أساتذة علم اجتماع: دعم الأطفال سيحقق السلامة النفسية لهم ويبني جيلا ناضجا

أساتذة علم اجتماع: دعم الأطفال سيحقق السلامة النفسية لهم ويبني جيلا ناضجا
أوضح خبراء علم النفس والاجتماع أن انتقال أطفال العشوائيات لمناطق جديدة متطورة يحقق العدالة الاجتماعية والسلامة النفسية والبدنية، ويفتح آفاق المستقبل أمامهم لتحقيق الأحلام وبلوغ الطموحات فى كافة الجوانب.
«هندى»: الحياة الجديدة تشبع احتياجات الطفل فى اللعب والتقدير
إذ أكد الدكتور وليد هندى استشارى الصحة النفسية أن نقل أطفال العشوائيات إلى أحياء آدمية صحية يولد العديد من الآثار النفسية الإيجابية، التى تجعل الطفل ينعم بصحة نفسية وجسمانية جيدة، ومن تلك الآثار؛ ارتفاع تقدير الطفل لذاته، وفهمه لاحتياجاته وحقوقه وواجباته تجاه مجتمعه ووطنه، كما يشعر بالكفاءة النفسية بعدما أصبح يعيش فى وحدة سكنية ملحقة بكافة المرافق والخدمات، فضلاً عن انتظامه فى المدرسة، واشتراكه فى النادى والمكتبة فى مدينته الجديدة، مضيفاً: «الحياة الجديدة التى توفر له كافة احتياجاته النفسية والاجتماعية تجعله منفتحاً على الآخرين، ولديه الرغبة فى عقد صداقات، وتخلصه من الإحساس بالدونية والخجل الاجتماعى الذى كان يشعر به دوماً».
وتابع «هندى» فى حديثه لـ«الوطن»، أن إشباع الاحتياجات النفسية فى البيئة الجديدة من الآثار الإيجابية التى تتحقق للطفل، كإشباع حاجته فى اللعب فى مكان مؤهل لذلك كمراكز الشباب والملاعب، وإشباع حاجته للتقدير من خلال الورش التى تنظمها قصور الثقافة لزيادة ثقة الطفل بنفسه، كما يؤدى عيش الأطفال حياة كريمة إلى التخلص من المتلازمات النفسية السيئة التى التصقت بهم فى أحيائهم القديمة، كالتخلص من متلازمة الخوف والقلق والتوتر، وتعميق مشاعر الأمان النفسى، وتعزيز مشاعر الولاء والانتماء للوطن لأنهم وجدوا من يهتم لأمرهم ويشعرهم بالدفء العاطفى والنفسى، وأكد كذلك: «وجود الأطفال فى بيئات آمنة يرفع من كفاءة قدراتهم العقلية ويؤدى إلى تنمية الخيال والقدرات الإبداعية، ما يجعلنا نشاهد بعد فترة قصيرة أبطالاً ومبدعين وموهوبين ينتمون لتلك المناطق».
ولفت استشارى الصحة النفسية إلى أن وجود المكتبات وقصور الثقافة فى المناطق بديلة العشوائيات يؤدى إلى توسيع ملكات التفكير وتنمية جوانب الشخصية الروحية، كما يسهم ذلك فى توعية الأطفال بأهمية الانتظام فى التعليم، وحمايتهم من الاعتداءات واستغلالهم فى الجرائم كما كان يحدث لهم فى المناطق العشوائية.
«خضر»: وجود الأطفال فى مجتمع جديد متطور يساعد فى نسف المفاهيم المغلوطة والظواهر السلبية
ومن جانبها، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن ما حدث من تطوير العشوائيات والأماكن الخطرة بعد ثورة 30 يونيو هو إنجاز كبير لم يتوقع أحد أن يتحقق بتلك السرعة، معتبرة أن التحدى الأكبر يتمثل فى تغيير سلوكيات الأهالى الخاطئة وغير السوية حتى ينعكس ذلك على أطفالهم، وهذا ما تقوم به الجهات المعنية من خلال تنظيم ورش حملات التوعية؛ كحملات التوعية بمخاطر المخدرات والإدمان، والحملات التى تستهدف تمكين المرأة وتحقيقها الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى بما يضمن حياة مستقرة لها ولأبنائها، مؤكدة أن توفير الخدمات التعليمية والثقافية والرياضية المتمثلة فى إنشاء النوادى والمراكز الشبابية والملاعب وقصور الثقافة يسهم فى خلق جيل واعٍ لديه القدرة على الاندماج بشكل طبيعى فى المجتمع: «وجود الأطفال فى بيئة جديدة آدمية ينسف بالتدريج المفاهيم المغلوطة التى اكتسبوها فى بيئة خطرة تقوم على السرقة والخطف وتجارة المخدرات، كما يقضى على الظواهر السلبية كالزواج المبكر والزواج دون توثيق، والأطفال المشردين ومجهولى النسب».
وأضافت «خضر» أن وجود الأطفال فى المدن الجديدة ضمن لهم حياة صحية سليمة من خلال إطلاق القوافل الطبية بشكل منتظم للكشف عن الأطفال وحمايتهم من الأمراض التى كانت تنتشر فى الأحياء العشوائية، كالجرب وأمراض الجهاز التنفسى الناتجة عن حرق المخلفات والقمامة بين العشش والبيوت، كما أضافت: «أصبحنا ننظر بفخر لهؤلاء الأطفال بعدما كنا ننظر لهم ببؤس، فهم الجيل الجديد الواعد الذى يستحق حياة كريمة آدمية فى الجمهورية الجديدة»، متابعة أن «الاستثمار فى البشر هو أفضل أنواع الاستثمار، وهذا ما وجدناه من جانب الدولة والقيادة السياسية».
«عوض»: المدن المتطورة تضفى هوية وملامح جديدة على الأطفال الذين انتقلوا إليها
وأكد الدكتور شريف عوض، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، أن المدن المتطورة تضفى هوية وملامح جديدة للأطفال الذين انتقلوا إليها، إذ تؤثر جودة المعيشة والتخطيط الجيد للأماكن بديلة العشوائيات بالإيجاب على سلوك الطفل وعلاقاته الاجتماعية، كما تؤثر بالإيجاب على مستواه التعليمى والثقافى، ما يجعله يعيش حياة مستقرة، ويصبح أكثر قدرة على التفكير بشكل عميق يؤهله أن يصبح شخصاً مؤثراً فى المجتمع، وأضاف عوض أن تخصيص أماكن مجهزة للعب من ملاعب ومراكز شبابية يساعد على تفريغ الطاقة السلبية والعنف وتبديلها بمشاعر البهجة والسعادة.
وتابع أستاذ علم الاجتماع أنه ينبغى متابعة سلوك هؤلاء الأطفال من خلال البرامج التدريبية، ليتم تعليمهم بعض العادات والقيم الاجتماعية الحميدة، كمراعاة الجار والتعامل معه بلطف وعدم إزعاجه، والبعد عن الشجار ومضايقة الآخرين، ومراعاة خصوصية الغير: «نفذت الدولة بالفعل عدداً من البرامج التدريبية للأطفال، لتعديل سلوكهم وتنمية مشاعر الانتماء لديهم»، كما أكد: «يجب ألا يكون نقل المواطنين إلى المدن الجديدة نقلاً ميكانيكياً فقط، بل ينبغى أن يكون هناك تغيير فى المفردات والمفاهيم العشوائية التى تعوّد عليها الأطفال خلال سنوات طويلة، حتى يمكننا القول إنه نقل ثقافات بشرية وليست كتلاً بشرية».