كيف كان "جبريل" مصدر ماء زمزم ؟

كتب: زياد السويفى

كيف كان "جبريل" مصدر ماء زمزم ؟

كيف كان "جبريل" مصدر ماء زمزم ؟

ترك إبراهيم زوجته وابنه هناك، وترك معهما كيسًا من تمر وسقاء فيه ماء، ولما أراد أن يعود إلى بلاد فلسطين وقفَّى راجعًا لحقته هاجر قائلة: يا إبراهيم أين تتركنا في هذا المكان الذي ليس فيه أنيس ولا سمير؟ جعلت تقول له ذلك مِرارًا، إلا أن إبراهيم عليه السلام كان يُريد أن يطيعَ الله فيما أمره عند ذلك، فقالت له: ءالله أَمَرك بهذا؟ قال: نعم، فأجابته حينها: إذًا لا يُضَيّعُنَا. وبعد أن ابتعدَ إبراهيمُ عن زوجته وولده قليلًا، وعند الثنية التفت متوجهًا للبيت ووقف يدعو ربه تبارك وتعالى ويقول: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} سورة إبراهيم. وجلست هَاجرُ مع ولدها حَيث وضعهما إبراهيم عليه السلام، وأخذت ترضع ولدها إسماعيل وتشرب من ذلك الماء الذي تركه لهما سيدنا إبراهيم، وبعد أن نفد ما في السقاء عَطشت هاجر وابنها عطشًا شديدًا وجَعل يَبكي ويَتَلوى من العَطَش، فانطلقت هاجر وأخذت تُفتّشُ له عن ماء، فوجدت الصفا أقرب جَبَل في الأرض أمامها، فَصعِدتْ عليه، ثم استقبلت الوادي لعلها تجد من يساعدها، فهبطت من الصفا إلى أن بلغت الوادي، وأخذت تَسعى سَعيَ المجهود حتى وصلت إلى جَبَل المروة، فأخذت تجىء وتذهب بين الصفا والمروة سَبْعَ مرات، فلمّا أشرفت على المَرْوة سمعت هاجر صوتًا، فقالت: أغثنا إن كان عندك غواثٌ؟ فرأت حينها جبريل عليه السلام يضرب بِقَدَمِه الأرض، فظهر من ضربته الماء السَلسَبيل العذب وهو ماء زمزم، فجعلت أم إسماعيل تغرف منه بسقائها والماء يفورُ، وقال جبريل: لا تخافي الضياع فإنَّ لله هنا بَيتًا وأشار إلى أكمة مُرتفعة من الأرض يبنيه هذا الغلام وأبوه. وروى البخاري في صحيحه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم"، أو قال: "لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينًا معينًا"، وشربت هاجر من ماء زمزم الذي تفجر أمامها، وارتوت وأرضعت ابنها إسماعيل وشكرت ربها على فضله وعنايته ورحمته، ثم بدأت الطيور تَرِد ذلك الماء وتَحوم حوله. َومرَّت قبيلةُ "جُرهم" العربية، فرأت الطيورَ تحوم في السماء، فاستدلوا بذلك على وجود الماء، فوصلوا إلى ماء زمزم مستأذنين هاجر أن يضربوا خيامَهم حَول ذلك المكان قريبًا منه، فأذنت لهم واستأنست بوجودهم حولها، وببركة هذا الماء المبارك الذي خلقه الله في ذلك المكان أخذ العمران يتكاثر مِنْ هذه البقعة المباركة الطيبة.