خصخصة الأندية الرياضية.. ويتجدد الحوار
في يوم الثلاثاء الموافق الحادي والعشرين من يونيو 2022م، وفي جريدة الوطن الغراء، كتبت مقالاً بعنوان «خصخصة الأندية الرياضية». وفي يوم الثلاثاء الموافق الخامس من يوليو 2022م، أي منذ ما يربو على عام واحد ببضعة أيام، وفي جريدة الوطن أيضاً، كتبت مقالاً آخر بعنوان «خصخصة النادي الأهلي». وبعد هذا المقال الثاني ببضعة أيام، وفي مؤتمر صحفي، أدلى الكابتن محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، ببعض التصريحات والتأكيدات، لعل أهمها ما يتعلق بالموضوع الذي نحن بصدده، وهو أن «النادي الأهلي ليس للبيع».
ومؤخراً، وفي يوم الثلاثاء الموافق الحادي عشر من يوليو الحالي، وبمناسبة بقاء النادي الإسماعيلي في الدوري المصري الممتاز لكرة القدم بعد فوزه في مباراته الأخيرة على فريق نادي الداخلية بهدف وحيد، كتبت منشوراً على صفحتي الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حيث جاءت عبارات المنشور على النحو التالي: «تهانينا القلبية لكل مشجعي النادي الاسماعيلي دراويش الكرة المصرية بمناسبة البقاء في الدوري الممتاز.. ولكن لا يجوز أن يكون ذلك مدعاة لنسيان أو تغافل أسباب الأزمة التي يمر بها هذا النادي العريق.. وفي اعتقادي أن الموقف الصعب الذي مر به النادي الاسماعيلي في الموسم الحالي سيتكرر في الأعوام القادمة.. وتوقعاتي الشخصية أيضا أن نادي الزمالك سيعاني كثيرا في العام القادم وربما تستمر حالة الابتعاد عن المنافسة التي حدثت في الموسم الحالي.. والدلائل والشواهد عديدة على أن الزمالك يمكن أن يكون أحد أندية منتصف الجدول في الأعوام القادمة.. ومن ثم، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة للنادي الاسماعيلي ونادي الزمالك وغيرهما من الأندية التي يطلق عليها وصف الأندية الشعبية: هل يكون الحل من خلال اللجوء إلى خصخصة الأندية الرياضية؟ وهل يمكن البدء بنقل ملكية هذه الأندية إلى الصندوق السيادي المصري على غرار ما حدث في المملكة العربية السعودية من خلال نقل ملكية الأندية الأربعة الكبيرة إلى صندوق الاستثمارات المالية السعودي؟ ولكن وفي هذه الحالة يثور تساؤل اخر عن مدى جواز تبعية أكثر من ناد يشاركون في ذات المسابقة لمالك واحد؟ ألا يتناقض ذلك مع لوائح الفيفا؟».
وقد جاءت التعليقات على هذا المنشور متباينة بعضها مؤيد للفكرة، وبعضها الآخر رافض لها. ففيما يتعلق بالجانب المؤيد، علق الصديق العزيز المستشار نصر بشير، المستشار القانوني المتخصص في القانون الرياضي، قائلاً: «موضوع مهم يا استاذنا لكن له اكتر من زاوية أهمها وبكل صراحة رغبة الدولة في السيطرة على الاندية الشعبية بسبب جماهيريتها رغم ان هذا يؤثر على ميزانية ومدخولات الدولة لأني أعتبر الأندية الشعبية مش الاهلي والزمالك والاسماعيلي فقط بل كل نادى للمحافظة هو نادى شعبي ويحصل على دعم من الدولة مثل المنيا سوهاج بني سويف كفر الشيخ المنصورة. وهكذا كنت أتمنى أن الدولة تبيع 49 في المائة من اندية الاقاليم لمستثمرين ورجال اعمال وتخفف الضغط المصروفات والنفقات على الدولة واعطاء القطاع الخاص الفرصة في الابتكار والتطوير. أما بالنسبة للأندية الشعبية الكبيرة الموجودة في الدوري الممتاز أو دوري الدرجة الثانية، فعليها بشركات الكرة وبيع أسهم هذه الشركات.
هذا غير الدولة لازم تنظر في موضوع إنشاء الأندية الخاصة المملوكة للأفراد والحد منه، وده لأسباب كثيرة، أهمها أنه على الأقل النهاردة القاهرة ممثلة ب 9 أندية في الدوري الممتاز في حين أن أندية الصعيد هو نادى واحد أو على الأقل تبيع الأندية التي قاربت على الاندثار. موضوع مهم ومحل نقاش بس عايز ارادة من الدولة اولا ثم مخلصين يحملون رؤية».
وفي الإطار ذاته، علق الصديق العزيز الرائد الدكتور خالد رياض، قائلاً: «إن الأزمة دائماً في مصر هي النظر إلى القمة، وليس حل المشكلة من الجذور، ووضع الأسس واللوائح المنظمة، وليس مجرد وضع مسكنات لا تحل الأزمة. فتأسيس شركات وخصخصة الأندية أمر بالغ الصعوبة في ظل الوضع الحالي وعشان يتعمل يجب الفصل التام لنشاط كرة القدم، واعتمادها على مواردها من خلال الحضور الجماهيري، وحسن تنظيم المسابقات من خلال جداول منتظمة للمباريات، وإقامتها في أيام العطلات مثلما يحدث في كل الدولة التي ترى أن كرة القدم صناعة.
كذلك، لابد من وجود كوادر يمكن الاعتماد عليها لإعادة تنظيم اللوائح والقوانين، خاصة وأن الدوريات العربية التي قامت بطفرات مؤخراً تعتمد على مصريين بشكل كبير في عملها، وهو ما يعني أن ذلك ليس بالأمر الصعب، إذا أردنا ذلك، كرة القدم ترفيه وتهدف لإسعاد الجماهير، لذا لابد من رفع جودة المنتج، من خلال حسن التنظيم وصياغة لوائح جديدة.
ولابد من عودة الجماهير، وانتظام المسابقة، وزيادة العوائد التجارية والبث التليفزيوني. وكذلك، لابد أن يمتلك النادي أصول، كي يتم زيادة رأس المال، وضرورة وجود خطة عمل من خلالها يتم تحديد الأهداف المستقبلية، فغياب الجمهور يعني فقدان الإيرادات التي تعود للأندية من خلال بيع التذاكر، وكذلك الجوائز والمكافآت المالية الخاصة بتحقيق انجازات تنافسية مثل الفوز ببطولات أو تحقيق مراكز متقدمة، وأيضا عوائد البث التليفزيوني فمن خلالها يمكن وضع خطة لمدة 5 سنوات مثلا. لذا، فإنه يجب على الدولة التدخل سريعاً من أجل التعامل مع المستجدات والتطور الكبير الذي يحدث في صناعة كرة القدم، كي لا تتعرض الأندية لمزيد من الأزمات المالية.
وضرورة التغيير الكامل للقانون الحالي العقيم، وهو وضع لإدارة الهيئات الرياضية، وليس الأندية المحترفة، ففي ظل الوضع الحالي، لن يتغير شيء، وما يحدث مجرد “ترقيع” لن يأتي بجديد. أيضا من المهم تعديل الفقرة الخاص بنسب الملكية في فقرة الاستثمار الرياضي الخاصة بإنشاء شركات لتكون 49% للمستثمرين، ومثلها للنادي، و2% للدولة، كضمان لعدم التحكم الكامل من المستثمرين في شركات الأندية، مع منح المستثمر اعفاءات ضريبية لمدة معينة مقابل هذه النسبة لتشجيعهم على الاستثمار في الأندية. ومن الممكن كذلك وضع خطط بديلة من خلال نقل الأندية الأهلية لشركات تابعة للدولة مثل هيئة قناة السويس بالنسبة للنادي الإسماعيلي، بحيث تستثمر في النادي، على أن تحصل العوائد من الأرباح التي تتحقق».
وفي الاتجاه ذاته، يقول الأخ العزيز الأستاذ عصام منير عبد الظاهر، أستاذ اللغة الإنجليزية في منطقة القاهرة التعليمية: «فكروا وباعوا وخصخصوا كل شيء.. ولكن، عندما تأتي عند الأندية الرياضية، فإن الذي يطرح الفكرة يتم مهاجمته، متغافلين أن الرياضة صناعة وتمويل وأرباح وهذا كله بالإدارة الاستثمارية الخاصة بعيداً عن فساد مجالس الإدارة الحالية وعجزها عن التمويل».
وفي المقابل، علق الصديق العزيز اللواء الدكتور شوقي صلاح، أستاذ القانون المدني بأكاديمية الشرطة، قائلاً: «الموضوع معقد للغاية، خاصة بالنسبة للأندية الشعبية الكبيرة.. فالدولة بفرض أنها تعاملت مع هذا الموضوع باعتباره مصدرا لكسب المال.. فالمشتري بعد ذلك سوف يحاول تعويض ما دفعه؛ فهو في النهاية مستثمر وهذا حقه.. فإن أراد على سبيل المثال أن يغير اسم النادي فلا تستطيع قانونا منعه، إلا إذا اشترط عليه هذا في عقد الصفقة، ودائما يصبح له الحق في تغيير الأنشطة وتغيير طبيعة استغلال الأرض والمنشآت.. ويبقى السؤال الجوهري جدا فر هذا الشأن: ما القيمة القانونية لرأي أعضاء النادي وكذا جماهيره في هذا الشأن؟؟؟ أرى أن من غير المناسب بيع الأندية المشار إليها كصفقات ترى الدولة أنها ستحقق لها المليارات.. فالمستثمر يشتري جماهيرية النادي.. بينما الأمر وارد في شأن الأندية التي نشأت أصلا في رحاب القطاع الخاص، وإن كانت الحجة أن الغرب وهم الأكثر تقدما في مجال الرياضة الأندية الرياضية عندهم تخضع لقواعد القطاع الخاص.. إلا أنها مقارنة في غير محلها، فمن يرد الاستثمار في الرياضة.. فلتبع له الدولة الأرض والمرافق ليستثمر في مجال الرياضية كما يشاء».
وفي الإطار ذاته، علق الزميل العزيز الأستاذ الدكتور طارق الشيخ، أستاذ القانون المدني بجامعة الزقازيق، قائلاً إن ذلك يتناقض مع حقيقة أن الأندية في مصر هي ملك لأعضائها.
وفي الختام، الشكر واجب لكل من تفضل من الأصدقاء الأعزاء بإبداء الرأي في هذه القضية التي تهم الرأي العام المصري، أملاً في تحريك المياه الراكدة في الوسط الرياضي، وصولاً إلى رسم خريطة طريق متكاملة لإصلاح وتطوير الشأن الرياضي. حفظ الله مصرنا الحبيبة من كل مكروه وسوء.