«30 يونيو».. قصة بركان الغضب في مصر!
قبل عشر سنوات بالتمام والكمال، كانت مصر كلها على موعد مع القدر.. بقى أسبوع تقريباً على الموعد المنتظر.. المرتقب.. الذى اختاره شعبنا للخلاص من العصابة التى قفزت إلى السلطة فى غفلة من الزمن ومن قطاع من أهلنا.. ولدوا ونشأوا وكبروا على أكاذيب الإخوان بعد ترك المجال لهم ومصر كلها بأن يفعلوا ما يشاءون.. وأن يقولوا ما يريدون.. فى الجامعات والجوامع. فى الصحف والمجلات.. فى دروس الأربعاء والثلاثاء وما بين المغرب والعشاء.. فى كتب شيوخ الجماعة وشبابها من دور نشر الإخوان وما أكثرها.. على أشرطة الكاسيت ثم على مواقع الإنترنت ولهم السبق والغلبة فى هذه وتلك.. هذه كتب محمود عبدالحليم وأحمد عادل كمال ومصطفى مشهور وزينب الغزالى وعمر التلمسانى وأحمد رائف.. هنا كتب: «الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ» و«النقاط فوق الحروف» و«مذابح الإخوان فى سجون ناصر»، و«قال الناس ولم أقل عن حكم جمال عبدالناصر» و«أيام من حياتى» و«البوابة السوداء» وغيرها وغيرها بخلاف مجلات «الدعوة» و«الاعتصام» و«المختار الإسلامى» وتحالفات وخدمات جليلة من صحف صديقة وحليفة.. مستأجرة.. هنا نوادى هيئة التدريس وهنا النقابات المهنية.. هنا أسر الأندية الرياضية ورحلاتها.. هنا الجمعيات الخيرية والمستوصفات الطبية والمساعدات المادية والدروس التعليمية المجانية.. هنا الصيدليات والأدوية المخفضة والأسواق التجارية والشركات التكنولوجية والتعيينات فى كل ذلك!!!هنا أحاديث عن المعاناة فى السجون والمحن التى تعرضت لها الجماعة.. محنة ١٩٥٤ وكيف لفّقوا حادث المنشية ومحنة ١٩٦٥ وكيف لفقوا الاتهام للتخلص من سيد قطب والتخلص قبله من الإمام الشهيد فى شارع رمسيس بالرصاص ودقت أجراس الكنائس فى العالم ابتهاجاً بذلك وصولاً لإعدام «قطب» الذى توسط العالم كله للإفراج عنه ولكنه هو نفسه رفض طلب العفو وعشرات الأساطير عن التعذيب وكيف كانت الكلاب تأكل جسد زينب الغزالى ثم تصحو فلا تجد أثراً لذلك وكيف أعدموا المئات ودفنوهم أسفل الزنازين وكيف كانت التعليمات تأتى من كل دول العالم تطلب التخلص من الجماعة ورموزها حتى إن المطلب وحّد بين السوفيت والأمريكان والألمان والهنود والصينيين وكل دول العالم!لا نلتمس العذر لهؤلاء وربما ندين مَن وضعوهم وتركوهم فى هذه الظروف وتلك الأجواء ولكن ربما أكثر نرصد الحالة التى عاشها شعبنا منذ الإفراج عن الإخوان وحتى وصولهم لحكم البلاد وصولاً إلى اليقظة والرغبة فى إعادة تصحيح المسار والتكفير عن الخطيئة الوطنية خصوصاً أن هناك -وهذه أمانة ينبغى ذكرها- مَن قاوموا الجماعة وردوا عليها وفندوا مزاعمها وأكاذيبها.. فى الأحداث والتاريخ كان هناك الكتاب الكبار محمد عودة وعبدالله إمام وحسنين كروم وغيرهم.. وفى الفكر والمنهج كان هناك الدكتور محمد سيد طنطاوى والمستشار محمد سعيد العشماوى وفى الرد حركياً ونظرياً نتذكر الدكتور رفعت السعيد والدكتور فرج فودة رحمهم الله جميعاً وغيرهم وغيرهم!الآن.. ذهبت السكرة وجاءت الفكرة.. تريدون السلطة منذ ثمانين عاماً.. استوليتم عليها.. عرفناكم اليوم على حقيقتكم.. رأينا تعاملكم مع مخالفيكم.. تكفرونهم وتعتدون عليهم وتحطمون منصاتهم فى ميدان التحرير.. رأينا كيف تدوسون على الدستور والقانون وقيم البلاد وعادات أهلها.. رأيناكم وأنتم تعينون عشيرتكم فى الوظائف لا لشىء إلا لانتمائهم للجماعة وليس لكفاءتهم ولا لحاجة العمل لهم ويذهب إلى الجحيم المستحقون الحقيقيون لهذه الأماكن!!أدركنا أنكم بلا خبرات وبلا مواهب وبلا علماء.. وأدركنا اتصالاتكم الخارجية وما تدبرونه للوطن! اليوم جاء وقت الاعتذار للوطن ولمن حذرونا منكم ولم ننتبه ولم نهتم.استحلفونا ولم نعِرهم اهتماماً.. شرحوا لنا ولم نستوعب ما يقولون.. والنتيجة وطن وشعب على مفرق طرق.. نسترده أو يذهب ولن يعود!اليوم يتنادى الناس فى كل مكان.. فى المقاهى وفى النوادى وفى المتاجر والمزارع والمصانع والمدارس.. فى وسائل المواصلات والقطارات والجامعات.. هنا أكبر صرخة فى تاريخ البلد لإنقاذها من مصير مجهول.. اليوم أكبر استدعاء فى التاريخ للمخزون الشعبى وكافة جماهير شعبنا.. بطبقاته وفئاته.. بجنسيه الرجال والنساء.. بأعماره من شيوخ وكهول وشباب وأطفال! اليوم دقت ساعة الخلاص ولا رجعة فيها ولا توقف لها ولا عودة إلا بانتصار إرادة الجماهير!وقد كان.. وخرج الغضب العارم المحبوس فى الصدور لعام كامل.. عام اختطفت فيه المحروسة فى ظروف غامضة.. ملتبسة.. وحانت ساعة الحقيقة.. وجاءت لحظات تصحيح المسار.. وقد كان.. وقد كانت.. وللحديث بقية!