مبادرات مصرية لتعزيز دور «الكوميسا».. تعظيم التكامل الصناعي وزيادة الاستثمار في التحول الرقمي

كتب: حسن عثمان

مبادرات مصرية لتعزيز دور «الكوميسا».. تعظيم التكامل الصناعي وزيادة الاستثمار في التحول الرقمي

مبادرات مصرية لتعزيز دور «الكوميسا».. تعظيم التكامل الصناعي وزيادة الاستثمار في التحول الرقمي

شهدت السنوات الأخيرة اهتماماً كبيراً من القيادة السياسية بترسيخ العلاقات المصرية الأفريقية، حيث تضع الدولة المصرية ضمن أولوياتها تعزيز التبادل التجارى مع الدول الأفريقية، خاصة أن التعاون الإقليمى من خلال التكتلات التجارية أصبح إحدى أهم آليات تحقيق التنمية، لذا جاء انضمام مصر إلى اتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقى «الكوميسا» نابعاً من إدراك عميق للأهمية الاستراتيجية للمحيط الجغرافى وعلاقات مصر مع دول حوض النيل، وحتمية الوجود المصرى فى التجمعات الأفريقية التى تضم هذه الدول، وبالأخص التجمعات الاقتصادية، حيث إن عضوية مصر فى «الكوميسا» تتيح لها نطاقاً أرحب من الحركة فى مجال فتح الأسواق، والحصول على مزايا نسبية جديدة.

واستهدفت الرؤية المصرية تعزيز دور «الكوميسا» من خلال طرح عدد من المبادرات للمساهمة فى تعميق التكامل، فى عدد من القطاعات الاقتصادية، ذات الأولوية بين دول «الكوميسا»، على الأجلين القصير والمتوسط، فسعت مصر لتعزيز التكامل القارى، فى إطار اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية والاستفادة من التقدم المحرز فى إطار التكامل الإقليمى للكوميسا فى دعم التكامل مع التجمعات الإقليمية الثلاثة: «الكوميسا»، وجماعة شرق أفريقيا، ومجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية «سادك» والعمل على تشجيع الدول الموقعة، على اتفاقية منطقة التجارة الحرة للتجمعات الثلاثة، للتصديق على الاتفاقية ليتم تطبيقها، ودخولها حيز النفاذ.

كذلك عملت مصر على إعداد مبادرة التكامل الصناعى الإقليمى بما يتوافق مع الاستراتيجية الصناعية للكوميسا ٢٠١٧ - ٢٠٢٦، وأجندة التنمية الأفريقية ٢٠٦٣ وذلك بهدف مشاركتها مع الدول الأعضاء والأمانة العامة لوضع خطة تنفيذية لتحقيق هذا التكامل الصناعى، وزيادة الإنتاجية تحت شعار: صنع فى «الكوميسا»، وتشجيع مشروعات الربط البرى بين دول القارة وفى مقدمتها مشروع «القاهرة - كيب تاون» الذى يمر بأغلب دول الإقليم، كما عملت مصر على تشجيع الأمانة العامة للتعاون مع الدول الأعضاء، لإعداد قائمة بفرص استثمارية واضحة ليتم عرضها على مجتمع الأعمال ومؤسسات التمويل، للعمل على تنفيذها بما يسهم فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى وتوفير مزيد من فرص العمل لمواطنى الإقليم، كذلك التكامل فى القطاع الصحى، وتحفيز مجتمع الأعمال بالسوق المشتركة.

«سلام»: مصر تمتلك رؤية لاستفادة الدول الأعضاء في «الكوميسا» وتضع زيادة الاستثمار ضمن أولوياتها 

ووفقاً لما قاله وائل سلام، خبير الاقتصاد والإدارة الاستراتيجية، لـ«الوطن»، فإنه منذ انضمام مصر إلى اتفاقية «الكوميسا» فى 1998، تم البدء فى تطبيق الإعفاءات الجمركية من باقى الدول الأعضاء، مشيراً إلى أن القيادة السياسية تضع ضمن أولوياتها تعظيم التكامل الصناعى، وزيادة الاستثمار فى البنية التحتية العابرة للحدود ومشروعات الربط، والتركيز على التعاون فى مجالات التحول الرقمى.

وأوضح «سلام» أن هناك جهوداً كبيرة تقوم بها مصر لتعزيز التعاون مع «الكوميسا»، تشمل تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، والتى دخلت حيز التنفيذ، يناير 2021، بالإضافة إلى تطبيق برنامج «جسور التجارة العربية الأفريقية»، لرفع وعى المنتجين المصريين بالفرص التصديرية المتاحة.

وأكد «سلام» أن مصر لديها رؤية واضحة للعمل على الاستفادة القصوى لكافة الأعضاء فى «الكوميسا»، وتتلخص هذه الرؤية فى طرح عدد من المبادرات للمساهمة فى تعميق التكامل، وإزالة أية عقبات تحول دون قيام الدول الأعضاء بتقديم الإعفاءات اللازمة فى هذا الصدد، حيث اقترحت وضع آلية لمراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء.

وأشار إلى أنه يجرى العمل على ترسيخ التكامل الصناعى من خلال إعداد مبادرة التكامل الصناعى الإقليمى بما يتوافق مع الاستراتيجية الصناعية للكوميسا ٢٠١٧ - ٢٠٢٦، وأجندة التنمية الأفريقية، والتكامل فى قطاعات البنية التحتية عن طريق التوسع فى إنشاء مشروعات الربط البرى بين دول القارة.

من جانبه، أكد د. عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن هناك تبادلاً تجارياً كبيراً بين مصر ودول «الكوميسا»، مضيفاً: «نحتاج لزيادة هذا التبادل والاستفادة بشكل أكبر من هذا التعاون والتجمع الكبير، ويجب بذل مجهود أكبر فى هذا الشأن، حيث إن صادرات الدول أعضاء «الكوميسا» فيما بينها بلغت نحو 10.874 مليار دولار، بينما تبلغ قيمة وارداتها من بعضها نحو 11.241 مليار دولار، ويعتبر قطاع الصناعات الغذائية هو الأكثر تداولاً بين الدول الأعضاء».

وأكد «السيد» أن اتفاقية السوق المشتركة لدول الشرق والجنوب الأفريقى هى فرصة كبيرة أمام كافة الأعضاء بها، موضحاً أنها تضم نحو 21 دولة، وهذا التجمع يمكن أن يكون فرصة كبيرة لزيادة التبادل التجارى والصناعى والاقتصادى بين كافة الأعضاء.

وعن أبرز أهداف «الكوميسا»، ذكر «السيد» أنها تتلخص فى دفع عجلة التنمية المشتركة فى كافة مجالات النشاط الاقتصادى، والتوصل إلى النمو المتواصل والتنمية المستدامة فى الدول الأعضاء، وذلك عن طريق تشجيع هيكل إنتاج وتسويق متوازن ومتناسق، والتعاون فى إيجاد بيئة مشجعة للاستثمار المحلى والأجنبى، والتعاون لتشجيع السلام والأمن والاستقرار بين الدول الأعضاء والإسهام فى تحقيق أهداف الجماعة الاقتصادية الأفريقية، وتعميق مفهوم المصالح الاقتصادية المتبادلة.

وأشار «السيد» إلى أن هناك مبادرات هامة أطلقتها مصر للتكامل الصناعى الإقليمى انطلاقاً من مسئوليتها الإقليمية تجاه دول «الكوميسا»، حيث تتوافق المبادرة مع أهداف الاستراتيجية الصناعية للكوميسا 2017-2026 وأجندة التنمية الأفريقية 2063، وتستهدف تحقيق عدد من الأهداف التى تتضمن زيادة القيمة المضافة التصنيعية فى إقليم «الكوميسا»، والنهوض بالصادرات الصناعية البينية، وتعزيز تكامل سلاسل القيمة الإقليمية والعمل على إعادة تشكيل هذه السلاسل فى ظل الموارد المتاحة لدى دول «الكوميسا»، وكذا التحديات التى فرضتها جائحة كورونا، بالإضافة إلى إنشاء منصة لتبادل المعلومات والخبرات المتاحة بالإقليم وترسيم الموارد المتاحة لدى الدول الأعضاء لاستغلالها على الوجه الأمثل لخدمة أهداف التكامل الإقليمى والعمل على تنشيط دور المؤسسات المالية لتوفير الخدمات المالية التى تسهم فى تحقيق الشمول المالى لخدمة أهداف التكامل الصناعى للدول الأعضاء.


مواضيع متعلقة