التعامل المصري مع سد النهضة يمثل قمة نضج الدولة

لؤي الخطيب

لؤي الخطيب

كاتب صحفي

تعامل إدارة الرئيس السيسى مع قضية السد الإثيوبى منذ اللحظة الأولى، هو التجلى الحقيقى لذروة النضج المصرى فى التعامل مع التحديات الخارجية.آخر فصول القصة كان عبر جلسة مباحثات بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء أبى أحمد فى القاهرة، انتهت بإعلان استئناف المفاوضات، على أن نصل إلى اتفاق حول الملء والتشغيل خلال 4 أشهر، وهذا الاتفاق تنتظره شعوب الدول الثلاث لتحقيق مصالحها عبر التعاون والتكامل، لا الصراع والشقاق.

قبل هذه المحطة، تعاملت الدولة المصرية بحكمة شديدة مع قضية شديدة الحساسية، ورغم المزايدات والتحريض من جانب المطاريد، والقلق المشروع من جانب عموم المصريين على قضية تمس الأمن المائى، كانت الإدارة قادرة على تحديد مسارها بدقة مع امتلاك كامل لأدواتها.

نحن لا نعرف الكواليس بالتأكيد، لكن المنطقى أن مشهد المباحثات بين الرئيس السيسى ورئيس الوزراء الإثيوبى ليس وليد اللحظة، وإنما هو جهد مشترك لأجهزة ومؤسسات الدولتين من أجل إزالة حالة الجمود التى أصابت المفاوضات.

الحكمة الواضحة والهدوء والصبر من الجانب المصرى، تمثل ذروة نضج المؤسسات بفعل خبرة تراكمية، فعلى مدار عشرات السنين منذ ولادة النظام الجمهورى، وبفعل أزمات وانتصارات ومواقف وخبرات، استخلصت المؤسسات والأجهزة المصرية مفاهيم مكّنتها من تطوير الأسلوب الأمثل للتعامل مع التحديات.

لا جعجعة ولا عنتريات.. لا تصريحات عنيفة ولا تهديدات.. لكن يوجد حسم واضح فى التعامل مع قضية مهمة كالأمن المائى.بالتوازى مع الشق الخارجى من قضية الأمن المائى «ما يتعلق بالسد»، كانت الدولة تعمل بمنتهى التدقيق والسرعة على إنجاز مشروعات تعزيز الأمن المائى، وليس أدل على ذلك من محطات معالجة المياه التى تعيد تدوير مياه الصرف الزراعى بدلاً من التخلص منها وإلقائها فى المصارف.

كما كان يحدث سابقاً.خلال الأيام الماضية، أعلنت شركة المقاولون العرب بدء التشغيل التجريبى وضخ المياه من محطة معالجة الدلتا الجديدة بالحمام إلى ترعة الدلتا الجديدة، هذه المحطة العملاقة تعمل بطاقة ٧٫٥ مليون متر مكعب يومياً من المياه التى تتم معالجتها ثم تُستخدم لرى مشروع مستقبل مصر ضمن الدلتا الجديدة.من هذه الوقائع، نفهم كيف تتعامل الدولة مع التحديات.. البحث عن الحلول بموضوعية وفهم وهدوء، مع تعزيز كل أساليب وأدوات الردع، يضمنان الوصول فى النهاية لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار على كل المستويات.