مشكلة عويصة للغاية.. ليجيبنى بأنها إرادة الله التى لا رادّ لها!كدت أتساءل عن معنى هذا الكلام.. ولكنه أضاف بأنه يرفض رفضاً باتاً أن تستعمل زوجته أى وسيلة لتنظيم النسل.. بل ويحرص على أن ينجب بشكل منتظم، على الرغم من الحالة الصحية لزوجته التى ليست على ما يرام، معللاً ذلك بأن تنظيم النسل «حرام» شرعاً بفتوى الشيخ فلان الذى يصلى به فى المسجد القريب من بيته..!كل محاولاتى لإقناعه أن ما يقوله لا أساس له من الصحة باءت بالفشل.. لقد كان واضحاً فى مبدئه.. الرزاق هو الله والمولود يأتى برزقه!لقد صدر السلاح الذى تصعب مواجهته فى حوار عابر.. فاستخدام الدين يجعلك غير قادر على الجدال أو حتى الوصول إلى أرضية مشتركة للإقناع!يخبرنا الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد سكان الدولة المصرية يزداد مليوناً كل مائتى يوم تقريباً.. وهو ما يجعل معدل الزيادة السكانية فى مصر من المعدلات الأعلى على مستوى العالم..!
يصر علماء الاقتصاد أن الدول تحتاج إلى معدل نمو يبلغ ثلاثة أضعاف معدل الزيادة السنوية فى السكان -فقط- لتحافظ على مستوى المعيشة لمواطنيها.. أى إن زيادة سنوية بمعدل ٢٪ فقط تلتهم فى وجهها حوالى ٦٪ من معدل النمو فى الدخل القومى.. ودون أى أمل فى ارتفاع المستوى أو متوسط الدخل!بالنظر إلى مشروع موازنة العام المالى ٢٠٢٢-٢٠٢٣ سنجد زيادة قدرها ١٩٫٣ مليار جنيه من الإنفاق المباشر على القطاع الصحى مقارنة بالعام الماضى وفقاً للتقسيم الوظيفى للموازنة.. وهو ما يمثل زيادة بنسبة تقترب من ١٨٪ عن الموازنة الماضية.. ولكن بوضع معدل الزيادة السكانية فى المعادلة ستجد أن نصيب الفرد فى هذا الإنفاق لم يرتفع تقريباً.. بل ربما انخفض عن العام الماضى..!هى دائرة مفرغة منبعها الرئيسى فى رأيى ذلك الفكر الذى يقضى بأن النسل «عزوة».. وأن التناسل هو أمر يتعلق بالدين أكثر من الظرف الاقتصادى.. الأمر الذى يغذيه بعض الذين يطلق عليهم شيوخ دون تأهيل أو أحقية.. وبفتاوى لا أعرف لها مصدراً أو سنداً.لم يتوقف الرئيس عن التحذير من خطر الزيادة السكانية.. مؤكداً أنها أخطر من الإرهاب نفسه، وأنها تضيّع كل جهود الدولة فى التنمية!
أكثر من اقتراح تم تقديمه لإصدار تشريعات صارمة للحد من تلك الزيادة كما هو الحال فى بعض الدول مثل الصين التى تمنح الدعم والتعليم والتأمين الصحى للطفل الأول فقط.. أو الهند التى تسير على نفس النهج منذ فترة ليست بالقصيرة.. وهو أمر أعتقد أنه ربما ينجح إلى حد كبير فى بلادنا بعد تمصيره.. ولكن فى رأيى أن الأهم هو ما لم يتم بعد!
إن مشاركة المؤسسة الدينية الرسمية فى الحملة الفكرية لتنظيم النسل أمر ضرورى من وجهة نظرى، فوجود الأزهر بشيوخه الذين يمتلكون من العلم ما يردون به على تلك الفتاوى العجيبة هو أول الطريق.. وأفضل الوسائل لتغيير الفكر ذاته لدى العامة..!
أعتقد أن اقتراحاً بمشاركة الأزهر مع وزارة الصحة ووزارة التضامن فى مشروع قومى لتغيير الثقافة الإنجابية لدى المواطن قد يكون مفيداً.. وإتاحة مساحة إعلامية جيدة للشيوخ المؤهلين مع خبراء فى مجال الاقتصاد وخصائص السكان ستخلق نوعاً من القناعة لدى الناس بضرورة النظر إلى هذه المشكلة بعين الاهتمام، فالزيادة السكانية فى رأيى هى قضية أمن قومى من الطراز الأول.. والتى ستقف عائقاً أمام كل جهود التنمية.. مهما بذلت الدولة من جهد.. أو هكذا أعتقد!