مصر تتبنى «قضايا القارة».. المطالبة بتخفيف أعباء الديون على إفريقيا ومناشدة المؤسسات لتيسير التمويل المستدام

كتب: وليد عبد السلام

مصر تتبنى «قضايا القارة».. المطالبة بتخفيف أعباء الديون على إفريقيا ومناشدة المؤسسات لتيسير التمويل المستدام

مصر تتبنى «قضايا القارة».. المطالبة بتخفيف أعباء الديون على إفريقيا ومناشدة المؤسسات لتيسير التمويل المستدام

نجحت القيادة السياسية فى إصلاح بوصلة العلاقات المصرية الأفريقية وتوجيهها باتجاه المستقبل استناداً لمؤشرات الماضى وحقائق الجغرافيا، وما تحقق من طفرات متسارعة غير مسبوقة فى التنمية تشهدها كل بقعة فى أرض مصر. وقد باتت العلاقات مع دول القارة السمراء متقدمة على أجندة صانع القرار المصرى، وهو ما تجلى فى مشاركة الرئيس السيسى فى قمتى الاتحاد الأفريقى بغينيا الاستوائية وأديس أبابا، فضلاً عن الجولات الأفريقية التى قامت بها الحكومة المصرية، وإقامة المشروعات الحيوية للأفارقة.

واعتمدت أجندة مصر للنهوض بالاقتصاد الأفريقى على تبنى قضايا دول القارة، فكانت مطالب القيادة السياسية المصرية الدائمة فى المحافل الدولية بتخفيف أعباء الديون، ومطالبة المؤسسات المالية بتيسير التمويل المستدام، كذلك التأكيد الدائم على الانتماء الأفريقى، والتقدير الواعى لأهمية التعاون والتقارب بين شعوب القارة لمواجهة التحديات والمصير المشترك فى ظل التطورات المتلاحقة التى تشهدها أجزاء مختلفة من القارة، والتى انعكست على حالة الأمن والتنمية، وأسفرت عن موجة شرسة من التنافس الخارجى بين القوى الدولية والإقليمية لاستغلال مقومات القارة.

وقال وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، لـ«الوطن» إن مصر لها دور كبير فى القارة الأفريقية، منذ أن تولى الرئيس السيسى رئاسة الاتحاد الأفريقى، حيث تبنت مصر قضايا القارة الأفريقية وتحدثت باسمها فى العديد من المؤتمرات والمنتديات الدولية، مضيفاً: «أفريقيا تمتلك استراتيجية ومخططات للتنمية، ولكنها تفتقر إلى التمويل، ومصر تحدثت حول تخفيف أعباء الديون ومطالبة المؤسسات المالية بتيسير التمويل المستدام، كذلك هناك مشروعات محددة ستعمل على ربط دول الكوميسا، منها ربط البحر المتوسط ببحيرة فيكتوريا والربط البرى ما بين القاهرة وكيب تاون، وربط دول القاهرة بالسكك الحديدية، وغيرها من مشروعات الطاقة، فضلاً عن اتفاقية التجارة الحرة ما بين دول القارة».

وأوضح «جاب الله» أن القارة السمراء تعانى من العديد من التحديات والمشكلات، منها صعوبة تدبير التمويل اللازم لصناعة التنمية، ومشكلة تدبير الغذاء وتحسين معيشة المواطنين، وغيرها من المشكلات التى تتبناها مصر فى كافة المنتديات والمؤتمرات على المستوى الدولى، مشيراً إلى أن مصر دولة أفريقية كبرى، وعلى علاقة طيبة مع جميع الدول الأفريقية، وأصبح من المهم أن يكون هناك تعاون أكبر فى هذه المرحلة حتى يتم خلق تعاون أفريقى باعتبار أن الحلول المحلية والتعاون الإقليمى هو أحد البدائل المهمة لتجاوز التحديات الاقتصادية التى يمر بها العالم حالياً.

«عيد»: مصر تؤمن بأهمية العمل المشترك

من جانبه، قال حسام عيد، الخبير الاقتصادى، إن مصر تلعب دوراً مهماً فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حل العديد من مشاكل القارة الأفريقية، وذلك من خلال خبراتها وإمكانياتها الأمنية واستخدام القوة الناعمة فى حلها، فمصر أكثر قدرة على مساندة دول القارة السمراء فى التغلب على التحديات، مضيفاً: «مصر تؤمن بأهمية العمل الأفريقى المشترك وتسهم بجهد حثيث فى تحقيق السلام كركيزة للتنمية فى القارة، وهو الأمر الذى يظهر جلياً فى المواقف التى تتبناها مصر، وجهودها الحثيثة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والرخاء والتنمية فى ربوع القارة. وتلجأ كل أفريقيا إلى دول أخرى فى حل مشاكلها، وخاصة فى مكافحة الإرهاب، الذى يعتبر أحد أهم الملفات التى تستطيع مصر دعم دول أفريقيا فيها».

وأشار «عيد» إلى أنه حينما تولت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، كانت هذه البداية لمحاربة الفساد فى قارة أفريقيا، من خلال توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بفكرة إقامة المنتدى الأفريقى الأول لمكافحة الفساد فى الدول الأفريقية من أجل التوصل إلى رؤية مشتركة للقضاء على الفساد وتدعيم سبل التعاون للوصول فى النهاية إلى قارة خالية من الفساد.

وتابع قائلاً: تتضمن رؤية مصر لتجمع الكوميسا عدداً من الأنشطة التى تستهدف تعميق التكامل الاقتصادى بين مصر ودول التجمع، لتعزيز الوجود المصرى فى أفريقيا بشكل عام ودول الكوميسا بشكل خاص، من خلال تهيئة بيئة الأعمال لمجتمع الأعمال المصرى لدعم تعاونه الاقتصادى مع دول الكوميسا وتيسير مهام عمله فى التجمع لتعزيز الدور الريادى المصرى الإقليمى، والعمل على تشبيك مجتمع الأعمال فى إقليم الكوميسا وزيادة الروابط بين تجمعات الأعمال لدعم التكامل الاقتصادى.

ولفت «عيد» إلى أن هذه التحركات تنعكس على زيادة حركة التجارة والاستثمارات البينية، وفتح آفاق للتعاون فى القطاعات ذات الأولوية، والتى يمكن التركيز عليها خلال عام الرئاسة المصرية، إلى جانب مشاركة الخبرات المصرية فى القطاعات الاقتصادية ذات الميزة التنافسية مثل النقل والطاقة والاتصالات والصحة مع الدول الأعضاء، لزيادة التعاون المشترك وتحقيق مزيد من التكامل الاقتصادى، وتعزيز الوجود المصرى فى أفريقيا.

بدوره، قال محمد كيلانى، الخبير الاقتصادى والمصرفى: «سعت مصر لتبنى قضايا دول القارة، ويشمل ذلك التكامل الصناعى، وترسيم خريطة الموارد المتاحة بالدول الأعضاء، وربط سلاسل القيمة الإقليمية، ومجال التجارة والجمارك من خلال حث الأعضاء غير المنضمين لمنطقة التجارة الحرة على الانضمام، وتطبيق الإعفاء الجمركى على وارداتهم من السلع ذات منشأ الكوميسا، واقتراح تأسيس آلية لمراجعة السياسات التجارية لدول الكوميسا، ومشاركة خبرات مصر مع الدول الأعضاء فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتجارة الخدمات، وكذا مجال البنية التحتية من خلال التعاون مع سكرتارية الكوميسا والدول الأعضاء لتوفير مصادر تمويلية لممرات ومحاور النقل، وفى مقدمتها مشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، إلى جانب الزراعة من خلال تشجيع مبادرات التكامل الزراعى بين دول الكوميسا ودمج القطاع الخاص فى تنفيذ مشروعات التنمية الزراعية.

ولفت الخبير الاقتصادى إلى أن مصر اهتمت بتفعيل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية التى تعد خطوة كبيرة من أجل التعاون الاقتصادى، وتحقيق التكامل بين الدول الأفريقية وبعضها البعض، فضلاً عن إزالة الحواجز الجمركية وإلغاء التعريفة الجمركية تدريجياً بين دول القارة وخلق سوق أفريقية موحدة للسلع والخدمات، ولم يقتصر التعاون الاقتصادى بين دول القارة عند المنطقة الحرة، ولكن قامت مصر أيضاً بإنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار فى أفريقيا، بهدف تشجيع المستثمرين المصريين والأجانب على التوجه نحو الاستثمار بأفريقيا والمشاركة فى تنمية القارة السمراء، هذا بالإضافة إلى توفير ضمانات للمستثمرين بشأن المخاطر السياسية والاقتصادية والتى تعد أكبر عائق للاستثمار بالدول الأفريقية.


مواضيع متعلقة